بعد منحه ثقته للتحوير الحكومي أول أمس بالأغلبية المطلقة، سيكون على مجلس النواب المرور إلى السرعة القصوى لتنفيذ ما عليه من التزامات تشريعية عاجلة خلال الفترة القليلة المقبلة. برنامج البرلمان يبدو كالعادة مثقلا بمشاريع القوانين الموضوعة في خانة الانتظار، لكن أيضا بأولويات تشريعية تتزاحم على نشاطه وهي مرتبطة بآجال قصوى لا يمكن قانونيا ودستوريا تجاوزها. لعل أهمها مشاريع القوانين الانتخابية، وترميم الشغورات بهيئة الانتخابات (انتخاب الرئيس وتعويض الأعضاء المغادرون) ومشاريع قوانين المالية وميزانيىة الدولة للعام المقبل التي يجب ان يتم المصادقة عليها قبل 10 ديسمبر المقبل( الفصل 66 من الدستور). وامام تنوع النشاط البرلماني خاصة خلال هذه الفترة التي تشهد دخولا قويا للمدة النيابية الخامسة والأخيرة لأسباب معلومة على رأسها الحراك السياسي المتوتر الذي أنتج التحوير الوزاري الأخير وما نجم عنه من جدل ونقاش سياسي وبرلماني واصطفاف حزبي وسياحة برلمانية تكاد لا تنتهي،.. فضلا عن انطلاق العد العكسي للمواعيد الانتخابية المقبلة المبرمجة مبدئيا خلال سنة 2019. اللافت للنظر، ووفقا للنشاط المبرمج لأعمال اللجان القارة بمجلس النواب، يمتد نشاط جل اللجان على كامل الأسبوع لاستكمال النظر -وبسرعة قصوى- بخصوص مشاريع قانوني المالية وميزانية الدولة ومناقشتها بابا بابا مع ما يتطلبه ذلك من جلسات نقاش معمقة وطويلة وجلسات استماع لأعضاء الحكومة وأيضا للهيئات المهنية والمنظمات الوطنية والخبراء قبل احالتها على الجلسة العامة.. وهذا المعطى يؤكد أن البرلمان ولجانه القارة والنواب مقبلون على «ماراطون» من العمل التشريعي المتواصل وسباق ضد الزمن لاستكمال النظر في مشروع ميزانية الدولة في الآجال الدستورية، ما يعني حسابيا أن اللجان القارة يجب ان تنهي اعمالها المتعقلة بالمصادقة على تقارير الميزانية لكل الأبواب والقطاعات قبل نهاية شهر نوفمبر الجاري، على ان يتم تخصيص الأسبوع الأول من شهر ديسمبر للجلسات العامة المخصصة لمناقشة تقارير الميزانية والمصادقة عليها.. عموما، وبعد ان أخذت الأحداث السياسية التي سبق نشاطها وتفاعلها العودة البرلمانية وقتا ثمينا من عمل المجلس والمتعلقة خاصة بمسألة التحالفات الجديدة التي مهدت لتقديم التحوير الوازري على أنظار البرلمان، (تأسيس الكتلة البرلمانية الجديدة الائتلاف الوطني، انصهار كتلتي النداء والوطني الحر، تواصل تنقل النواب واستقالاتهم من كتلة لأخرى..) لم يتبق امام مجلس النواب سوى أقل من شهر فقط للحسم في قانوني المالية والميزانية وفي اولوليات أخرى موازية لا تقل اهمية مثل القوانين الانىتخابية ونعني بها مشروع تنقيح القانون الانتىخابي، ومشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية فضلا عن تحديد جلسة عامة لانتخاب رئيس جديد للهيئة وثلاثة اعضاء جدد لمجلس الهيئة.. مسار انتخابي معطّل في المقابل، سيكون على البرلمان المسارعة باستكمال النظر في حزمة اعمال تشريعية متوقفة ومعطلة منذ اسابيع متعلقة بالمسار الانتخابي وهي اعمال ضرورية ومهمة للغاية حتى تنصرف الهيئة