قلناها ونكررها أن نتائج استمرار المأزق على ماهو عليه بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية الوطنية دون بروز أفق لحل ممكن في الأجل القريب لا يمكن أن تكون سوى كارثية، ليس على مستقبل السنة الدراسية الحالية ومستقبل التعليم العمومي فحسب، بل وعلى السلم الاجتماعية ونظرة التلاميذ وأوليائهم الإيجابية إلى حد الآن للمربين، الذين قال عنهم أمير الشعراء أحمد شوقي بيته المشهور: قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا نورد هذا ليس من باب المبالغة بل من باب نقل الوقائع كما هي دون زيادة أو نقصان حيث باتت اليوم التطورات والتداعيات السلبية الآخذة في التصاعد لمعركة كسر العظام الدائرة رحاها بين الجانبين على حساب التلاميذ وأوليائهم - الذين وجدوا أنفسهم يدفعون ثمن حرب لم يشتركوا ولم يتخذوا فيها موقفا مساندا سواء لهذا الطرف أو ذاك - بادية بجلاء وبوضوح كبير للعيان. هؤلاء التلاميذ وهؤلاء الأولياء الذين فاض بهم الكيل وبدأوا يعبرون عن سخطهم بصورة أقوى وأكثر جرأة من السابق وليس أدل على ذلك من المظاهرات والاضطرابات الآخذة في التوسع فيما يشبه الانتفاضة لتشمل عددا متزايدا يوما بعد يوم من معاهد وولايات الجمهورية، ولسان حالهم يقول «كفى ارتهانا للتلاميذ ولمستقبلهم الدراسي، وتبديدا لتضحيات آبائهم وأمهاتهم في سيبل توفير المقومات المادية والأدبية لارتقائهم العلمي». إنه وبعيدا عن التشكيك في مشروعية المطالب المرفوعة من المربين والتي كان بعضها محور اتفاقات وقعتها حكومات سابقة ولم يتم تفعيلها إل حد الآن ولا في حقهم للنضال من أجلها بمختلف الوسائل، لا بد من التذكير بضرورة أن تكون تلك الوسائل مشروعة ولا تتعدى أو تدوس على حقوق آخرين، والمقصود هنا التلاميذ الذين ينبغي أن تتوفر لهم كافة الوسائل للدراسة بصورة عادية ولإنجاز الفروض والاختبارات المبرمجة وإتمام سنتهم الدراسية. هؤلاء الذين جرى حرمانهم من إجراء امتحاناتهم للثلاثي الأول، والذين يوشكون أمام استمرار المأزق والتصعيد ما بين نقابة التعليم الثانوي وسلطة الاشراف على إضاعة الثلاثي الثاني وقد بدأوا يفقدون التركيز المطلوب لمواصلة السنة الدراسية... هذه السنة الدراسية التي بات يخشى بصورة جدية أن تكون بيضاء لأول مرة في تاريخ البلاد. اليوم وأكثر من أي وقت مضى الجميع مطالبون بالتحلي بقدر كبير من التعقل وأن يدركوا أن السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة يكمن في قبول استئناف الحوار والتفاوض على قاعدة الأخذ والعطاء وليس على قاعدة الكل وإلا فلا...