القاتل حلاّق سدّد 3 طعنات بمقصّ للضحية وسقط في كمين الشرطة العدلية شقيق الهالك يروي أطوار الجريمة لحظة بلحظة ويتحدث عن المأساة التي خلّفتها الأسبوعي - القسم القضائي سقطت فجأة الصداقة بالضربة القاضية وتلاشت معها «عشرة» سنوات طويلة كان فيها طرفا قضية الحال - التي شهدتها مدينة المهدية فجر أحد الأيام القليلة الماضية - مثالا يحتذى به في الصداقة ولكن فجأة وفي لحظة غضب قصوى تحوّلت صداقة سنوات إلى عداء من أجل «وسخ دار الدنيا»... من أجل 20 دينارا فقط... نعم عشرون دينارا دفعت بشاب إلى الاجهاز على صديق عمره... إلى طعنه في القلب... إلى قتله و«ترميل» زوجته الشابة و«تيتيم» طفلته التي لم تتجاوز ربيعها الثالث. هذا ما حصل فعلا في حدود الساعة الثانية والربع من فجر أحد الأيام الفارطة بقلب مدينة المهدية مما تسبّب في مقتل شاب في التاسعة والعشرين من عمره يدعى كريم منصور وهو تقني بشركة «تونيزيانا» متزوج وله طفلة بعد تعرضه للطعن بمقص أثناء خلاف نشب بينه وبين صديق عمره. فماهي ملابسات هذه الجريمة؟ وماهي دوافعها والظروف التي حامت حول وقوعها؟ «الاسبوعي» وبحثا عن إجابات لهذه الاستفسارات اتصلت بالسيد بديع منصور (الشقيق الأكبر للمأسوف عليه) وتحصلت على المعطيات التالية: إيقاف القاتل في البداية نشير إلى أن هذه الجريمة خلّفت استياء أهالي الجهة وصدمتهم خاصة وأنهم لم يعتادوا على وقوع جرائم القتل إلا نادرا كما نشير إلى المجهودات الكبيرة - حسبما أفادتنا به عائلة الضحية - التي قام بها أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بالمهدية إذ تمكنوا في ظرف قياسي من إلقاء القبض على المظنون فيه وهو حلاّق في بداية العقد الرابع من عمره بعد تحصّنه بالفرار وحجزوا آلة الجريمة وهي مقصّ حلاقة كما حجزوا شفرة حلاقة كان المشتبه به تسلّح بها أيضا. علاقة متينة «هوما زوز خوات بأتمّ معنى الكلمة» - يقول محدثنا ثم يضيف: «لهما قواسم مشتركة فكلاهما يتيم الأب وكلاهما يحنّ على الآخر ويحترمه ويقف إلى جانبه في المسرّات وخاصة شقيقي فقد كان يعطف على (...) ويساعده ماديا ومعنويا بلا حدود حتّى أننا كلما تخاصم مع والدته وأطردته من البيت نسمح له بقضاء الليالي الطوال بمنزلنا كما كنّا نمدّ له يد المساعدة ماديا إذ أنه أغلق قاعة حلاقته بعد خلاف مع والدته (صاحبة المحل) ولم يعثر على موطن شغل قار فساعدته في العثور على عمل بمعمل الصابون ولكنه انقطع لظروف خاصة». ويضيف محدثنا الذي كان متأثرا للغاية بالحادثة ولم يستسغ بعد مصير شقيقه: «أخي كريم الذي يعمل في خطة تقني بشركة تونيزيانا منذ نحو خمسة أعوام كان مغرما إلى أبعد الحدود بالموسيقى ويعمل ليلا «Dj» في الحفلات كما يساعدني أحيانا في العمل بمحلي لبيع الاقراص الممغنطة برجيش وفي ليلة الواقعة تحوّل أخي إلى منزل أحد «الصفاقسية» للعمل بحفل فاصطحب معه صديقه الذي سلّمته في نفس اليوم 250 دينارا». دوافع تافهة وعن دوافع الجريمة قال السيد بديع منصور «يبدو أن الحلاق أراد تسجيل بعض الأغاني على الأقراص المضغوطة فسلّم لشقيقي عشرين دينارا وطلب منه تسجيل بعض الأغاني ولكن يبدو أنه تراجع لاحقا وطلب من أخي أن يعيد له المبلغ المالي غير أن كريم لم يعثر على العشرين دينارا فاغتاظ المظنون فيه واعتقد أنّ أخي رفض إعادة المبلغ إليه ممّا أدى إلى نشوب معركة كلامية بينهما داخل الحفل ثم خارجه غير أن كريم سارع بالعودة إلى البيت. طعنة في القلب وعن أطوار الجريمة قال محدثنا: «كانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف صباحا عندما سمعت طرقا على الباب فسارعت بالاتصال بالطارق الذي لم يكن سوى الحلاق فاستفسرته عن سرّ مجيئة في ذلك الوقت المتأخر فأعلمني بأنه سلّم لكريم عشرين دينارا وعندما طالبه بإرجاعها رفض وشاءت الأقدار أن يلتحق بنا كريم فنشب خلاف حاد بينهما سرعان ما تطوّر إلى مشادة كلامية ولكنني تمكنت من فضّ النزاع ومصالحتهما وعاد الحلاق من حيث أتى وتوجه أخي إلى غرفته للنوم ولكن بعد فترة زمنية وتحديدا على الساعة الثانية والربع ليلا فوجئت بالمشبوه فيه يعود إلى البيت فنزل كريم إليه هذه المرة ليتجدّد الخلاف بينهما ويتطور هذه المرة إلى تبادل للشتائم». وأضاف محدثنا: «عندما ارتديت ثيابي ونزلت إلى الشارع فوجئت بحالة الهيجان التي كان عليها الحلاق الذي نجح في استدراج أخي إلى أحد الأنهج وهناك فاجأه بطعنة حادة في القلب ثم استغل سقوطه أرضا وسدّد له طعنتين أخريين ثم لاذ بالفرار وعندما التحقت بهما عثرت على شقيقي طريح الارض يحتضر ثم سرعان ما فارق الحياة... كانت صدمة كبيرة لكل أفراد العائلة... لا أحد صدّق ما حصل خاصة وأن الجميع يعرفون جيّدا الصداقة التي تربط بين أخي وقاتله ولكن هذا الذي حصل ليدفع أخي الثمن من أحل «حفنة» من الدينارات مخلّفا مأساة اجتماعية... زوجة شابة وطفلة في عمر الزهور بلا مورد رزق ولا أي دخل قار. وقد أثنى محدّثنا على شركة «تونيزيانا» قائلا: «لقد قام مسؤولوها بالواجب إثر وفاة أخي ووقفوا إلى جانب العائلة ماديا ومعنويا وهذه لفتة خفّفت من وطأة المصاب ورفعت معنويات أفراد العائلة المنكوبة. صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: