نظريا تعتبر مدينة بنزرت شبه جزيرة يحيط بها البحر من ثلاث جهات مما يمكن من صرف ملايين الامتار المكعبة من مياه الامطار وغيرها دون مشاكل او توجس من الفيضانات لكن الواقع جعل مدينة بحرية بامتياز تغرق بعد نزول كميات متوسطة من الأمطار بل وتقف الحياة تماما في وسطها مانحة الوقت الكافي للمتساكنين للتساؤل عن جدوى عشرات الاجتماعات وفاعلية المشاريع المخصصة لحماية المدينة من الفيضانات... التساؤلات انطلقت منذ سنوات حين عجزت فجأة البنية الاساسية ببنزرت عن تحمل كميات قليلة من مياه الامطار وتأكدت الوضعية الصعبة ايام العيد فبعد انذار ليلة الثلاثاء الماضي التي شهدت سقوط كميات متوسطة من الامطار ناءت بها البالوعات ورفعتها الى مستوى اعلى من الاسفلت ب10-15 صم فتوقفت حركة مرور العباد والعربات. جاء التأكيد صباح امس الجمعة على ان وضعية البنية الاساسية في مدينة الجلاء تستوجب دراسة تامة المعالم وبذل الجهد والمال اللازمين لانقاذها قبل فوات الاوان. ففي شارع ابن خلدون عجز الموظفون عن بلوغ مكاتبهم صباح الجمعة، اما في شارع المنجي سليم المؤدي الى القنطرة فلم تكن الامور افضل فالمحلات داهمتها المياه والسيارات وتوقفت عن العمل بعد بلوغ المياه مستوى 50-60 صم من الارتفاع فتركها اصحابها. اما المترجلون فلم يكن من حل امامهم سوى قطع الاودية المحدثة لبلوغ الادارات التي غرقت ايضا في المياه. وفي الضفة الاخرى من وادي بنزرت الكبير كانت الاوضاع سيئة جدا فالطريق المؤدية الى باب ماطر اغلقت تماما بفعل السيول ومركز التوليد في وادي المرج لم يكن متاحا للمرضى والحوامل. اما في حي الصحة فواجه السكان المياه بما تيسر حتى بلوغ التدخلات. بعد مرور السيول انطلقت تدخلات اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث وتنظيم النجدة التي بقيت في حالة اجتماع دائم لمتابعة تطور الامور. تجدر الاشارة الى ان "الصباح" قد عاينت في حدود منتصف النهار والنصف تواجد عربة صغيرة تابعة لأحد المؤسسات المختصة في التطهير في محيط شارعي حسن النوري والحبيب بورقيبة كما تدخلت بعض المعدات في مركز التوليد لشفط المياه واخرى في محيط الجسر في محاولة لتامين الحركة المرورية.. لكن هذه التدخلات على اهميتها لم تطمئن المتساكنين الذين اعتبروها من قبيل رد الفعل على واقع صعب لن يمنع غرق المدينة من جديد مع وصول امطار الخريف والشتاء... وبعيدا عن الصورة القاتمة والغضب الذي افرزتهما ساعتان من الامطار في قلب مدينة بنزرت كانت الكميات الوافرة من التساقطات مصدر فرحة عارمة للفلاحين في اغلب مناطق الولاية فبعد القحط وترشيد –استهلاك المياه المخصصة للزراعات السقوية تبدو الوضعية الحالية في المزارع افضل بكثير مما يمكن من تحسين نسق تزويد اسواق الجملة بكميات الخضر المطلوبة ويمنع ارتفاع اسعارها. ساسي الطرابلسي