مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    الرابطة المحترفة الاولى: حكام مباريات الجولة 28.    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري دون تسجيل أضرار بشرية    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    أسعار الغذاء تسجّل ارتفاعا عالميا.. #خبر_عاجل    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    النادي الصفاقسي: 7 غيابات في مباراة الترجي    عاجل/ في بيان رسمي لبنان تحذر حماس..    عاجل/ سوريا: الغارات الاسرائيلية تطال القصر الرئاسي    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    جندوبة: سكان منطقة التوايتية عبد الجبار يستغيثون    عاجل/ هذه البلدية تصدر بلاغ هام وتدعو المواطنين الى الحذر..    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    عمدا إلى الإعتداء على شقيقين بآلة حادة ... جريمة شنيعة في أكودة    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السي ان ان في تقرير عن الجماعات المتطرفة في بلاد المغرب العربي

مع إعلان البيت الأبيض خطة إنشاء قيادة عسكرية موحدة لأفريقيا قبل نهاية 2008 ستكون مكافحة الإرهاب، من دون شكّ، إحدى أبرز مهماتها، ومع تقارير غير مؤكدة وغير دقيقة عن تهديد لفرنسا أثناء فترة الانتخابات، تكون الجماعات المسلحة في المغرب العربي وما لها من علاقات جنوب الصحراء الأفريقية، قد طفت إلى صدارة الاهتمامات لاسيما بعد خمس سنوات، كانت فيها على الأقل جغرافيا، بمنأى عن أشدّ العمليات العسكرية التي تستهدف تنظيم القاعدة في آسيا.
وإذا سلّم الخبراء بأنّ هناك فئتين من الجماعات التي تتخذ من الدين برنامجا لها، أحدهما معتدل والآخر متشدد، إلا أنّه في حكم الواضح أنّ الجماعات المتطرفة لها خطوط التقاء بالجماعات التي عدّت "معتدلة" على الأقل من حيث "المرجعية التاريخية" حتى وإن باتت تعتبرها هي أيضا في خانة الحركات "المرتدة."
وفيما يوفّر على أهمية الضلع الجزائري، أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر مؤخرا تغيير اسمها إلى "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" بناء على "تشاور مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن" وفق ما ورد في بيان للجماعة.
على خلاف جارتيها الشرقية تونس والغربية المغرب، ليس للحركة الإسلامية في الجزائر "عمق تاريخي" بالمفهوم الزمني باستثناء ما عرفت به البلاد من توق إلى "التعريب والدفاع عن الهوية الإسلامية" في مواجهة واحد من أقسى التجارب الاستعمارية التي عرفتها البشرية.
وفي دولة اختارت منذ استقلالها المثال الاشتراكي الصارم الذي يعتمد على الجيش، وفي ظلّ التركيز طيلة أكثر من عقدين من الزمن على "ربح الزمن الضائع" من خلال برامج التعليم التي ارتكزت على "استعادة الهوية العربية والإسلامية" وفي ظلّ جوّ عام من النظر بريبة إلى كل ما هو غربي، شكل التوجه الإسلامي أبرز أفق "للانعتاق" لدى الجزائريين.
وأقر الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد عام 1988، تحت تأثير الظرف العالمي الذي شهد انهيار حائط برلين والمعسكر الشرقي، تعديلا أنهى سلطة الحزب الواحد المتمثل في حزب جبهة التحرير وهو ما أدى إلى إنشاء عشرات الأحزاب كانت الأحزاب الدينية أقواها ولاسيما جبهة الإنقاذ الوطني التي تزعمها عباس مدني وعلي بلحاج.
غير أنّ الجيش، سرعان ما تفطّن إلى "ما يمكن أن ينتج عن الجديد" فعمت الفوضى ودخلت البلاد حربا أهلية شهد انشقاق حركات "فرعية" عن جبهة الإنقاذ سرعان ما اندثر أضعفها وبقي منها حركتان أساسيتان هما الجماعة المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال.
وفيما لا يعرف أي فرق أيديولوجي بين الجماعتين، يرجح فريق من الملاحظين أنّ صراع زعامات هو فقط الذي لا يجمعهما.
فيما يعتقد خبراء أمنيون أنّ الفرق في الأهداف هو الذي يفصل الجماعتين حيث تركز الجماعة المسلحة على الأهداف المحلية فيما للجماعة السلفية للدعوة والقتال بعد "كوني يجعلها على علاقة وثيقة بتنظمي القاعدة."
