..بعد 13 عاما عن مؤتمر برشلونة الاورو متوسطي الاول تتوالى "طلعات" البيروقراطيين والموظفين "السامين" الاوروبيين التي تتنافى مع الشعارات التي يرفعها السياسيون والمثقفون عن تسهيل تنقلات رؤوس الاموال والمسافرين والسلع بين ضفتي البحر الابيض المتوسط.. ومن بين اخر هذه "الطلعات" المخيبة للامال قرار الخارجية البريطانية تمديد مدة حصول التونسيين على تاشيرة الدخول الى بريطانيا الى ما لا يقل عن اسبوع قبل موعد الرحلة.. مع احالة ملفات "المترشحين" (للفيزا وليس لنيل شهادة الدكتوراه؟) الى سفارة لندن في القاهرة؟؟ وتتزامن هذه التعقيدات الجديدة مع فترة تراجع نسبي في عدد السياح البريطانيين.. وتعثر جهود تنمية العلاقات الاقتصادية بين رجال الاعمال الخواص.. لعدة اسباب من بينها تشكيات كثير من رجال الاعمال والموظفين التونسيين من "مشكل" الفيزا.. وارتفاع تكاليفها بشكل مستفز.. كما تتزامن هذه "المفاجآت" غير السارة مع تعقيدات في الحصول على تاشيرات سياحية نحو كثير من بلدان الاتحاد الاوروبي الاخرى.. من فضاء شينغن.. بما في ذلك بالنسبة لتاشيرات العمل.. رغم تحسن تعامل السفارة الفرنسية بتونس مع مطالب رجال الاعمال والاعلاميين والنخب وارتفاع عدد الحاصيلن على تاشيرة طويلة المدى.. هذه الطلعات والتعقيدات مخيبة للامال.. لانها لا تبني اجراءات ثقة بين الشعوب.. وخاصة بين نخب المثقفين ورجال الاعمال والشباب.. وهي مناقضة لشعارات الشراكة الاورو متوسطية ولمشروع الاتحاد المتوسطي.. أو الاتحاد من أجل المتوسط.. من حق سلطات الامن البريطانية والاوروبية وغيرها أن تتخذ كل الاجراءات التي تحمي أمنها.. لكن ليس من حقها اهانة شعوب ودول فتحت منذ قرون أبوابا عريضة لملايين السياح والمستثمرين والمثقفين الاوروبيين.. ان التمادي في تعقيد اجراءات التاشيرة نحو بعض البلدان الاوروبية يعني بناء جدار معنوي عملاق من الميز العنصري وسوء التفاهم.. والرفض للاخر.. في وقت بات فيه العالم ومنطقتنا في اشد الحاجة الى جسور جديدة للحوار الثقافي والتفاعل الحضاري والتعاون الاقتصادي والامني الشامل..