وضعية عدد من المرافق العمومية محور اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيّد برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري (فيديو)    في تونس، السفير الإيطالي يحتفل بعيد الجمهورية ويدعو إلى شراكة متوسطية أقوى    "فيتو" أميركي يوقف مشروع قرار لوقف النار بغزة    ارتفاع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية في عيد الأضحى : المعهد الوطني للرصد الجوي يحذّر من موجة حر مطوّلة بعدد من المناطق    بدء تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    الترفيع في منحة الخدمة المدنية للأطباء الشبان ومنظمتهم ترحب بالقرار وتعتبره "بداية تفاعل"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    أخبار النادي الصفاقسي .. الحبوبي والزايدي يغادران    أولا وأخيرا .. إمضاء البائع وطابع الصيدلية    مع الشروق : عندما يصبح رغيف الخبز طعما للموت    10 سنوات سجن وخطية مالية لإطار بنكي استولى على أموال    الأضحية بين العادة والعبادة    أخصائية في التغذية ل«الشروق»...نصائح لتفادي الأخطاء الغذائية!    تونس والدنمارك: شراكة استراتيجية تتعزز بفتح سفارة جديدة في تونس    عاجل:روعة التليلي تهدي تونس الذهبية الثانية في ملتقى الجائزة الكبرى للبارا ألعاب القوى بباريس    الصوناد توصي بترشيد إستهلاك المياه يوم العيد    انتصر على "الجي آس كا".. مستقبل المرسى بطلا للرابطة الثانية    البنك المركزي يدعو لتأمين استمرارية عمليات السحب من الموزّعات خلال العيد    بن عروس: تشديد الرقابة الاقتصاديّة على محلات بيع اللحوم الحمراء مع اقتراب عيد الأضحى    مصالح الديوانة بميناء حلق الوادي الشمالي تحجز كميات هامة من المواد المخدرة    رواية "مدينة النساء" للروائي التونسي الأمين السعيدي.. يوتوبيا مضادة في مواجهة خراب الذكورة    السيارات الشعبية في تونس: شروط الشراء، مدة الانتظار، وعدد السيارات المورّدة سنويًا    وزارة الحج والعمرة توجه نصائح هامة لضيوف الرحمن خلال مبيتهم في منى    عاجل -مدنين: حجز هواتف مهرّبة بقيمة 800 ألف دينار في عملية نوعية على الحدود!    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    ظهورها ينذر بالكوارث.. العثور على "سمكة يوم القيامة" على شاطئ أسترالي    ألمانيا: إجلاء آلاف الأشخاص بسبب اكتشاف قنابل تعود للحرب العالمية الثانية    عاجل: وزارة التربية تنشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لتلاميذ البكالوريا عبر هذا الرابط    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    صادم/ الإحتيال على الناس يطال الحج!!    يوم عرفة: توصيات هامّة من مفتي الجمهورية ودعوة لتجديد العهد مع رسول الله.. #خبر_عاجل    نداء عاجل من أعوان هذه الشركة لصرف أجورهم قبل عيد الأضحى    رولان غاروس: الامريكية كوكو غوف تتجاوز مواطنتها ماديسون كيز وتبلغ المربع الذهبي    لأول مرة: تمكين 200 حاج تونسي من ساعات ذكيّة لتحديد مواقعهم ومُتابعة حالتهم الصحية..    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    على خلفية أحداث النهائي: تسليط جملة من العقوبات على الترجي الرياضي والملعب التونسي    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    توصيات هامة لضمان سلامة الأضاحي و تخزين اللحوم..    الكاف: وزير التربية يتابع سير بكالوريا 2025    عاجل/ هذا الفريق يعلن رسميا عن موعد عقد جلسته العامة الانتخابية..    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    من 28 جوان إلى 8 جويلية 2025: برنامج الدّورة 49 لمهرجان دقة الدّولي    نسور قرطاج يحطّون الرحال في فاس: مواجهة نارية أمام المغرب بحضور 40 ألف متفرّج    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    منوبة: بلدية هذه المعتمدية تُعلن عن موعد رفع الفضلات والجلود بمناسبة عيد الأضحى 2025    مسجد باريس الكبير: اغتيال التونسي هشام ميراوي جريمة إرهابية معادية للإسلام    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    صور: وزير الشؤون الدينية يعاين ظروف إقامة الحجيج التونسيين بمكة المكرمة    الحجاج يتوجهون الى مشعر منى لتأدية التروية…    مجلس وزاري مضيّق يتخذ هذا الاجراء..#خبر_عاجل    عاجل/ خامنئي يحسمها ويعلن..    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    نتنياهو: الثمن الذي ندفعه في الحرب باهظ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلمان تونسي... هل يذكرون؟
