وأخيرا وبعد مخاض عسير تم التوافق علي المهدي جمعة وزير الصناعة الحالي علي تولي رئاسة الحكومة المقبلة …تتطلع الأحزاب السياسية ان يتوفق في ادارة اجراء انتخابات العام المقبل كحلقة اولي من حلقات الانتقال الديمقراطي ويتطلع معها المواطن ليس الي وعود بتحقيق تحسن في مقدرته الشرائية او تحقيق تنمية شاملة بين عشية وضحاها وإنما في تحقيق هدنة من الهدوء السياسي ولو الي بعض الوقت غير انه من الثابت ان معالجة قضية المصالحة الوطنية قبل المرور الي أي ملف اخر ستكون اولي ملفات رئاسة الحكومة المقبلة لما وصلت اليه البلاد من تعفن سياسي بات يعصف بمستقبل شعب موحد قد يقسمه الي شظايا في اية لحظة في ظل تصابي النخبة السياسية. فلا يمكن ان يستمر مصير من ساهم في حقبة من الاستبداد و الفساد معلقا فلاهم خيروا بين الاعتراف والإفصاح عن ما ارتكبوه واعتذروا فمنحوا عفوا بمقتضي ذلك ولا هم حوسبوا وكان مصيرهم القضاء والقضبان وتم في كلا الحالتين طي صفحة الماضي في اقل وقت ممكن.. فمسار العدالة الانتقالية يأبي الاستمرار لفترة طويلة جدا خاصة مع ما يمكن ان يخلقه لدي جيل الشباب والثورة من مخزون لديهم في الضغينة يشحن لديهم يوما بعد يوم فالعدالة العقابية باتت اقرب لديهم في ظل غياب أي رؤي للنخبة السياسية بفعل الانتهازية السياسية في بلورة مبادرات ومقارابات للمصالحة الوطنية فالحكومة المقبلة لن تستطيع التقدم قيد أنملة ما لم تدفع باتجاه تحقيق الاستقرار و الأمن بدرجة اولي وهذا لن يتم ما لم يقع الدفع باتجاه مصالحة وطنية فالشعوب باتت تري ان هامش الوقت بدا ينفذ في ظل غياب الإجماع بخصوص الحلول اللازمة للمشاكل القائمة. غير انه من المهم التاكيد علي ان تنازل النهضة عن الحكم وان كان مؤلما بالنسبة لها خاصة وأنها الطرف الاقوي في معادلة الحكم يعد إشارة قوية ان شروط إيجاد تسوية وطنية وعقد مصالحة وطنية أصبح فرصة قريبة المنال قد لا تكون المصالحة الوطنية هي الحل لكل المشاكل في تونس ولكن دون مصالحة وطنية تبدو إمكانية الانتقال الديمقراطي السلمي منعدمة ونجاح الحكومة القادمة ضئيلة . مثلما قال القس دزموند توتو في جنوب أفريقيا: "لولا معجزة التسوية التفاوضية لغرقنا في بحر الدماء الذي توقعه الجميع". وبفضل مسار الحقيقة والمصالحة استطاعت بلاده أن تتحرر من رقبة الماضي البغيض وتبني مستقبلا مزدهرا.