جرعة أكسجين جديدة قدمها «الاتحاد الوطني الحر» لحزب «نداء تونس» الذي دخل غرفة الإنعاش بسبب الاستقالات التي شهدتها «الدار الكبيرة»... جرعة أكسجين جاءت لتعيد النداء وكتلته البرلمانية إلى واجهة الأحداث اثر انتقال كتلة «الوطني الحر» - التي سبق أن التحقت ب»الائتلاف الوطني» - إلى النداء ليستعيد معها حزب الرئيس المرتبة الثانية بعد كتلة حركة النهضة. «اندماج» الرياحي مع قائد السبسي لم يكن أمرا مفاجئا للمتابعين للشأن العام، فقد سبقته تصريحات من قيادات ندائية بأن كتلة الحزب ستستعيد عافيتها قريبا وقد تعود الى موقعها الطبيعي كأول كتلة في مجلس نواب الشعب، واذ صدقت قيادات النداء في تصريحاتها تلك فإن الاعتماد على سليم الرياحي لإعادة النداء إلى نتائج انتخابات 2014 يطرح أكثر من سؤال. ذلك أن التحاق حزب بآخر يتطلب عادة الحد الأدنى من ضمانات النجاح والقوة، وهو ما لا يتوفر في النداء الذي تقهقرت نتائجه الى أدنى مستوياتها منذ التحاق الباجي قائد السبسي بقصر قرطاج، فالانتخابات البلدية وآخرها الخلافات الدائرة بين العائلة الحاكمة ورئيس الجمهورية، الامر الذي دفع بنواب الحزب وقياداته الوسطى والقاعدية الى الاستقالة جماعات وأفراد ولعل آخرها استقالة كل من محسن حسن وماهر بن ضياء ومنير ميلاد. صفقة سياسية مربحة للطرفين مقابل هذه الاستقالات، عاد النداء ليتنفس الصعداء أول أمس الأحد بعد «الهجرة العكسية» التي قادها الاتحاد الوطني ورئيسه سليم الرياحي الملتحقين بنداء حافظ قائد السبسي. التحاق أعاد «البسمة» الى المدير التنفيذي «المتهم» بتخريب النداء وإفراغه، ليعود حزب النداء ليخلط الأوراق السياسية من جديد داخل البرلمان وخارجه. انتعاشة النداء بالتحاق 12 نائبا الى كتلة «الاتحاد الوطني الحر» به تؤكد ان النقاشات بين الحزبين تضمنت صفقة سياسية مربحة لكلا الطرفين، فالمعروف عن الاتحاد الوطني الحر انه حزب براغماتي يحسن التفاوض على المكاسب وهو ما حصل مع الباجي قائد السبسي الذي التقى سليم الرياحي مؤخرا وأقنعه بضرورة الانسحاب من كتلة الائتلاف الوطني المحسوبة سياسيا على رئيس الحكومة . الرياحي قبل عرض الباجي مقابل ضمانات قضائية واسعة، كما أفاد القيادي السابق لزهر العكرمي والذي صرح ل»راديو ماد» أول أمس الأحد «إن سليم الرياحي كان يسعى لاستقطاب النواب في كتلة الائتلاف الوطني معتقدا أن ذلك سيكون تحت سيطرته وإشرافه، ثم تم الاتصال به من رئاسة الجمهورية قائلين له: «ايجا خوذ إلي تحب» مقابل التخلي عن ذلك». وأضاف العكرمي «ان للرياحي في ذلك مصلحتين: اولا استرجاع أمواله المجمّدة، وثانيا إلغاء تحجير السفر عنه» وهو ذات الملف الذي أرق الرياحي منذ ما يزيد عن السنة . وختم العكرمي تدخله بتحديد الجهة التي ستتدخل في ملف الرياحي بالقول «هناك قاض في قصر الرئاسة وعده برفع التجميد عن أمواله»، مؤكدا أن «رئيس الجمهورية يسعى بكل قوة وإصرار إلى تنحية يوسف الشاهد». ومن الواضح ان انتعاشة سليم الرياحي تمر عبر إرضاء الباجي قائد السبسي الذي نزل بثقله في المعركة الأخيرة ضد يوسف الشاهد وهي محاولات جدية أيضا لإحراج حركة النهضة لترفع يدها عن رئيس الحكومة بعد ان عجز الرئيس عن تفعيل الفصل 99 من الدستور، كما فشل ما تبقى من النداء في الالتجاء الى فصل سحب الثقة من الشاهد لعدم اكتمال «النصاب» في كلتا الحالتين. منطق تجاري عنوان الصفقة بين الرياحي والباجي قائد السبسي كان محور نقاشات مطولة سابقا مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حيث