تونس الصباح جاء في التقرير الخاص بحوادث المرور الصادر عن المرصد الوطني للمرور بمناسبة العطلة الآمنة للصائفة الجارية، أن مشاركة الدراجات النارية في حوادث المرور وضحاياها تعتبر إلى حد الآن مرتفعة. وقد بلغ معدل هذه المشاركة خلال الخماسية 2004-2008 (48.27% من مجموع الحوادث و65.18 من مجموع القتلى على الطريق). وتشير الإحصائيات إلى أن من أهم الأسباب التي تزيد من خطورة حوادث هذه الوسائل عدم ارتداء الخوذة وعدم استعمال الإنارة أثناء السير ليلاً. وتشكل الإصابات في الرأس بين راكبي الدراجات النارية أهم أسباب الوفايات. وقد تبيّن من خلال إحدى الدراسات أن احتمال تعرض غير المستعملين منهم للخوذات الواقية، إلى مخاطر الإصابة في الرأس يتضاعف بحوالي 3 مرات قياسًا بالذين يستعملونها. كما يعدّ استعمال الضوءين الأمامي والخلفي للدراجة النارية إجباريًا عند السير في الليل، وكذلك في النهار حتى يمكن رؤية هذه الوسيلة بوضوح من قبل بقية السواق وبالتالي تفادي الاصطدام بها. لكن الثابت أن 95% من سواق الدراجات النارية لا يستعملون الأضواء نهارًا، وقرابة 18% لا يستعملونها ليلاً. وعلاوة على هذا فإن ضرورة ارتداء ثياب فاتحة اللون أو بها أجزاء عاكسة للضوء حتى تتسنى رؤية مرتديها من سواق الدراجات النارية أثناء الليل تخفض من نسبة تعرضهم لحوادث إلا أن أغلبهم للأسف لا يعتمدون هذه الأساليب الواقية. مراجعة مجلة الطرقات... والدراجة النارية ينتظر أن يعرض اليوم على أنظار مجلس النواب في جلسة عامة، مشروع قانون سيتم من خلاله تنقيح عديد الفصول من مجلة الطرقات. فهل سيكون للدراجة النارية باعتبارها وسيلة نقل يستعملها الآلاف من المواطنين، ويتطور عددها في عديد المدن التونسية باطّراد، قسطًا من هذا التنقيح الذي سيتم إدخاله على المجلة ؟ خاصة أن الدراجة النارية باتت سبب جزء هام من الحوادث اليومية على الطرقات. كما أن جملة الإجراءات الخاصة بها لم تُنفّذ منذ سنوات رغم الإعلان عن نية تطبيقها. مصادر علمية من وزارة النقل أفادت أن التعديل الحاصل في مجلة الطرقات شمل هذه المرة 11 فصلاً. ويعتبر هذا التعديل الأوسع والأهم منذ سنوات حيث أنه طال جملة من الجوانب المتعلقة بأنواع المخالفات وأيضًا قيمة الخطايا المالية للمخالفين. لكن الملفت للانتباه أنه بالرغم من هذا التنقيح الواسع لفصول المجلة، فإن الدراجة النارية وقوانين سيرها على الطريق والمخالفات والحوادث المنجرة عنها وخاصة حماية مستعمليها لم تحظ بشيء من هذا التنقيح الجديد الذي شمل فصول المجلة. وقد كان من المنتظر وبالإمكان ومن الضروري أيضًا العودة إلى القانون الخاص بقيادة الدراجات النارية الذي تم في شأنه تطويرٌ شمِل إجبارية أن يحمل سوّاقها رخصة من صنف "أ" وأن تكون الدراجة حاملة لأرقام منجمية تحدد هويتها. كما كان بالإمكان أيضًا ضرورة النظر في إفراد الدراجات النارية ومستعمليها بمسلك خاص على الطريق، وذلك على غرار ما هو معمول به في معظم البلدان الأوروبية وحتى بعض مدننا التونسية التي تُستعمل فيها الدراجة النارية بكثرة. فلماذا وقع إهمال هذين الفصلين من المجلة رغم تنامي استعمال الدراجة النارية ورغم صدورهما منذ سنة 2006 ؟ استعمالها في تونس تفيد مصادر المرصد الوطني للمرور أن ظاهرة استعمال الدراجة النارية تتنامى خلال السنوات الأخيرة في تونس، ويتراوح اعتمادها كوسيلة للنقل بين 9% في العاصمة وبعض المدن، بينما تصل هذه النسبة إلى 20 و30 وحتى 40% في مدن الساحل والوطن القبلي وخاصة مدينة صفاقس وبعض مدن الجنوب. ويشار أيضًا إلى تنامي استعمال هذه الوسيلة بشكل بارز، خاصة خلال فصل الصيف وتحسّن المناخ، حيث يعمد العديد من المواطنين إلى استعمالها في تنقلاتهم وجولاتهم وخاصة منهم الشبان الذين ازداد إقبالهم على نوعية «السكوتر» التي تتميز بسرعة هامة وركوب مريح. ولعلنا لو اتجهنا إلى مدن مثل نابل وقليبية ومكنين وسوسة وغيرها من المدن الساحلية للاحظنا أكثر فأكثر حضور هذه الوسيلة على الطريق وعلى وجه الخصوص في اتجاه الشواطئ صيفًا. كما تشير الإحصائيات الواردة من صفاقس أن نسبة 50% من رواد شواطئ الشفّار والشابة وحتى المهدية، يتنقلون إلى البحر على متن دراجاتهم النارية، وقد سُجلت وتسجل العديد من حوادث الطرقات الناجمة عن استعمالها وذلك بالرغم من حملات المراقبة الجارية على الطرقات. إن جملة هذه الحوادث والاستعمال المتنامي للدراجة النارية يدعو إلى ضرورة التفكير بعمق في الإحاطة بهذه الدراجة ومستعمليها خاصة أنها تسجل عودة واسعة لها كبديل عن السيارة مع ما سجل من ارتفاع في أسعار البنزين.