الأسبوع المقبل صرف قرض من البنك العالمي ب500 مليون دولار أكّد توفيق الراجحي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالاصلاحات الكبرى أمس في تصريح ل"الصباح نيوز" أنّه تم التوصل يوم أول أمس الجمعة، إلى إعلان اتفاق الخبراء بين صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية حول المراجعة الرابعة للقرض الممنوح إلى تونس مما يؤدي إلى تحديد موعد اجتماع مجلس ادارة صندوق النقد الدولي يوم 28 سبتمبر القادم للموافقة على صرف القسط الخامس من القرض. وأشار توفيق الراجحي إلى أن تونس تحصلت إلى حد الآن على قرض بقيمة 1250 مليون دولار، وأنه وبسحب القسط الخامس من القرض في الموعد المرتقب تكون تونس قد سحبت نصف المبلغ الذي تبقى منه حوالي 1500 مليون دولار من المنتظر سحبه على اقساط إلى غاية أفريل 2020 وذلك حسب عدد المراجعات لصندوق النقد الدولي. وذكّر الراجحي بأنّ صندوق النقد الدولي منح تونس قسطا أول دون مراجعة في أفريل 2016 بقيمة حوالي 350 مليون دولار، وقسطا ثانيا بمراجعة اولى في سنة 2017 بقيمة تقدر ب350 مليون دولار، وقسطا ثالثا في مارس الماضي بقيمة 260 مليون دولار، اضافة الى قسط رابع في جويلية الماضي بقيمة 260 مليون دولار. فتح الطريق أمام قروض أخرى وأشار الراجحي إلى أنّ "اتفاق الخبراء" لا يعني فقط حصول تونس على القسط الخامس من القرض الممنوح من قبل صندوق النقد الدولي ولكن أيضا صرف قرض من البنك العالمي يُقدّر ب500 مليون دولار الأسبوع القادم والذي كان البنك الدولي قد علّق صرفه في انتظار نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي"، مُضيفا أنّ "اتفاق الخبراء" يؤدي أيضا إلى "تسهيل خروج تونس للأسواق المالية للحصول على قرض رقاعي وافق عليه مجلس النواب في وقت سابق يُقدر بحوالي ألف مليون دولار إلى جانب صرف القروض المتأتية من المؤسسات الدولية المانحة التي تتجاوز قيمتها الجملية 400 مليون أورو"، وموضحا أنّ "كلّ هذه القروض هي قروض مُبرمجة في قانون المالية لسنة 2018 وكانت مُرتبطة ب"اتفاق الخبراء" الذي حصلت عليه تونس البارحة". مفاوضات "صعبة للغاية" وأكّد الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاحات الكبرى أنّ "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي كانت صعبة للغاية"، مشيرا إلى أنّ "المطلوب من الحكومة التونسية كان إيجاد السياسات والاصلاحات الاقتصادية السريعة لمواجهة ارتفاع "فاتورة الطاقة" المرتبطة بارتفاع اسعار البترول وانزلاق سعر صرف الدينار"، مُضيفا: "انها وضعية تشبه "الصدمة البترولية لسنة 1979". واستطرد الراجحي قائلا: "تم أيضا مطالبة الحكومة بالبحث عن سياسات وتدابير اقتصادية لمجابهة عجز الميزان الجاري والتجاري والتحكم في التضخم دون المساس بعوامل النمو"، موضحا أنّ الحكومة واجهت ارتفاعا غير مسبوق لدعم المحروقات مما جعلها تضع أكثر من 2700 مليون دينار كدعم للمحروقات وهو ما يمثل ضعف ما وضع سابقا في قانون المالية لسنة 2018 والمقدر ب1500 مليون دينار... كل ذلك مع المحافظة على نسبة عجز في الميزانية في حدود 4.9 بالمائة وعدم الزيادة في التداين حسب ما اقره قانون المالية مع تأمين جرايات التقاعد في القطاع العام من خلال تحويلات مباشرة لصندوق التقاعد نظرا لغياب اعتماد اصلاح منظومة التقاعد، حيث للتذكير كانت الحكومة قدمت لمجلس النواب مشروع قانون وقعت مناقشته صلب اللجنة البرلمانية المختصة. وتقدر هذه التحويلات شهريا في حدود 80 مليون دينار لتأمين صرف جرايات القطاع العام والوظيفة العمومية". وقال الراجحي انّ "صندوق النقد الدولي دعا تونس الى التحكم في التوريد العشوائي والمواد الاستهلاكية غير الضرورية"، مشددا على أنّ "فاتورة الطاقة تلعب دورا سلبيا أساسيا في العجز التجاري والميزان الجاري وعجز ميزانية الدولة بينما يؤدي أيضا انزلاق الدينار الى ارتفاع خدمة الدين"، ومختتما حديثه مع "الصباح نيوز" بالقول إنّ "إعلان اتفاق الخبراء هو إعلان عن موافقة صندوق النقد الدولي وارتياحه للسياسات المُتبعة من قبل الحكومة في المجال المالي والنقدي". بيان صندوق النقد الدولي يذكر أنّ وفدا من صندوق النقد الدولي أدى زيارة إلى تونس خلال الفترة الممتدة بين 15 و31 أوت الماضي في إطار المراجعة الرابعة للقرض الممنوح لتونس. وقد أكد صندوق النقد الدولي في بيان له أول أمس ان الطرفين قد اتفقا على حزمة جديدة من الإجراءات تتنزل في اطار استكمال المراجعة الرابعة كما صرح رئيس بعثته إلى تونس، "بيورن روتر" بأن الجانبين توصلا إلى عقد اتفاق يتضمن الإجراءات الضرورية لإستكمال المراجعة الرابعة في إطار برنامج "تسهيل الصندوق الممدّد". ولئن أكد البيان وجود بوادر إيجابية من قبيل تحقيق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 2.6 بالمائة (باحتساب الإنزلاق السنوي) خلال السداسي الأول من السنة الجارية 2018 إضافة إلى تحسن آداء كل من قطاع الفلاحة والسياحة والخدمات، الا أنه شدد على حصول الصندوق على التزام من الحكومة لمواصلة العمل بشكل حاسم لاحتواء عجز الميزانية والتقليص في انخرام التوازنات المالية العمومية وخاصة احتواء العجز ما سيساعد على الحد من الدين العمومي المرتفع الذي يثقل كاهل الأجيال القادمة ويؤثر على الاقتصاد. ومن بين الإجراءات ايضا إرساء إصلاحات اقتصادية إضافية لاسيما في مجال تعزيز الحوكمة وتدعيم مكافحة الفساد بهدف تجاوز عزوف المستثمرين واستعادة ثقتهم في البلاد حيث بين أن هذه الجهود ستساعد على فتح المجال أمام القطاع الخاص وتوفير المزيد من الفرص ومواطن الشغل للتونسيين مؤكدا أن اختلال التوازنات الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ فترة طويلة لا تزال تشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد. من جهة اخرى، ثمنت بعثة الصندوق اعتزام الحكومة الترفيع في النفقات الاجتماعية مؤكدة ضرورة حماية الفقراء وضعفاء الحال خلال الفترة المقبلة. وساند رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، البنك المركزي التونسي في مواصلة اليقظة، باعتبار ان الانخفاض الاخير للتضخم قد يكون مؤقتا مؤكدا انه إذا ما استأنف التضخم في الأشهر الثلاثة المقبلة منحاه التصاعدي فسيكون من الضروري مزيد الترفيع في أسعار الفائدة لمجابهة توقعات التضخم والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.