تؤهلهم للمسؤوليات في عهد الرشد. أما شبابنا فيواجه في تلك الشؤون نفسها صعوبات اضافية سببها أن مجتمعاتنا لا تزال تصارع عوامل التخلف وتجهد للنهوض من الكبوة. وأبرز أن قضية النهوض تتضافر فيها خطط التنمية الحديثة وجهود حضارية وثقافية من أجل احياء القيم الأصيلة التي أغلبها تضاءل ولم يبق منها الا هياكل وعادات، أغلبها مقفر من الروحية التي بها العمل الحضاري. لذلك فإن النهوض بمجتمعاتنا مشروع حضاري مزدوج لايزال في مخاض في شقه التطويري، أما شقه الانمائي فمعرض لكثير من العطل والارتباك بسبب تنازع القوة بين التليد والحديث داخل البنى الاجتماعية والثقافية والاخلاقية. ولا يمكن الحديث عن مشاكل الشباب عندنا دون امعان النظر في هذه الاشكالية المتمثلة في صراع القديم والحديث، أثناء عملية تهيئة أجيال الغد. ولا شك أن ما يزيد في تعقيد هذه الاشكالية الضرورة الداعية الى تشريك شبابنا منذ صغر سنهم في مجالات تطوير المجتمع، رغم أنهم لا يزالون منشغلين ببناء شخصيتهم، وذلك يقتضي أن تتعامل مجتمعاتنا مع شبابها بما يسمح بإقحامهم في منازل متراقية من المسؤوليات المجتمعية. واعتبارا لما في ذلك من عسر فانه يتعين على مجتمعاتنا توخي مسالك نافذة الى اكساب الاجيال الصاعدة تربية اخلاقية ومجتمعية تؤهلهم لمساندة المشروع الوطني على الوجه الصحيح، لا طفرة الى الغربة الثقافية والحضارية ولا انخداع بأصوات تدعو الى ثورة زائفة، هي انتكاس حضاري وجمود ثقافي. وفي معالجة اشكالية الشباب الانطلاق يجب ان يكون من آية التكريم «ولقد كرمنا بني آدم» هي التي تحكم مسار الانسانية قاطبة، لأنها تتضمن المقاصد التي اليها الاحتكام في كل اطوار الحياة. وتركزت محاضرة الاستاذ الشاذلي القليبي في جانبها الثاني حول صراع الحضارات، حيث قال «من واجبنا أن نتساءل عن أحقية هذا المفهوم الجديد الذي أطلقه مفكرون في الغرب، واعتمدته سرا أو جهرا في كثير من القضايا الدولية الديبلوماسية الغربية». وبين أن منطلق الحضارة يقضي بأنه لا يحق الانتساب الى الحضارة الا لما يقوم على أسس متكافئة من المبادئ السلمية المرتكزة على كرامة البشر وعلى واجب التضامن بينهم. وخلص الاستاذ الشاذلي القليبي في محاضرته الى قيمنا الحضارية فبين أنه من أوكد واجباتنا توخي أساليب ناجعة لتوعية شبابنا بجلال مقاصد حضارتهم، وأول هذه المقاصد وأجلها وادعى الى التركيز عليها، اعلاء شأن العقل، الاجتهاد في كل أمور الدين والدنيا، طلب العلم، وكذلك واجب العمل لأنه يمثل الشرف. وتبقى محاضرة الاستاذ الشاذلي القليبي غنية بما جاء فيها من تحليل عميق وفهم للواقع العربي والاسلامي ولدور الشباب فيه، وقد لا نفي بكامل ما جاء فيه من خلال تلخيصنا لها.