ويعتقد خبراء أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال خفضت من هدفها الأصلي وهو الإطاحة بالحكومة لصالح استهداف الغربيين والترويج لعملياتها من خلال استخدام مهارات متزايدة في الانترنت.
وقال أوليفييه روي وهو خبير في شؤون التشدد الإسلامي بالمركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية إن الجماعات المتشددة المسلحة في الجزائر والمغرب من غير المرجح أن "تقوم بالدور الأساسي" في تحدي سلطة الدولة لان هناك قوى سياسية أخرى تعمل في تلك البلاد.
وفيما باتت "أخبار" الجماعة المسلحة نادرة، تزايدت في الآونة الأخيرة التقارير عن أنشطة للجماعة السلفية للدعوة والقتال ولاسيما في غضون السنوات الثلاث الماضية، حيث نفذت أعمالا مسلحة في الصحراء والنيجر ومالي وتشاد وكذلك في موريتانيا.
لى أنّ التقارير تشير أيضا إلى أنّ الجماعة "منكهة" بفعل الاستنزاف ومقتل رموزها مثل نبيل صحراوي واعتقال "خلفائه" مثل عماري صيفي المعروف بالبارا وهو ما أدى، وفقا للسلطات الجزائرية، إلى تضاؤل أعداد أعضائها من 28 ألفا أواسط التسعينات إلى نحو 800 حاليا.
على أنّ "خطورة العنف" الذي تمارسه الجماعة القريبة جدا من الغرب(أوروبا) وكذلك "مغاربية" نشاطها في الآونة الأخيرة، و"الخبرة" التي أحرزتها في مواجهتها، تجعل منها "خطيرة" في كل الأوقات.
تختلف تجربة المغرب مع الحركات الإسلامية من حيث "العمق التاريخي" و"قانونية أنشطتها" عن بقية دول المغرب العربي، غير أنّ نقاط تشابه تجمعها بتجربة الجزائر من حيث انتهاؤها إلى حركتين تركز إحداهما على البعد المحلي فيما للثانية علاقات بتنظيم القاعدة.
فقد كان المغرب سباقا في هذا المجال حيث شهد صداما بين "الشبيبة الإسلامية" والنظام الملكي منذ الستينات، قبل أن يتمّ تأسيس حركتين هما "حركة العدل والإحسان" و"حركة الإصلاح والتجديد" على أنقاض الشبيبة الإسلامية في بداية الثمانينات.
ومع إجراء تعديلات دستورية فتحت الباب أمام التعددية الحزبية كان للحركتين الإسلاميتين حضور واضح في الحياة العامة.
ويقول محللون إنّ كون طبيعة النظام في المغرب غير جمهورية، جعل من "الطموح نحو كرسي السلطة" أمرا ممكنا للجميع على خلاف الأنظمة الجمهورية في الدول العربية التي تتميّز بشدة قبضة الأحزاب فيها على مقاليد الحكم.
ونجح الإسلاميون في الفوز بانتخابات بلدية غير أنّ الفشل كان نصيبها وهو ما فسره الملاحظون على أنها كانت خطة "ذكية" من العاهل المغربي الراحل بحيث وضعهم في فوهة بركان من حيث التعاطي مع تفاصيل الحياة اليومية التي لا يدركون كيفية التعاطي معها.
وقال محمد زيتوني وهو محلل سياسي مغربي إنّه وفي "الظاهر يمكن الفصل بين الحركات الإسلامية في المغرب من حيث اعتدالها وتشددها، ولكن لا يمكن فعليا التغاضي عن أفكار "ما يعدّ معتدلا" هي التي شكّلت الخطوة الأولى باتجاه الجيل الجديد من المتطرفين."
وأضاف أنّ أغلب متشددي الجماعتين الإسلاميتين في المغرب لهم عرى وثيقة مع حركة العدل والإحسان مثلا.
ولذلك فإنّ الحكومة المغربية بدأت عام 2004 إصلاحات في وزارة الأوقاف وكذلك في تشريعات تتعلق بالمرأة.
وبالتوازي مع ذلك حكمت على أكثر من ألف شخص، 900 منهم بالسجن في تهم تتعلق بالإرهاب بعد هجمات هزت مدينة الدار البيضاء في مايو/أيار 2003.