نشر في الصباح يوم 27 - 03 - 2018

من شأن المشاهد القادمة من مجلس نواب الشعب أن تدفع الى تدمير بقية من أمل في النفوس بشأن خروج البلاد من النفق المظلم الذي طال أمده.. لن نتوقف عند الحروب الكلامية التي تحول معها مجلس نواب الشعب الموقر الى حلبة للمصارعة غيرالشريفة فقد يعتبرالبعض أن في تلك المشاهد التي تابعها التونسيون على المباشر تتكرر في مختلف برلمانات العالم وهي دليل على أن ديموقراطيتنا الناشئة بخير وأن التجربة التونسية على الطريق الصحيح, وفي ذلك- في الحقيقة مجانبة للصواب بل هي كلمة حق يراد بها باطل لان الحقيقة غير ذلك وقد وجب الاعتراف أن ديمقراطيتنا عليلة وأنها باتت مستعصية على كل الحلول. كما أن الترويج لغير ذلك هو هروب الى الامام واصرارعلى المضي قدما نحو المجهول.. ولاشك أن في التوجه لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب ما يعزز هذه القناعة ويؤكد أن الامر لا يتعلق بالمعركة من أجل الديموقراطية ولكن المعركة من أجل المواقع وهي المعركة التي لم تغب يوما عن الاحزاب الممثلة في مجلس نواب الشعب سواء منها الاحزاب الائتلافية الحاكمة أو الاحزاب المعارضة والتي تشترك في عقلية الغنيمة التي تسيرها بقطع النظرعن حجمها ووزنها في المجلس..
لسنا نريد العودة الى ما سجلته قاعة المجلس من افلاس للقيم والمبادئ. وقناعتنا رغم كل الماسي أن السياسة اخلاق ايضا. وسياسة بلا أخلاق تبقى عنوانا للتدميرالممنهج والفوضى, والاخلاق السياسية تعني الانتصارللقانون الذي بدونه يستوي الانسان بالحيوان ويسود قانون الغاب..
ما يحدث في المشهد السياسي في بلادنا اليوم لا يمكن ان يدفع الى الحياد الغبي ازاء ما يحدث في المؤسسة التي يفترض أنها القلب النابض للديمقراطية الفتية.. وعندما تتواترالخيبات ويصبح العبث والخذلان عنوانا مالوفا في المشهد السياسي فان النتيجة ستكون حتما النفور والعزوف والاشمئزاز..
الحقيقة أنه وجب الاعتراف اليوم بأن من خططوا للمهزلة التي سجلها مجلس نواب الشعب نهاية الاسبوع نجحوا بامتياز وتفوقوا على كل عباقرة المسرح لينتجوا أسوا ما يمكن تقديمه للمشاهد.. تونس اليوم عليلة بسبب نخبها وسياسييها واحزابها وتوافقاتهم غيرالبريئة التي تتضح اليوم للعيان قبيحة شكلا ومضمونا وأهدافا..
الواقع أيضا أننا اليوم نجد أنفسنا مدفوعين للمقارنة بين ذلك الجيل الذي ولد رغم قبضة الاستعمار ونجح في جمع التونسيين حوله من اجل برلمان تونسي أوهذا الاقل ما قرأناه في كتب التاريخ وتعلمناه على مقاعد الدراسة في المدرسة العمومية التونسية وسمعناه من اجدادنا وابائنا ومن كان لهم شرف المشاركة في معركة التحرير من أجل الاستقلال, وبين جيل الديمقراطية الناشئة الذي لم يكتب له الخلاص من حالة المراهقة السياسية التي استبدت به.. ولا ندري ما الذي سيتم ادراجه في كتب تاريخ تونس المعاصرعندما يتم وضع برنامج الاصلاح التربوي للاجيال القادمة وهل سنشهد الغاء كل ما تم تدوينه عن نضالات الجيل الذي عاصرعلي البلهوان والمنجي سليم وكل التحركات التي مهدت لاحداث 9 أفريل وانطلاق الاصوات المطالبة ببرلمان تونسي وما تلاه من سقوط للشهداء والجرحى.. بعد أيام ستمر 80عاما على ذكرى افريل 1938 التي تعود في ظل استمرار حملات التشكيك والطعن في تضحيات ونضالات التونسين.. وهل سيبقى لهذا الحدث من معنى في ظل ما نعيش على وقعه من استهانة بالتاريخ ومن محاولات لالغاء الذاكرة الوطنية وتشكيك في استقلال البلاد بما يمكن أن يقود لاحقا الى التشكيك في تضحيات الشهداء الذين قادهم الى الموت انتصارهم لحقهم المشروع في السيادة وتقريرالمصير..
