تونس الصباح: دفع الاستثمار الوطني وجلب الاستثمار الخارجي بفضل ما يوفره من ضمانات وما يكمله من شفافية ونجاعة في تسيير الشركات التجارية وارساء قواعد الادارة الرشيدة فيها بما يساعد على تطوير مناخ الأعمال واضفاء الطمأنينة في نفوس كافة المتدخلين في حياة الشركة يمثل الهدف من تعديل مجلة الشركات التجارية ذلك ما اكده السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان خلال الملتقى العلمي الذي انعقد أمس بتنظيم مشترك بين مركز الدراسات القانونية والقضائية والمعهد العربي لرؤساء المؤسسات حول محور «الجديد في قانون الشركات التجارية بعد اصلاح 16 مارس 2009» الذي انتظم في مقر المعهد. ارساء مناخ استثمار سليم وذكر الوزير ان تعديل واتمام بعض احكام مجلة الشركات التجارية بموجب قانون 16 مارس 2009 يتنزل في اطار حرص بلادنا على ارساء مناخ استثمار سليم يقوم على مبادئ الشفافية والمسؤولية. كما يظل الاطار التشريعي المتعلق بمناخ الاستثمار في حاجة مستمرة الى التعديل والتطوير بما يجعله مواكبا لمستجدات الفضاء الاقتصادي والتجاري وطنيا ودوليا وذلك بما يتلاءم مع خصوصيات واولويات كل مرحلة من مسار التنمية في محيط دولي متقلب. ويمثل هذا التعديل حسب تعبير الوزير خطوة اولى تهدف الى تحسين تصنيف تونس دوليا بما يعزز قدرتها على استقطاب الاستثمار الاجنبي وذلك بفضل ما توفره من ضمانات وتدعيم حقوق اقلية المساهمين الذين اصبحوا يضطلعون بدور متزايد في تمويل الاقتصاد الوطني. كما يهدف تعديل بعض احكام مجلة الشركات التجارية بموجب قانون 16 مارس 2009 الى دعم الادارة الرشيدة في الشركات خفية الاسم وذلك بمراعاة مقتضيات المرونة مع المحافظة على شفافية المعاملات والحرص على تجنب تضارب المصالح من قبل المسيرين الذين أوجب عليهم القانون ابرام العمليات التجارية بصفة عادلة. واضاف وزير العدل وحقوق الانسان انه تدعيما لمسؤولية المسير في الشركات خفية الاسم والشركات ذات المسؤولية المحدودة وحد القانون الجديد النظام المنطبق على دعوى سد العجز في صورة مرور الشركة بصعوبات حادة وخوّل القيام بها لكل دائن وباعتبار ان الدائن لا يمكنه ان ينتظر حتى تفلس الشركة ليقوم بدعوى في مسؤولية المسيرين تم تدعيم امكانية مقاضاة المسيرين امام القضاء المدني ولوضع تواصل نشاط الشركة حيث وضعت احكام خاصة تتماشى في مجملها مجلة الالتزامات والعقود. كما جاء هذا القانون بتخفيف مسؤولية الشركاء حيث الغى قاعدة التفليس الشخصي للشركاء في شركات الاشخاص وذلك مع الابقاء على مسؤولياتهم المالية اي على قاعدة تضامن هؤلاء الشركاء في اداء ديون الشركة. بالاضافة الى ان القانون تضمن احكاما اخرى تهدف الى تفادي النزاعات في الشركات وخاصة منها تحويل الاقلية التي تحس بان مصالحها مهددة من قبل الاغلبية المالكة لنسبة مرتفعة جدا من رأس المال من الخروج من الشركة بدلا من التقاضي والخصومات. وللاشارة فان هذا النظام كان معمولا به بالنسبة للشركات ذات المساهمة العامة وقد وقع توسيعه.. الشركات خفية الاسم ذات المساهمة الخصوصية. الاطار الاقتصادي لقانون الشركات التجارية وفي تصريح ل«الصباح» افادت السيدة