وكشفت الهجمات عن وجود جماعتين هما "السلفية الجهادية" التي قالت السلطات إنها تقف وراء الأعمال الانتحارية وكذلك "الجماعة المقاتلة الإسلامية المغربية" ذات الارتباط الدولي بتنظيم القاعدة.
وإذا كان الغرب يتخوف من الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية "لخبرتها" القتالية وقربها من أوروبا، فإنه يتخوف من العناصر الإسلامية المتشددة المغربية بحكم ما عرف عن المغربيين من "تعلق مفرط بهويتهم" ورفضهم سياسات الاندماج التي تشجع الحكومات الغربية المهاجرين عليها.
وأحصت أجهزة الاستخبارات الغربية عديد العناصر المغربية أو من أصل مغربي مثل "الانتحاري رقم 20" في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 زكريا الموسوي وكذلك في ألمانيا في خلية فراكفورت الشهيرة مثل منير المتصدق أو عبد الغني المزودي.
كما كشفت التحقيقات في إسبانيا أنّ عناصر مغربية تنتمي للجماعة المقاتلة شاركت في الهجمات التي هزّت مدريد في 11 مارس/آذار 2004.
وفي الآونة الأخيرة قالت السلطات الإسبانية إنّ المغربي مبارك الجعفري أشرف على تدريبات في معسكرات تابعة لتنظيم القاعدة في أفغانستان عام 2001 وهو ينشط حاليا في مجال استقطاب انتحاريين ومقاتلين يتم إرسالهم إلى العراق.
تتماثل التجربة التونسية مع الحركة الإسلامية مع المغرب من حيث "الامتداد التاريخي" ومع الجزائر من حيث كيفية التعاطي السياسي والأمني.
فقد شاركت شخصيات ذات نفس إسلامي في حركة التحرير بتونس منذ عقد العشرينات من القرن الماضي وأبرزها الشيخ عبد العزيز الثعالبي قبل أن "يزيح" الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الوجوه "الزيتونية"(نسبة إلى تحصيلها العلمي في جامع الزيتونة) ويؤسس برنامجه من أجل التخلص من الاستعمار على أساس "مدني علماني" واستمر في ذلك مع استقلال البلاد عام 1956.
وحتى أواخر السبعينات من القرن الماضي كانت التجاذبات السياسية في تونس بين الحكومة التي يسيطر عليها الحزب الاشتراكي الدستوري(التجمع الدستوري الديمقراطي حاليا) والاتحاد التونسي للشغل وحركات يسارية سرية.
ومع وصول البلاد إلى أزمة اقتصادية عميقة في بداية الثمانينات مع تصاعد "حرب خلافة بورقيبة" وجد وزير التربية الذي تمّ تعيينه آنذاك رئيسا للحكومة محمد مزالي، ذو النفس العروبي، الفرصة مواتية لإعلان التعددية السياسية في مسعى للتنفيس السياسي.
غير أنه تمّ إقصاء الإسلاميين من إضفاء الشرعية على نشاطهم فأسسوا حركة تدعى "الاتجاه الإسلامي" اختارت العمل السري.
كما شهدت تونس تأسيس فرع لحزب التحرير الإسلامي المعروف أنه يأمل الاستيلاء على السلطة بواسطة الانقلاب.
غير أنه سرعان ما تمّ تفكيكه قبل أن يعلن قبل بضعة أسابيع وجوده في تونس من دون أن يتمّ التأكد من دقة ذلك.
وبعد أن غيرت حركة الاتجاه الإسلامي اسمها إلى حركة النهضة، تماشيا مع دستور البلاد الذي يحظر إنشاء الأحزاب على قاعدة دينية أو لغوية أو عرقية، وقعت على وثيقة "الميثاق الوطني" بعد صعود الرئيس الحالي زين العابدين بن علي إلى السلطة في انقلاب غير دموي وشاركت في لائحات مستقلة في أول انتخابات تجري في عهد الرئيس الحالي.
وكشفت تلك الانتخابات عن صعود التيار الإسلامي الذي حاز، وفقا لأرقام غير رسمية، على نحو ربع نسبة الأصوات وهو ما جعل السلطات التونسية تدخل في مواجهة حاسمة معه أدت فيما بعد إلى إدخال أغلب أعضائه السجن والمنفى.
