قال رياض المؤخر وزير الشؤون المحلية والبيئة إن هناك حوارا سياسيا يجب القيام به حول الانتخابات الجهوية، وأضاف أمس ردا عن أسئلة الصحفيين خلال لقاء اعلامي حول مجلة الجماعات المحلية الجديدة إن تونس ليست جاهزة حاليا لهذه الانتخابات، وفسر انه يتعين توفير الاطار القانوني المناسب لذلك ورجح الوزير أن الحوار السياسي المرتقب حول استحقاق الانتخابات الجهوية سيتم في غضون الأشهر القادمة. واستعرض المؤخر مضامين المجلة وذكر أنه سيتم إصدار اوامرها التطبيقية بصفة تدريجية وعلى امتداد التسعة أشهر القادمة. وأضاف أن مجلة الجماعات المحلية مكسب كبير لتونس لكنه استدرك مؤكدا ان القانون وحده لا يصنع الواقع.. وفسر ان المصادقة على القانون الجديد من قبل مجلس نواب الشعب مساء الخميس الماضي هي بداية لمسار اللامركزية الذي نص عليه الباب السابع من الدستور. وذكر المؤخر انه منذ الخامس والعشرين من جوان الفين وخمسة عشر تم في مجلس وزاري ضبط استراتيجية لإرساء اللامركزية وانطلق تنفيذها بتعميم النظام البلدي على كامل تراب الجمهورية ففي السابق كان هناك ثلاثة ملايين ونصف ساكن غير مشمولين بالنظام البلدي وتنفيذا لأحكام الدستور كان لا بد من تعميم النظام البلدي وهو ما حدث اذ تم خلق بلديات جديدة وتوسيع مناطق التدخل لبلديات أخرى. ولم تكن هذه المهمة على حد وصف المؤخر سهلة بل تسببت في خلافات كثيرة تم تجاوزها بصعوبة. واضافة الى ذلك تمت المصادقة على القانون الانتخابي بعد جدل كبير كما تمت المصادقة على مجلة الجماعات المحلية بعد عمل شاق ونقاشات شيقة تواصلت 11 شهرا بحضور الخبراء والمجتمع المدني، وقبل عرضها على المصادقة تم تقديم خمس مائة وستة وثلاثين طلب تعديل لفصولها لذلك دارت حوارات طويلة صلب لجنة التوافقات وبفضلها تم التنازل على الكثير منها والابقاء على المقترحات التوافقية التي ساهمت في تطوير مضامين النص القانوني وضمنت تناسقه. وطمأن وزير الشؤون المحلية والبيئة المتخوفين من النظام اللامركزي أنه لن يتم القفز في المجهول، وسيتم تنفيذ مسار اللامركزية بصفة تدريجية وذكر ان الوزارة تقدمت بنسبة تتراوح بين 80 و90 بالمائة في اعداد 33 امر حكومي تطبيقي لأحكام المجلة، ولكن ستقع اعادة صياغتها من جديد بناء على النسخة النهائية للقانون التي يتنظر اصداره عما قريب في الرائد الرسمي للجمهورية.. وأضاف انه سيتم اصدار الاوامر التطبيقية تباعا وحسب الاوليات لأن هناك اوامر مستعجلة لا بد منها. الموارد البشرية تحدث وزير الشؤون المحلية والبيئة خلال اللقاء الصحفي الذي حضره سفير الاتحاد الاوروبي وسفير ألمانيا وممثلي وكالات التعاون الدولي الداعمة لمسار اللامركزية وعدد من الصحفيين الأجانب، عن مسائل ضرورية لا بد من توفرها لإنجاح مسار اللامركزية، وقال إن مفتاح النجاح يكمن في توفير الموارد البشرية للجماعات المحلية خاصة وأنها ستصبح لها صلاحيات ذاتية وصلاحيات مشتركة وصلاحيات منقولة من السلطة المركزية، ولتنفيذ مهامها