روضة الصمودي قاضية باحثة بمركز الدراسات القانونية والقضائية ان الاطار القانوني الذي يندرج فيه التنقيح في قانون الشركات التجارية في 16 مارس 2009 هو اطار اقتصادي بحت يهدف الى تشجيع وتحفيز مناخ الاعمال في تونس وقد تم ادخال بعض المرونة وبعض الشدة فيه. ويتمثل التنقيح في عدة نقاط من بينها ادخال تنقيحات على نظام الاتفاقات على اساس ان يكون كل اتفاق مشروعا على ان لا يقع اضرار من خلاله على بقية الشركاء بالاضافة الى الاتفاقات التي يمكن ان يقوم بها المسير باستعمال اسم الشركة والمتمثل في فصل 200 الذي اصبح على حد قولها مجلة مستقلة باعتباره حدد بصفة واسعة نطاق تدخل المسير والمخاطر التي تحيط بتصرفاته التي لا تخضع للشروط القانونية والتي اوجبها القانون. بالاضافة الى مسؤولية المسيّر في اطار القانون الجزائي حيث اعتبر هذا القانون ان المسيّر مطالب بوضع على ذمة شركائه مجموعة من الوثائق المتعلقة بالموازنات في مكان معين وأجل معين وفي صورة مخالفة المسير اكدت السيدة روضة الصمودي على امكانية ان يتم تغريمه بقيمة مالية تتراوح بين 500 و5000د. تدعيم شفافية المؤسسات وتتمثل الابعاد الاقتصادية للجديد في قانون الشركات التجارية في تدعيم شفافية المؤسسة وتدعيم حقوق اصحاب رأس المال بالاضافة الى تأطير صلاحيات المسيرين وهو ما أكده السيد أحمد الورفلي قاضي رئيس فريق عمل بمركز الدراسات القانونية والقضائية. واضاف ان الغاية الكبيرة من تنقيح القانون هو تطوير النطام الاقتصادي حيث نريد ان تكون لدينا شركات كبيرة تقوم بمشاريع كبرى ولديها طرق تمويل جديدة لا تعتمد فقط على التمويل البنكي حيث يجب الالتجاء الى ما سماه بالادخار العام وهو التوجه الى الجمهور وذلك في اطار الدخول في شراكة وهو ما يلزم التمتع بقدر كبير من الشفافية. وأكد السيد أحمد الورفلي ان هذا القانون غير مرتبط بالازمة واضاف انه لو لم تندلع الازمة المالية الاقتصادية لتم ايضا التعديل في القانون حيث انه لا يمثل قانونا ظرفيا بل هو خيار جوهري ودائم. اما بالنسبة لمصادر الاستلهام لهذا القانون فقد أكد الورفلي انه تم اعتماد القانون الانقليزي والفنلندي والألماني والكندي بالاضافة الى القانون الفرنسي بينما في الماضي يتم الاستلهام من القانون الفرنسي فقط. وللاشارة تم تنظيم الشركات التجارية بنصوص متفرقة تعلقت بالشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركة حفية الاسم وبالسجل التجاري ثم وقع تدوين احكامها في المجلة التجارية الصادرة في 5 أكتوبر 1959. وفي اطار مواكبة الاصلاحات الاقتصادية العميقة تم في 3 نوفمبر 2000 اصدار مجلة الشركات التجارية التي عوضت احكام المجلة التجارية. وبالنظر الى اهمية هذه المجلة المرجعية وتأثير احكامها على النشاط الاقتصادي وخصوصا على حركية الاستثمار وبعث المؤسسات فقد اقتضى واقع المعاملات تطوير احكامها لمواكبة التطورات الدولية المتسارعة وللمعايير الدولية لمناخ الاعمال بوجه عام وقوانين الشركات بوجه خاص ونذكر على سبيل المثال المعايير التي اقرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والبنك الدولي وغيرهما من المنظمات والمؤسسات.