ويجدر القول إنّ "الخصوصية" التونسية التي تتمثل في كثير من مناحي الحياة انعكست بدورها في التعاطي مع "الظاهرة الإسلامية" في مجتمع غلب عليه التحديث حتى "التغريب" مثلما يصر على ذلك النشطاء الإسلاميون.
فعلى خلاف الجزائر والمغرب، يرفض المجتمع التونسي، ناهيك عن السلطات الحاكمة، أي نفس "وهابي منغلق" في الحركات الدينية حيث أن تونس تعدّ واحدة من أبرز العواصم الإسلامية في التاريخ مثل القاهرة وبغداد ودمشق فضلا عن كون الكثير من علمائها شكلوا مرجعية "للشرق الإسلامي" مثل الطاهر بن عاشور وكذلك شيخ الأزهر خضر حسين التونسي.
غير أنّ تلك "زيف الخصوصية" انكشف عندما اهتز منتجع جزيرة جربة على عملية انتحارية في أبريل/نيسان 2002 نفذها تونسي بأمر من مهندس هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 خالد شيخ محمد بواسطة هاتف جوال من مخبئه في باكستان.
وشكّلت تلك العملية صدمة في دولة تقدم نفسها "عصيّة" على الإرهاب.
غير أنّ المحلل السياسي عادل منتصر يشدد على أنّ هجوم جربة ليس دليلا على وجود القاعدة في تونس لأنّ من نفذها قدم خصيصا من خارج تونس كما لم يثبت أي تورط لتونسي من داخل البلاد فيها.
ولا تتوفر في مواقع الشبكة الإلكترونية وكذلك في وثائق الاستخبارات المعلنة أي إشارة إلى وجود تنظيم مسلّح متشدد في تونس باستثناء ما تداولته أجهزة استخبارات غربية عن وجود تنظيم على علاقة "بأنصار السنة" سرعان ما تبين لاحقا أنه غير دقيق أو في أفضل الأحوال فإنّ الأمر ربما يتعلق بتنظيم تونسي متشدد مجهول خارج البلاد.
وللمفارقة فإنّ عددا من "أبرز وجوه تنظيم القاعدة" في خارج تونس هم تونسيون "تميّزوا" أكثر من غيرهم في تنفيذ عمليات "نوعية" كان لها أثر مأساوي.
فقد أثبتت التحقيقات أنّ من اغتال قائد تحالف الشمال الأفغاني أحمد شاه مسعود هما "صحفيان مزيفان" تونسيان.
وشكّلت عملية الاغتيال تلك منعرجا في التناحر بين الفصائل الأفغانية.
وفي فبراير/شباط 2006 فجّر تونسي من عناصر تنظيم القاعدة، وفقا للسلطات العراقية، وجرى اعتقاله، ويدعى "أبوقتادة التونسي" قبّة الإمامين الهادي والعسكري مما شكّل حسب الكثير من المحللين منعرجا صوب حرب أهلية في العراق.
كما يقول المحققون الإسبان إنّ مخطط الهجوم على مدريد في 2004 تونسي.
وتزامنت نهاية 2006 وبداية 2007 مع "اشتباكات مسلحة" في تونس بين قوات الأمن هناك مدعومة بالجيش، وعناصر "مجرمة" وفقا للسلطات التونسية التي قالت لاحقا إنّها على علاقة بعناصر "سلفية" في الجزائر.
وحتى البيان المجهول الذي تبنته جماعة أطلقت على نفسها اسم "شباب التوحيد والجهاد بتونس" تبين لاحقا وفقا للسلطات التونسية، وكذلك خبراء مستقلين، زيفه.
غير أنّ الحديث عن تنظيم بالمعنى الحرفي للكلمة يبدو مبالغا فيه على الأقل حتى وفي ظل شح المعلومات المتوفرة بما فيها تلك التي أعلنتها الحكومة التونسية.
وحتى ما أعلنته الحكومة التونسية في بداية الاشتباكات من أنّ الأمر يتعلق بمخطط "لضرب سفارات أجنبية" قالت تقارير لاحقة إنهما سفارتا بريطانيا والولايات المتحدة، يبدو موضع تساؤل لدى الكثير من المحللين لاسيما أنّ المحكمة التي مثلت أمامها دفعة ممن تمّ اعتقالهم على خلفية تلك الأحداث، لم توجه لها تهمة الإعداد لضرب سفارات وإنما "محاولة لقلب نظام الحكم."
