يعيش كوكبنا الأرض فترة حساسة تنذر بخطر تدهور البيئة التي نحياها بكل مظاهرها. وللتصدي لهذه الظاهرة لا يوجد أفضل من تربية النشء على حماية البيئة وتحسيسهم بالخطر الداهم على كوكبنا. لذلك من الضروري أن تأخذ التربية على البيئة وعلاقتها بالتنمية المستدامة موقعا مهما في الإصلاح التربوي المرتقب. البيئة والتنمية المستدامة أصبحت البيئة أمرا يعني الإنسانية جميعا منذ أواخر القرن الماضي، لذلك فإن تناول مشاكل البيئة اليوم في التعليم هو أمر حيوي يضاهي تناول مواضيع علمية ومعرفية بالدراسة لأن البيئة تشمل حسب التعريفات المشهورة كل الموارد والمنظومات الطبيعية والاجتماعية التي نعيشها في محيطنا ومن خلالها ندرس التنمية المستدامة التي أصبحت مبحثا أكيدا في هذا المجال لأهميته في مستقبل البشرية. والنظام البيئي هو نظام نشط ديناميكي في تغير دائم نظرا لتداخل مكوناته مع مكونات المجتمع. وتتناول البيئة المظاهر ذات العلاقة بسلامة الماء والهواء والتربة والنبات والحيوان والطاقة.. وتفاعل الانسان معها. لذلك هي تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية والثقافية.. وهذا المجال الشمولي للبيئة يحتم الوعي بمشاكلها والمساهمة في حلها. البيئة في البرامج التعليمية لا بد من استغلال قضايا البيئة وزيادة الوعي بها من خلال توظيفها في التعليم نظريا وتطبيقيا وميدانيا لذلك ازدهر نشاط التربية على البيئة في المؤسسات التربوية في العالم منذ سنة 1970 على أساس أنه لا يمكن بناء مستقبل نظيف للإنسانية ما لم نرب النشء على الوعي بمحيطهم واحترام البيئة والمحافظة عليها. ويكون ذلك من خلال إدراج التربية على البيئة في البرامج المدرسية وليس فقط من خلال أنشطة النوادي الثقافية بل علينا توظيف التعليم من خلال برامج تختص في البيئة تعرف الناشئة بالمشكلات المحيطة بهم بيئيا وتشجعهم على إيجاد حلول لها. هكذا نساهم في احداث التغيير المطلوب في تصرفاتهم وعاداتهم عند التعامل مع البيئة كما نساهم في زرع قيم جديدة فيهم تدعوهم إلى احترام المحيط الذي يعيشون فيه وحمايته والتصدي لتناقص الإمكانيات الطبيعية وهدر الموارد المتاحة لهم. من هنا نعتقد أن المدرسة مطالبة بتعميق التعامل مع مسألة التربية البيئية كمجال تعلم أساسي يساهم في تطور المجتمع الإنساني. ويهدف هذا التعلم إلى إكساب النشء المعارف الضرورية في الاختصاص والقيم ذات العلاقة بالمحافظة على المحيط بحيث يكتسبون سلوكات جديدة في التعامل مع المحيط ويغيرون مواقفهم في التعامل مع المحيط ويتدربون على التصرفات التي تؤهلهم لحماية المحيط بكل مكوناته وجعلهم يعون الترابط الوثيق بين البيئة والتنمية. وهكذا نحتاج إلى مقاربة شاملة تجمع محتوياتها من اختصاصات مختلفة تمس العلوم والآداب والاجتماع والاقتصاد والتقنية.. وتقف عند مشاكل البيئة والتنمية في كل اختصاص وفي كل جهة ليتم استثمار الحلول التي يصل إليها الدارسون في تطوير البيئة المحلية أو الجهوية أو الوطنية في الوقت الراهن وتحسبا لما قد يطرأ من مشاكل بيئية في المستقبل . ولنجاح هذا التمشي لا بد أن تعطي المدرسة المثل في حماية البيئة من خلال بعث مشاريع هدفها حماية المحيط يشارك في إنجازها التلاميذ باشراف مدرسيهم ليلمسوا النتائج المرتقبة من تنفيذ المشروع بأنفسهم. وعلى الكهول في المدرسة من إداريين ومدرسين وقيمين أيضا أن يكونوا نماذج تحتذى في حماية المحيط يلتجئ لهم التلاميذ في المدرسة للإجابة على كل التساؤلات التي تراودهم حول التربية البيئية وحماية المحيط والعلاقة بالتنمية. إن التربية على البيئة هي رهان تربوي لا بد من رفعه لتثبيت البعد الإنساني للتربية. * باحث وخبير تربوي