كان رئيس الاتحاد الوطني الحر قد عرض كتلته على الشاهد في لقاء خاص بجهة الحمامات، وفِي محاولة منه لإثبات ولائه للشاهد التحقت كتلة «الوطني الحر» بالائتلاف الوطني وبعد الإعلان عن «الانصهار» بين الكتلتين أعلن الرياحي «أن انصهار كتلة حزبه في كتلة الائتلاف الوطني سيكون تحالفا طويل المدى». وأكد الرياحي في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة على الفايسبوك في وقت سابق «ان كتلة حزبه اختارت هذا الانصهار طوعا لا إجبارا»، موضحا: «الوطني الحر طالما نادى بمشروع وطني كبير يرتقي بالعمل والخطاب السياسي في تونس ويحقق نوعا من الاستقرار وسط كل هذا التشرذم في الساحة الوطنية، وهو ما أعمل عليه منذ فترة». وشدد رئيس الاتحاد الوطني الحر انه يسعى وكتلته لتكوين قوة برلمانية متوازنة الخط تدفع نحو استكمال مقومات الديمقراطية في المؤسسات الدستورية، وإرساء مشروع وطني وسطي حداثي يحرص على التجميع من أجل مصلحة تونس، حسب تعبيره. تحول موقف الرياحي من داعم للشاهد الى داعٍ لرحيله تأكيد على ان الصفقة مع الشاهد لم تنجح، فقرر ان يغير «الشاري» من قصر الحكومة بالقصبة الى قصر قرطاج، حيث وجد هناك استعدادا من قائد السبسي اكثر من الشاهد في ظل الخلافات الحاصلة بين الرجلين. وفِي هذا السياق اعتبر القيادي بالجبهة الشعبية الناصر العويني في تصريح ل»شمس اف ام» أن هذا الاندماج بين النداء والوطني الحر يدخل في إطار الصراع الدائر على السلطة بين رئاستي الحكومة والجمهورية وبين القصبة وقرطاج، وذلك على حساب بناء مجتمع سياسي سليم على حد تعبيره موقف العويني يتقابل بوضوح تام مع تصريح المحلل السياسي المستقل عبد اللطيف الحناشي الذي اعتبر ان ما يحصل الْيَوْمَ «عبث سيلقى بظلاله على الفعل السياسي وسيفسد المشهد الديمقراطي». فهل ينجح حزب نداء تونس في المحافظة على استقراره وعلى الوافدين «الطارئين»؟ هل يكون مدخلا للرياحي لتحقيق حلمه وطموحاته؟ ◗ خليل الحناشي حرب الأعصاب اعتبر النائب الصحبي بن فرج أن من يتهمون خصومهم بالارتماء في أحضان «النهضة» كانوا طيلة أربع سنوات في «جيبها الصغير»، واستدعوا رئيسها لمؤتمرهم «ذي الجناحين» واعتبروها حليفا استراتيجيا ويراهنون في الكواليس على استمالتها مجددا لتشكيل حكومة معها، وفق قوله. وقال الصحبي بن فرج في تدوينة كتبها على صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» ان «حرب الأعصاب يمكنها أحيانا أن تخدع من يطلقها وتدفعه الى تصديق نفسه ونسيان المعطى الأساسي: أغلبية ال109 فما فوق». وفي ما يلي نص التدوينة: ينددون بسياحة النواب وانتقالهم من كتلة الى كتلة ويعتبرونها خيانة ويستبشرون بارتماءة حرة لحزب في أحضان حزب وبكامل مكوناته وبدون استشارة نوابه ويعتبرونها دهاء وضربة معلم. يتهمون خصومهم بالارتماء في احضان النهضة وقد كانوا طيلة اربع سنوات في الجيب الصغير متاع النهضة، ويستدعون رئيسها لمؤتمرهم ذي الجناحين ويعتبرونها حليفا استراتيجيا ويراهنون في الكواليس على استمالتها مجددا لتشكيل حكومة معها. يتهمون خصمهم بأنه يهدد ويبتزّ الأحزاب والنواب ويعتبرون الوعد الصريح برفع إجراء قضائي مقابل الانقلاب في الموقف، فتحًا سياسيا مبينًا ينمّ عن خبرة واحترافية وخبث سياسي محمود. حرب الأعصاب يمكنها أحيانا أن تخدع من يطلقها وتدفعه الى تصديق نفسه ونسيان المعطي الأساسي: أغلبية ال109 فما فوق. نواب جدد على الخط قال النائب عن حركة نداء تونس عبد العزيز القطي في