لا يختلف اثنان أن الخطر الحقيقي الذي يمكن أن تواجهه أي ثورة شعبية مرتبط دوما بما ستؤول اليه عملية المصالحة الوطنية, فاما ان تحمل معها الخلاص وتمهد الطريق الى ارساء الاستقرارالاجتماعي وتحقيق العدالة أو أن تؤدي بدلا من ذلك الى الوقوع في فخ الانتقام وتدفع الى الفتنة ومنها الى الحرب الاهلية...
ونحن في تونس، وحتى وقت قريب كنا ومازلنا نعتقد أن ما جنب البلاد بعد 14 جانفي الانهيار والسقوط في فخ الصراعات الدموية التي الت اليه غيرها من دول الربيع العربي التي غرقت في صراعاتها الدموية وحروب الاستنزاف, أن تونس محصنة بارث معرفي وعقلية متوثبة ومتحررة لا تحكمها تلك العقلية الطائفية البغيضة والانقسامات المجتمعية الخطيرة بين سنة وشيعة واكراد أوغيرهم, وهي حقيقة لا يمكن التقليل من أهميتها. قبل أن نستفيق اليوم على حقيقة تتأكد يوما بعد يوم أن تونس لم تنج من مخاطر الطائفية الا لتقع في مخاطر طائفية أخرى وهي»الطائفية «الحزبية والطائفية الايديولوجية التي توشك أن تعصف بالبلاد..
لا خلاف أن تحقيق المصالحة الوطنية لم يكن بالامر الهين في مختلف التجارب الانتقالية التي مر بها العالم في القرن العشرين من اوروبا الشرقية الى امريكا اللاتينية وجنوب افريقيا الى الجزائر بعد العشرية السوداء والمغرب مع محمد السادس.. ولا مجال اليوم للحديث عن عدالة مثالية مهما كان حجم الاعتراف بالاخطاء الحاصلة ومهما كان حجم التنازلات والتعويضات ذلك ان الجروح النفسية للضحايا تبقى الاعمق وهي جروح قد تستعصي على كل انواع العلاج. وعلى سبيل الذكر لا الحصر تم في جنوب افريقيا عرض 20الف شهادة للضحايا وطلب 7 الاف فقط العفو ولم يكن المشهد في الارجنتين أقل مما هو عليه في بلد مثل جنوب افريقيا ولكن الحكمة اقتضت الدفع الى تجاوز الكثير من قيود الماضي وانتهاكاته البغيضة حتى لا تتحول العدالة الانتقالية كالية لارساء المصالحة الوطنية الى عدالة انتقامية لا تنتهي...
ذلك أن الاصعب في كل عملية انتقالية الجروح النفسية التي يصعب تجاوزها.. بل انه ربما يكون تحقيق المصالحة مع المستعمر ومن تعرض للاستعمار أحيانا أقل تعقيدا من تحقيق المصالحة بين ابناء الوطن الواحد.. بقدر ما نحتاج الى مصالحة وطنية تجمع التونسيين وتدفع الى تحقيق العدالة المغيبة بقدرما نعتقد أنه لا خير في مصالحة مزيفة تؤجج الفتن وتقسم الشعوب وترهن الحاضر وتدمرالمستقبل.. وقد كنا نأمل عندما تأسست هيئة الحقيقة والكرامة أن تكون تونس عنوانا لعدالة انتقالية تنتصر للضحايا ولا تميز بينهم وتلتزم بالقانون ولا تستهين به.. تماما كما كنا نتمنى لو أن الرائعة نورة البورصالي كشفت ما لديها من حقائق دفعتها للانسحاب من الهيئة قبل رحيلها المفاجئ ولو أن الحقوقي خميس الشماري نطق بما كان عليه شاهدا حتى تكتمل الصورة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.