بقيت أتابع على مدار عدّة أيّام مواقع إعلاميّة عالميّة عقب ارتكاب القوات "الإسرائيليّة " لمجزرة على أحد شواطئ غزّة يوم الجمعة الماضي منتظرا ردّة فعل عربيّة قويّة ومشرّفة نظرا لبشاعة الجريمة التي تناقلتها وكالات الأنباء من مكان الحادث ؛لكن يبدوا أنّ معاني الإنسانيّة أصبحت لا معنى لها عندما يتعلّق الأمر بالشّعب الفلسطيني . موقف مخز يضاف لحكّام العرب وسماسرة القرن الواحد والعشرين الذين لم يحرّكوا ساكنا وعدسة الكاميرا تنقل للعالم مجزرة بشعة في حقّ عائلة بأكملها لتعيد للأذهان صورة الشّهيد البطل محمّد الدرّة . صيحات استغاثة وصرخات مؤلمة أدمعت لها عيون المشاهدين أطلقتها البنت هديل التي لم يتجاوز سنّها بعد العشر سنوات حتّى أنّ أقسى النّاس قلبا يأخذه الجزع الأليم عند مشاهدة هذه الصوّر المؤلمة من مكان الحادث. مشهد مرعب مفزع يمثّل إدانة واضحة للسيّاسات العربيّة التي انسلخت عن هويّتها وشعوبها وراحت تبحث عن السّلام الموعود والتّطبيع مع الكيان الصهيوني بإقامة علاقات ومصالح دبلوماسيّة . خيار فاشل في الإنخراط في مسار التّطبيع يتأكّد يوما بعد يوم أمام استمرار الإنتهاكات وعمليّات التّشريد والتّجويع والإعتداء على المقدّسات والأرواح وتحويل المدن إلى سجون ومعتقلات. وصمة عار أخرى في رصيد الأنظمة العربيّة أمام تواصل المجازر الجماعيّة وما ترتكبه قوات الإحتلال من جرائم ضدّ الفلسطينيّين من هدم للبيوت واستيلاء على الأراضي والمياه. مأساة يزداد حجمها وموقف عربيّ وإسلامي صامت حول مايدور في السّاحة الفلسطينيّة في الوقت الذي تحتاج فيه فلسطين لجهد ودعم كلّ عربيّ ومسلم. انتكاسة وإذلال وتخاذل مفضوح للأنظمة العربيّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة يقابله تجذر معاني الشّعور بالقضيّة لدى الأطفال يعطي دفعا قويّا للمقاومة والتّصدّي لعمليّات الإنخراط في مشاريع التطبيع والسّلام .