تصريح ل«الصباح نيوز» أن كتلة نداء تونس بالبرلمان بصدد المناقشة مع 8 نواب آخرين من مختلف الكتل وأغلبهم من كتلة الائتلاف الوطني للانضمام إلى كتلة النداء بعد الانصهار الأخير الذي حصل بين حزبي الاتحاد الوطني للحر ونداء تونس. وأشار القطي إلى أن كتلة نداء تونس أصبح فيها اليوم بعد انضمام نواب الاتحاد الوطني الحر 44 نائبا، والتي من المنتظر أن ترتفع إلى 52 نائبا في حال انضمام النواب الثماني الجدد إلى الكتلة. وأضاف «سنعمل على إرجاع كتلة نداء تونس ككتلة أولى في البرلمان». وأكد القطي «اليوم نعمل على تجميع القوى الوطنية والتقدمية بعد انخرام المشهد السياسي وكل الأحزاب الوطنية والتقدمية مدعوة للانخراط في هذا العمل الذي يعمل على إحداث لتوازن في المشهد السياسي استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم». وأكد أن الوضع العادي أن تتم التوافقات على مستوى الأحزاب وليس البرلمان ومن ثم تترجم إلى قرارات في البرلمان أو في المؤسسات الحزبية الأخرى. كما أشار القطي إلى أن الهيئة السياسية لنداء تونس قبلت وبالإجماع عملية انصهار الاتحاد الوطني الحر في نداء تونس. وأكد على وجود اتصالات بين الحزب وعدد من الأحزاب الأخرى للانضمام إلى تحالف سياسي استعداد للانتخابات القادمة. كما أكد القطي أن حزب مشروع تونس وكتلته النيابية مرحب بهما في هذا التحالف. مجالس جهوية ندائية ترفض الرياحي عبرت مجالس جهوية لحركة نداء تونس في بيانات لها أول أمس الأحد، عن رفضها للطريقة التي تم بها الاندماج بين حركة نداء تونس والاتحاد الوطني الحر. وجاء في بيان المجلس الجهوي الموسع لحركة نداء تونس بالقصرين، أن المجلس يرفض رفضا تماما الطريقة التي تم بها الاندماج بين حركة نداء تونس والاتحاد الوطني الحر «وأنه كان من الأولى الحفاظ على المناضلين والمؤسسين قبل الانفتاح على بقية الأحزاب». واعتبر أن اجتماع الهيئة السياسية الموسعة لحركة نداء تونس اليوم بمدينة المنستير خطوة نحو مزيد تهميش القواعد والهياكل وإقصاء كل رأي محالف للقيادة الحالية وهروب بالحزب إلى الأمام نحو مزيد تركيز «الهيمنة الفردية عليه واغتصابه من مناضليه». وقال المنسق الجهوي لحركة نداء تونس بالوردية في اتصال هاتفي ب(وات)، إن القواعد ترفض انضمام سليم الرياحي لنداء تونس وإن هذا الشخص «لن يكون المنقذ للحزب» حسب تعبيره. وندد المجلس الجهوي للحركة بقابس في بيان له اليوم أيضا، ب»طريقة القيادة الوطنية الحالية في عدم احترام الهياكل»، مذكرا برفضه قرار التجميد غير القانوني على رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وجاء في البيان «أن أعضاء التنسيقية وأعضاء المجالس البلدية بجهة قابس يعبرون عن تمسكهم بحركة نداء تونس وفقا للمبادئ التي انبنى عليها بعيدا عن الولاء للأشخاص والزعامات». وكان حوالي 31 منسقا محليا لحركة نداء تونس بولاية المنستير والمكتب الجهوي لحركة نداء تونسبالمنستير، نفذوا وقفة احتجاجية اليوم الأحد، أمام النزل الذي عقد فيه اجتماع المكتب السياسي الموسع لحركة نداء تونس، حسب ما ذكر ل (وات) لطفي النابلي عضو مجلس نواب الشعب المستقيل من كلتة النداء والمنسق المحلي لحركة نداء تونس بطبلبة من ولاية المنستير. واعتبر النابلي أنّ الاجتماع الموسع للهيئة السياسية لحركة نداء تونس في المنستير، «وقع بطريقة فيها الكثير من الاستفزاز»، مؤكدا أن المستقلين من الكتلة البرلمانية للحركة لم يستقيلوا من الحزب وأن اعتبارهم مستقلين «اعتداء صارخ».