يحيي الشعبان التونسي والجزائري اليوم 8 فيفري الذكرى ال«60» لأحداث ساقية سيدي يوسف التي مثلت طيلة هذه السنوات حلقة مضيئة من حلقات البطولة التي امتزجت خلالها دماء الشعبين الجزائري والتونسي، وموعدا سنويا يستلهم منه التونسيون والجزائريون تاريخ النضال والمقاومة المشتركة ويؤكدون فيه روح التآخي والتضامن والمصير الواحد الذي تجسد باستشهاد 79 مدنيا من بينهم 11 امرأة و20 طفلا وأزيد من 130 جريحا من تونس والجزائر في جريمة جاءت كردة فعل ثأرية من قوات الاحتلال الفرنسي التي قصفت طائراته سوقا أسبوعية بالمنطقة انتقاما لمقتل 16 عسكريا من جيشها وأسر 4 آخرين في معركة «جبل الواسطة» يوم 11 جانفي 1958. إن أحداث ساقية سيدي يوسف التي وصفها العالم ب»المجزرة الرهيبة» والتي لم تتأخر الحكومتان والشعبان في تونس والجزائر على إحيائها كل عام، كان لها الأثر الكبير على تلاحم البلدين والشعبين وقتها وطيلة ال 60 سنة اللاحقة حيث مثلت أحداث الساقية أحد رموز الالتحام والنضال المشترك للشعبين التونسي والجزائري في سبيل التحرر انطلق من دعم تونس للثورة التحريرية الجزائرية ليصل إلى تلاحم غريب بين البلدين والشعبين يظهر على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. روابط تآخ وتضامن تجسدت أكثر فأكثر بعد إنشاء جبهة الدفاع المشترك، بموجب اللائحة التاريخية التي صادقت عليها التشكيلات السياسية، ممثلة في جبهة التحرير الوطني وحزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي، خلال أشغال ندوة طنجة المغربية أيام27 و28 و29 أفريل 1958 وخرج المجتمعون ببيان مشترك يؤكد دعم تونس والمغرب للثورة الجزائرية. إن الاحتفال بذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف التي امتزجت فيها دماء الجزائريين والتونسيين من أجل هدف مشترك وهو الحرية والكرامة والانعتاق، هي أكثر من مناسبة متجددة كل سنة نقف خلالها شاهدين على متانة العلاقات التونسية الجزائرية وعراقتها، بل هي أكثر من حادثة وتاريخ مهم في ذاكرة الشعبين.. هي في الأساس حافز للأجيال المتعاقبة للمضي بعزم على درب بناء مستقبل يستجيب لتطلعات الشعبين للرقي والتكامل والتضامن وتأكيد المصير المشترك الذي يربط بين البلدين والشعبين الشقيقين.. هي كذلك المستقبل الذي نأمل أن لا يكون ثنائي الأبعاد فحسب بل أن يتوسع أكثر ليعطي دفعا ومكانة أكبر لمنطقة المغرب العربي ككل في حتمية التعاون والتكامل المغاربي والاندماج بين دوله من أجل نهضة اقتصادية وتنموية مشتركة لن تتحقق إلا بوجود إرادة سياسية تدفع إلى إحياء اتحاد المغرب العربي وتغلب مصالح المنطقة على مصالح الدول منفردة.