التي نص عليها القانون الجديد يجب ان تكون للبلديات والجهات موارد بشرية مقتدرة من مهندسين وتقنين ومختصين في التهيئة العمرانية وغيرها، ويقتضي الأمر تدعيم نسبة التأطير في البلديات لأن النسبة العامة للتأطير حاليا ضعيفة فهي لا تتجاوز 11 بالمائة. وإضافة الى دعم الموارد البشرية يجب تطوير الامكانيات المادية للجماعات المحلية خاصة البلديات وذكر ان النظام البلدي للجماعات المحلة المصادق عليه في المجلة الجديدة سيسمح بتوفير طاقة جبائية هامة للبلديات وسيساعدها على تطوير مواردها الذاتية الى جانب استفادتها من تحويلات الدولة، وفي هذا الصدد اوضح المؤخر انه سيتم في كل سنة نيابية تقديم برنامج كامل لدعم اللامركزية. ومن المسائل الجديدة التي جاءت بها مجلة الجماعات المحلية على حد قول الوزير، النظام المالي الخاص بالبلديات وجهات والاقاليم، وذكر في هذا الصدد ان هناك من ابدوا تخوفهم من "لا مركزة الفساد" لكن قواعد التصرف التي ضمنتها المجلة لن تسمح بذلك، اضافة الى ما ورد فيها من احكام أخرى عديدة ترمي كلها الى إرساء الشفافية والحوكمة المفتوحة. وعن مخاوف البعض على وحدة الدولة من التشتت، رد رياض المؤخر مطمئنا انه قبل الحديث عن تشتت الدولة يجب التمعن في مضامين المجلة ثم طرح سؤال هل يوجد فيها فعلا ما يهدد هذه الوحدة؟ وعندما سيتأكد انه تم أخذ كل الاحتياطات للمحافظة على وحدة الدولة وتساءل الوزير مستنكرا : هل ان البلدية عندما تقوم بصيانة مدرسة أو مستوصف ستهدد بعملها وحدة الدولة؟ قطعا لا.. وأضاف أنه لا يمكن للبدلية او الجهة اتخاذ اي قرار يمكن ان يتعارض مع التشريع الوطني والسلطة الترتيبية العامة لرئيس الحكومة، فالبلديات بالفعل لها سلطة ترتيبية لكنها سلطة ترتيبية في حدود اختصاصها وهي بالتالي لا تتعارض مع السلطة الترتيبية لرئيس الحكومة، كما ان القرار الذي سيخرج عن البلدية او الجهة لا يمكن ان يمس من القوانين العامة المتعلقة بالحقوق والحريات. ولتلافي تعطل المرفق العام لأي سبب من الاسباب، فسر الوزير ان المجلة راعت ذلك.. وأوضح انه في صورة عدم قيام بلدية او جهة بمهامها تم اخذ جميع الضمانات في النص القانوني من اجل ان تحل السلطة المركزية محل البلدية او الجهة بصفة مؤقتة، ثم أنه في صورة عدم مصادقة البلدية على ميزانيتها قبل 31 ماي يتم اعتبار المجلس البلدي منحلا. وأضاف الوزير أن المجلة الجديدة جعلت المواطن شريكا في ادارة الشأن المحلي فهو يستمع ويراقب ويحاسب وهذا مكسب كبير لان سلطة الاشراف لا يمكنها مراقبة كل البلديات، وفي ظل اقرار مبدأ التدبير الحر والرقابة اللاحقة بدلا عن الرقابة السابقة سيكون للمجتمع المدني دورا كبيرا في المراقبة. وأضاف ان المجلة وضعت سقفا في الميزانية للتأجير وتنفيذ هذا التوجه سيتم على مراحل، كما ان امكانيات الدولة المالية ستحال على صندوق التعديل والتضامن والتسوية الذي يوزع موارده على الجماعات المحلية بناء على جملة من المعايير الواضحة وبالتالي سيقع القطع