تنشر «الصباح» اليوم الجزء الثاني من رأي الأستاذ جمال بورخيص الخبير الاقتصادي حول مشروع قانون المالية لسنة 2018 بعد أن نشرنا في عدد الاربعاء 15 نوفمبر جزءه الأول. حرصا من الحكومة على تجسيم الأولويات الإستراتيجية التي تضمنتها وثيقة قرطاج حسب ما أعربت عنه من خلال تقديمها لمشروع قانون المالية لسنة 2018 حيث تم تصميم هذا المشروع بهدف دفع الاستثمار ومواصلة التحكم في عجز الميزانية وترشيد النفقات ودعم الموارد الذاتية للدولة وذلك بالاعتماد أساسا على أحكام جبائية ترمي إلى التشجيع على الادخار ودعم القدرة التنافسية للمؤسسات وتوسيع قاعدة تطبيق الأداء ومواصلة مقاومة التهرب الجبائي ومكافحة التهريب وحماية المنتوج الوطني وترشيد التوريد للحد من عجز الميزان التجاري بيد أنه يلاحظ أن عديد الفصول المقترحة بمشروع قانون المالية لسنة 2018 قد حفت بها مخاطر جسيمة تهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد مما يستوجب مراجعتها وتصحيح مسارها وذلك عبر إثراء وتطعيم هذا المشروع بمقترحات تندرج أساسا ضمن مسار منظومة الإصلاح الجبائي التي أقدمت عليها البلاد دعما للمصالحة الجبائية بين الإدارة والمطالب بالأداء وتخفيفا للعبء الجبائي وبيان ذلك كما يلي: -II- حول المقترحات المتعلقة بدعم المصالحة بين الإدارة والمطالب بالأداء وتخفيف العبء الجبائي عليه: 1- ضرورة تنفيذ قرار التوظيف الإجباري بعد صدور حكم ابتدائي: محافظة على القدرات المالية للمؤسسات وسيولتها ودرءا لمخاطر التوظيف الإجباري المشط وانعكاساته على الوضعية المالية للمؤسسات فإنه يتعين اليوم تنقيح الفصل 52 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية بما يؤجل تنفيذ قرار التوظيف الإجباري وذلك بدفع 10 % من أصل الأداء المحكوم به صلب الحكم الابتدائي أو تقديم ضمان بنكي بنفس المبلغ. 2- حول ترشيد أعمال لجان المصالحة الجبائية: على الرغم من أهمية لجان المصالحة الجبائية المحددة بموجب الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2017 كدعامة أساسية لضمان حقوق المطالب بالأداء وتيسيرا لدعم المصالحة مع إدارة الجباية فإن الإجراءات المنظمة لأعمال هذه اللجان قد شابتها بعض النقائص الجوهرية التي قد تفقدها فاعليتها وتحول دون بلوغ الأهداف المرجوة منها. ذلك أنه قبل صدور القانون المنظم لهذه اللجان وعملا بأحكام الفصل 60 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية، الذي تم إلغاؤه بموجب الفصل 46 من قانون المالية لسنة 2017، فإن جميع النزاعات المعروضة على المحاكم الابتدائية والمتعلقة بالاعتراضات على قرارات التوظيف الإجباري كانت تخضع وجوبا بينما أصبح الصلح محصورا في الملفات التي استوفت الإجراءات المنصوص عليها بالفصلين 44 و44 مكرر من نفس المجلة بناء على طلب كتابي معلل من المطالب بالأداء أو بمبادرة من إدارة الجباية في حين أن الفصل 3 من الأمر عدد 3485 لسنة 2014 المؤرخ 19/07/2014 قد مكن الموفق الجبائي من حقه في مبادرة صلحية مما يستوجب تنقيح الفصل 122 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية بما يجيز تعهد لجان المصالحة بالملفات بمبادرة أيضا من الموفق الجبائي بناء على طلب معلل من المطالب بالأداء. 3- حول ترشيد إجراءات المراجعات الجبائية: في إطار إرساء مزيد من الشفافية في المعاملات الإدارية ولغاية تكريس مبدأ المواجهة. لذا يقترح إدراج إجراء جبائيا إضافيا بسير عملية مراجعة الوضعية الجبائية للمطالبين بالأداء يتمثل في وجوب تحرير محضر ختم عملية المراجعة الجبائية قبل إصدار الإعلام بنتائجها. يتضمن كل الإخلالات التي تعتزم الإدارة اعتمادها لتعديل الوضعية الجبائية للمطالب بالأداء وإدراجها ضمن الإعلام الذي سيوجه للمعني بالأمر في وقت لاحق. مما يمكن الإدارة من حصر عناصر التوظيف في الإخلالات التي لم يقدم المطالَب بالأداء مؤيدات أو توضيحات بالرغم من مناقشتها بصفة مباشرة. 4- الإجراءات المتعلقة بتعصير المحاسبة وترشيد مسك الوثائق الإدارية: حيث أجبر الفصل 11 من القانون ع112دد لسنة 1996 المتعلق بنظام المحاسبة للمؤسسات ضرورة مسك الدفتر اليومي ودفتر الجرد مؤشرا عليهما من قبل كتابة المحكمة التي يوجد بدائرتها مقر المؤسسة وتحرر هذه الدفاتر دون ترك أي بياض وبلا تغيير مهما كان نوعه. بيد أن المسك اليدوي لهذه الدفاتر قد يحدث مخاطر جسيمة تمس بمصداقية وثائق المحاسبة ودفاترها باعتبار أن الكتابة بخط اليد يشوبها عادة الغموض مما يتجه معه ضرورة إعفاء المؤسسات التي تمسك محاسبتها بواسطة الحاسوب من اعتماد الدفاتر اليدوية. 5-حول ضرورة إلغاء الفصل 34 من قانون المالية لسنة 2017: حيث أن ما أقره الفصل 34 من قانون المالية لسنة 2017 قد أحدث مخاطر جبائية تتعلق بالمؤسسات الموردة لبضاعتها من بلدان مصنفة ملاذات جبائية حيث تم حرمانها من طرح الأعباء المتعلقة بهذه الواردات سوى من قاعدة الأداء على المداخيل أو كذلك من طرح الأداء على القيمة الموظف عليها عند التوريد وحيث، أن هذا الإجراء يعد فريدا من نوعه بالعالم حيث أن جميع الدول المنخرطة في مقاومة التهرب الجبائي على غرار فرنسا تقبل بهذه الأعباء طالما توفرت الأدلة القاطعة حول الوجود الموضوعي لهذه العمليات مما يتجه معه ضرورة إلغاء هذا الفصل. 6- ضرورة تنقيح الفصل 10من مجلة الأداء على القيمة المضافة بما يمكن من طرح الأداء الموظف على السيارات دون 9 خيول ومصاريف صيانتها. (*) الخبير الاقتصادي