تونس - الصباح: إلى جانب كونه فصل «الخلاعة» و«العطل» المدرسية والمهنية، فإن فصل الصيف يعتبر فصل الغلال حيث يتنوع فيه هذا المنتوج وترخص أسعاره... فالجميع ينتظر هذا الفصل للتمتع بخيرات الأرض من خضر وغلال خاصة حيث تتواجد في الصيف كل أنواع الثمار والغلال تقريبا من دلاع وبطيخ وعنب وخوخ ومشمش وإجاص بمختلف أنواعه إلى جانب العوينة واللوز وغير ذلك من الخيرات التي تبدأ في بداية الصيف بأسعار مرتفعة نوعا ما تصعب على متوسطي الحال ثم تنخفض لتكون في متناول الجميع طيلة شهري جويلية وأوت وكذلك سبتمبر. لكن هذه السنة «اختفت» هذه «النعمة».. أو بالأحرى تواجدت في الأسواق، لكن اختفت من «قفاف» ضعاف الحال وحتى ذوي الدخل المتوسط... فالمتأمل هذه الأيام في أسعار الخضر والغلال يلاحظ الارتفاع المشط وغير العادي للأسعار... فالخوخ مثلا تراوحت أسعاره بين ال1180 و1800 والعنب مازال يحلق فيما فوق ال2500 والإجاص لم يتنازل وينخفض الى ما دون ال1800.. أما البطيخ فإن سعره استقر على ال600 مليم فما فوق ونفس الشيء بالنسبة للدلاع الذي يعتبر الغلة الرئيسية في الصيف والذي تراوح سعره بين ال280 مليما وال350 للكلغ.. هذه الأسعار تعتبر مضاعفة إذا ما قورنت بنفس الفترة من السنة الماضية.. وهو ما جعل المستهلك يحد من استهلاكه العادي للغلال في هذه الفترة بل أنه ظل يتأمل البعض منها في رفوف وصناديق التجار والخضارة دون أن تكون له «الجرأة».. بل دون أن تكون له «القدرة» على الاشتراء رغم اغراءات العين والبطن والحاح الأطفال والعائلة.. فأسعار الغلال اليوم غير عادية وتصعب على جيب المواطن العادي فما بالك بالمواطن ضعيف الحال. منظمة الدفاع عن المستهلك تقر هذا الوضع شغل بالفعل منظمة الدفاع عن المستهلك التي اعتبرت أسعار الغلال هذا العام غير عادية لحد الآن خاصة بالنسبة للغلال الموسمية وبالأخص الخوخ والمشمش والإجاص والتفاح. وأرجع مصدر من المنظمة ذلك الى تلاعب بعض الوسطاء وكذلك الى تزايد عمليات التخزين التي تعود بالفائدة على المستهلك من ناحية تواجد كل أنواع الغلال طيلة السنة ولكن تؤثر على السعر الذي يرتفع بانخفاض العرض. كما أرجع مصدرنا المسألة كذلك الى الأحوال الجوية وموجة الأمطار التي جاءت في غير وقتها قبل الصيف ثم موجة الحرارة المرتفعة التي أثرت على المحصول. وقال محدثنا أن عملية توريد بعض الغلال من دولة شقيقة ومجاورة ستعدل تدريجيا الأسعار ولكن من الصعب أن تصل الى نفس الأسعار التي بيعت بها في السنوات الماضية. الفلاح يشتكي والتاجر يتبرّأ «الصّباح» التقت بعض الفلاحين الذين اجمعوا على انهم الضحية الاولى لوضع السوق... فالغلال تخرج من عندهم بسعر معين لتباع للمستهلك بأضعاف أضعاف ما بيعت به.. وقال السيد محمد الهادي (فلاح من سليانة) ان الفلاح يتداين ويقترض ويتعب ويزرع ويحصد ليكون ربحه - ان وجد - اقل بكثير مما يكسبه الوسيط وحتى التاجر الذي يسمح له بهامش ربح كبير... وبالتالي يكون المنتج متضررا والمستهلك متضررا أما الوسيط والبائع فهما الرابحان على طول الخط. هذه التهمة نفاها السيد رشيد خضار بأحد أحياء العاصمة الذي رد بأن هامش الربح الممنوح له وان كان مرتفعا فانه يقل بالنظر الى تكلفة وصول البضاعة من سوق الجملة الى محل تجارته زد على ذلك ماينفقه على الدكان وايضا ما يبقى ويتلف من البضاعة... خاصة ان اعتماد الهامش الأقصى للربح يقابله ترك الحرية للمستهلك لاختيار ما يحلو له من غلال وثمار وهو ما يميز عدة محلات خضارة عن الاسواق التي تكون اسعارها اقل لكن لا يحق فيها للمستهلك الاختيار ولا يسمح له بلمس السلع وبالتالي فان البائع يحشر الجيد بالرديء والناضج بالنيء والمعفن بالجديد وهكذا يدفع المستهلك اقل ولكنه يتلف شطر ما اشتراه بمجرد عودته الى منزله.. وبالتالي يكون من دفع اكثر ومن سمح له بحرية الاختيار قد كسب اكثر من المستهلك الآخر. عموما.. ولحد الآن يعتبر موسم الغلال لهذا العام موسما غير عادي... والأكيد ان المستهلك يعد هو الخاسر الأكبر من ارتفاع الاسعار خاصة ان هامش ربح التاجر يرتفع كلما ارتفع السعر.. فهل ستتواصل الوضعية كامل الصيف أم أن بعض العوامل والأطراف ستتدخل لتعديل الاسعار والحد من ارتفاعها غير العادي.؟