مع التدخل السياسي في توزيع الموارد. ولدعم البلديات بين المؤخر انه تم توفير 300 مليار للبلديات الجديدة والبلديات التي تمت توسعتها وهي هبة من الاتحاد الاوروبي. المال.. والاستقلالية فسر رئيس الهيئة العامة للاستشراف ومراقبة المسار اللامركزي مختار الهمامي خلال اللقاء الصحفي ان النظام المالي للجماعات المحلية يكتسي اهمية كبيرة لأنه لا يمكن الحديث عن استقلالية للجماعة المحلية اذا لم تتوفر لديها موارد ذاتية. وكشف انه بإمكان البلديات استخلاص 900 مليار. وأوضح ان حرية التصرف والتخلي عن الرقابة المسبقة تم اقرارها في القانون لكن بضوابط وهي تسقيف الأجور واشتراط ان يتم الاقتراض من اجل الاستثمار دون غيره حتى لا يقع التلاعب بالمال العام. وذكر الهمامي انه حفاظا على وحدة الدولة فان المحاسب العمومي مطالب بتقديم خبرته للمنتخبين في المجالس المحلية. وإجابة عن سؤالين طرحتهما "الصباح" حول ملامح الأمر التطبيقي للفصل السادس من مجلة الجماعات المحلية والمتعلق بالمنح التي ستسند لرؤساء المجالس المحلية في ظل اقرار مبدأ التفرغ التام، وحول الاختصاصات التي ستحيلها السلطة المركزية للجماعات المحلية في مرحلة أولى في اطار ارساء مسار اللارمكزية، أجاب وزير الشؤون المحلية والبيئة أن الفصل السادس هو اكثر فصل اهتمت به الصحافة الوطنية رغم انه ثانوي جدا مقارنة ببقية مضامين المجلة. ومن جهته فسر رئيس لجنة تنظيم الادارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح محمد الناصر جبيرة ان مشروع المجلة في نسخته الاصلية نص على تفرغ رؤساء الجماعات المحلية، وبالنسبة للمجالس التي يقل عدد السكان فيها عن 30 الفا فان المجلس البلدي هو الذي يقر التفرغ من عدمه، لكم بعد نقاشات طويلة داخل اللجنة تم اقرار مبدا التفرغ الكلي وعند عرض الفصل على الجلسة العامة سقط وفي لجنة التوافقات تم اقرار التفرغ التام اما المنح فتسند بناء على هذا الفصل بأمر حكومي يجب عرضه على المجلس الاعلى للجماعات المحلية والمحكمة الادارية العليا لإبداء الرأي فيه. وفي ما يتصل بالاختصاصات المنتظر احالتها من المركزي الى المحلي أوضح مختار الهمامي ان اختصاصات الجماعات المحلية متنوعة وهي حسب الدستور ذاتية ومشتركة ومنقولة لكن الدستور لم يدقق وترك للمشرع عملية ضبط هذه الاختصاصات وتوزيعها في ظل دولة موحدة. وبين انه تم ضبط قائمة صغيرة من الاختصاصات التي ستقع احالتها في مرحلة اولى بصفة تدريجية نظرا لضعف القدرات المالية للدولة ولوجود موروث ثقيل من الحكم المركزي، وفسر انه من مجموع الف وست مائة اختصاص تبين انه يمكن احالتها من السلطة المركزية الى السلطة المحلية سيتم الانطلاق بتجربة خمسة فقط وهي الصحة والتعليم والبيئة والتهيئة الترابية والنقل. وفسر الهمامي ان مسار اللامركزية يمتد على 27 سنة وكل ثلاث سنوات ستتم احالة اختصاصات جديدة بعد تقييم المرحلة السابقة وكرر اكثر من مرة انه يجب التدرج وتجنب القفز في المجهول. سعيدة بوهلال