المستقلة للانتخابات للتفرغ للإعداد لكافة مراحل العملية الانتخابية التي تتطلب حدا أدنى من الجدول الزمني لا يقل عن ثمانية أشهر. يذكر ان لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية واصلت أمس النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء ومشروع القانون الأساسي المتعلق بضبط مقاييس تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عدد مقاعده. لكن مشروع القانون الأساسي الأخير سيكون من العبث المصادقة عليه حاليا في صورة اعتماد المواعيد الانتخابية المقبلة في مواعيدها المبدئية أي في شهري اكتوبر ونوفمبر من سنة 2019، على اعتبار ان الفصل 106 من القانون الأساسي للانتخابات يشترط أن يصدر أي تعديل للقانون الأساسي لتقسيم الدوائر الانتخابية سنة قبل موعد الانتخابات الدورية، بمعنى ان اللجنة المعنية سيكون أمامها أمرين: إما المضي قدما في مناقشة مشروع قانون تقسيم الدوائر الجديد والمصادقة عليه واحالته على الجلسة العامة التي سيكون لها القرار النهائي في المصادقة عليه من عدمه او تمريره مع امكانية التمديد في المواعيد الانتخابية لأسابيع قليلة حتى يتم احترام المقتضيات القانونية. مهمة عسيرة ومهما يكن من أمر، فإن روزنامة الانتخابات التشريعة والرئاسية المقررة في الثلاثي الأخير لنسة 2019 ستكون من اختصاص الهيئة المستقلة للانتخابات التي ستتجه إليها الأنظار خلال الفترة المقبلة باعتبارها ستكون محور اهتمام السياسييين والأحزاب والمستقلين والراي العام. لكن هذه المهمة العسيرة لن تكون سهلة على اعتبار ان الهيئة في تركيبتها الحالية تعتبر عرجاء ومبتورة، فرئيسها مستقيل منذ أشهر ووضعه القانوني ضعيف للغاية وهو الذي فوضه مجلس الهيئة قبل أسابيع لمواصلة تسيير عمل الهيئة واعطاه مهلة انتهت يوم 15 اكتوبر الماضي لتعويضه برئيس منتخب. كما ان تركببة مجلس الهيئة يجب ان تستكمل بانتخاب ثلاثة أعضاء جدد لتعويض الأعضاء المغاردين بالقرعة. علما ان المرشح الوحيد لرئاسة الهيئة حاليا هو نبيل بفون وهو يحتاج إلى أغلبية أصوات محددة ب109 صوت ليكون رئيس الهيئة الجديد، لكن ذلك مرهون بمدى توافق التحالف النيابي الجديد الداعم للحكومة حول شخصه. في سياق متصل، لا بد من الإشارة إلى ان البرلمان سيكون عليه ايضا النظر في أقرب الآجال في تقريرين مهمين يتعلق الأول بالنشاط السنوي لهيئة الانتخابات، والثاني بالانتخابات البلدية. تقريرين قال عنهما محمد المنصري الرئيس المستقيل في تصريح صحفي له نشر بجريدة «المغرب» انهما «في اللمسات الأخيرة». علما أن الوضع الداخلي بهيئة الانتخابات، يعتبر على مستوى التسيير القانوني والإداري غريب واستثنائي خاصة بعد ابقاء غالبية أعضاء مجلس الهيئة على رئاسة مؤقتة لمحمد المنصري انتهت يوم 15 اكتوبر الماضي وهو الذي أعلن استقالته رسميا من رئاسة الهيئة قبل اكثر من شهرين. أما نائب الرئيس الحالي عادل البرينصي الذي يشغل هذه الخطة منذ عام تقريبا فهو في وضع المجمد فلا هو يمارس مهامه كنائب رئيس على اعتبار أن بعض اعضاء الهيئة يرون أن المنصري لم يفوض له صلاحياته قبل تقديم استقالته..