وقال المحامي عبد الرؤوف العيادي الذي يتولى الدفاع عن بعض منهم إنّ عددا من المتهمين كان رهن الاعتقال أو "الاختفاء" عند وقوع تلك الأحداث.
ويقول أوليفييه روي الخبير الأمني الفرنسي "المجهول هو تونس. في تونس من الواضح أن الحكومة تمكنت من إحداث فراغ سياسي وهو ما ليس متحققا في الجزائر أو المغرب...هناك قدر كبير من الاستياء حتى بين الطبقات الوسطى العلمانية (في تونس) حاليا. لذلك أعتقد أن الطريق ممهد الآن بشكل أفضل للحركات المتشددة في تونس رغم ذلك."
وذكر مسؤول أمريكي على اطلاع بالمنطقة عن تونس "نحن قلقون. هذه الموجة الأخيرة من الاضطرابات في تونس تمثل جرس إنذار نوعا ما.. دعونا لا ننسى تونس."
ومضى يقول "إن لديهم نفس الشبان الذين اتجهوا للتشدد ونفس نوع الجماعات الإرهابية المناهضة للحكومة بشكل تراكمي تماما مثل الدول المجاورة الأخرى في شمال أفريقيا."
ليبيا وموريتانيا:
يتشابه الوضع في كل من ليبيا وموريتانيا ويختلف نسبيا عن الوضع في بقية دول المغرب العربي.
فعلى خلاف تونس والمغرب والجزائر، لم تشهد ليبيا عملية مسلحة بالمعنى الدقيق للكلمة، كما أنّ الأعمال المسلحة التي شهدتها موريتانيا لم تكن "إرهابية" أو ذات "خلفية إسلامية متشددة."
على انه يجدر التذكير بكون كلا البلدين يحتوي على وجود "بشكل أو بآخر" لعناصر "متشددة" حتى وإن كانت لا ترتبط بتنظيم القاعدة.
ففي موريتانيا، قالت السلطات إنّ "لجهاديي" الحركة الإسلامية الموريتانية "علاقة" بالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية .
وحاكمت نواكشوط حوالي خمسين اسلاميا موريتانيا متهمين بإقامة علاقة مع شبكة القاعدة التي اعلنت الجماعة السلفية ولاءها لها.
وقالت السلطات إنّ هؤلاء "تدربوا على المعارك في مخابىء الجماعة السلفية للدعوة والقتال."
وخاض هؤلاء الجهاديون في 2004 و2005 معارك ضد الجيش المالي وضد الجيش الجزائري.
وفي 2003، خطفت الجماعة السلفية للدعوة والقتال 32 سائحا أوروبيا في الصحراء الجزائرية.
وقال المحلل الموريتاني أبيه ولد الشيخ إنّ الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التي سبق أن أعلنت هجومها على قاعدة للجيش الموريتاني، ترى في موريتانيا هدفا "مهما" بالنظر لما تمثله من معبر نحو أفريقيا وهي التي لطالما كررت نواياها في تأسيس خلايا في القارة السمراء.
وأضاف أنّ أخطر عضو، ترى فيه موريتانيا التهديد الأكبر لها وللغرب في أفريقيا، هو مختار بلمختار المعروف بلقب "بالاعور" والذي انشق عن الجماعة السلفية للدعوة والجهاد ويقوم بعمليات تهريب في الصحراء الجزائرية والدول المجاورة.
وفي ليبيا، ألقى نظام القذافي بتبعاته على كل شيء بما فيها "وجود التيارات الإسلامية" حيث يعتبر كلّ من ينشط سياسيا باسم الإسلام "زنديقا" ويصر في بياناته على اعتبار تلك العناصر "زنادقة لا علاقة لهم بالإسلام."
وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وضمن الحرب على الإرهاب طفت على السطح أسماء "قياديين مهمين" في تنظيم القاعدة من الجنسية الليبية من ضمنهم أبو فرج الليبي وأبويحيى الليبي.
وفيما يغيب أي توثيق لتلك الحركات في ليبيا إلا أنّ الاستخبارات الغربية ولاسيما الأمريكية صنّفت "الجماعة الإسلامية المقاتلة" في خانة الجماعات الإرهابية.
وفي الآونة الأخيرة قالت تقارير إنّ نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام يعقد مفاوضات مع أعضاء من هذه الجماعة لإقناعهم بنبذ العنف و"العودة إلى البلاد" والمشاركة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.