اشكرك جزيل الشكر على الرسالة الطيبة وما تفيض به من عبارات الود والثناء، ولا غرو أن يطيب فرع طاب أصله ومنبته، فتونس بلد طيب { والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه } وهي منارة الحضارة الإسلامية وجوهرة العلم والثقافة في هذه الربوع وقد أنجبت تونس نخبة من عظماء التاريخ و أكابر فقهاء الإسلام ممن ووضعوا بصماتهم الواضحة على جبين الحضارة الإسلامية، أو ليست تونس أرض الإمام سحنون شيخ المالكية وإمامها وابن أبي زيد القيرواني: مالك الصغير، وأبيعمران الفاسي الإمام الأكبر لمؤسسي دولة المرابطين التي أخرت سقوط الأندلس أربعة قرون؟ وبقيت تونس تضخ في جسم الأمة المسلمة دماء الحياة، كلما احتاجت هذه الأمة إلى دم جديد، بما تنجبه من علماء افذاذ اضطلعوا بوظيفة تجديد الدين على أحسن صورة، و لم يكن الإمام المجدد الطاهر بن عاشور آخرهم لقد شعرت وأنا أتملى جمال سور القيروان وأدلف إلى مسجد عقبة بن نافع الفهري، وأخطو في شوارع تونس القديمة: " القصبة" وأقلب نفائس مخطوطات المكتبة الوطنية في مكانها القديم، وأكرر مع جماعة مسجد القيروان بعد صلاة العصر " الوظيفة" بحالة من العزة والشموخ والتواصل الوجداني والروحي بسلف هذه الأمة، حيث ما تزال شواهد التاريخ ناطقة، وأحرفه معالم حضارية لا تحتاج إلى ترجمان، يقرؤها المسلم كما يقرأها السائح الغربي وقد لمست بنفسي ذلك الانفتاح السياسي والمناخ الفكري الذي استجد في تونس، مما أغراني بالتنقل بين مدنها وزيارة أحد المؤرخين الفضلاء في مدينة مساكن ففتح لي قلبه وبيته وغمرني بكرم ضيافته وجميل عطفه وإحسانه حتى شعرت أنني بين أهلي وعشيرتي، وقد أهداني كتبا أعياني طلبها في دول أخرى إضافة إلى وثائق تاريخية تثبت نسبه، مما يشي بكرم الشعب التونسي وتمسكه بأصالته ودينه . شكرا لك ولتونس وأهلها محمد المهدي ولد محمد البشير 19 جانفي 2008 المصدر : مدونة الباحث الموريتاني