قد لا يكون الأمر سوى رسالة مضمونة الوصول إلى الإدارة الأمريكية ..فالبلدان المشاركة في المناورات العسكرية ضمن "مجموعة شنغاي" تلتقي في قاسم مشترك وهو الرغبة في وضع حد لتأثيرات الولاياتالمتحدة على الأوضاع الداخلية ومحاولة الإبقاء على استقلالية نسبية تجاه واشنطن. وإذا كانت روسيا تتزعم منذ فترة تيار إعادة إحياء الحرب الباردة والوقوف في وجه التوسع الأمريكي خصوصا في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى فإنها في هذه المرة جمعت أعضاء مجموعة شنغاي لإضفاء جانب عملي على رفض هيمنة القوة الواحدة في العالم وإضفاء شيء من التوازن على المجتمع الدولي وبالتالي ليس هناك أفضل من استعراض القوة العسكرية عبر المناورات والعمل الجماعي لإفهام واشنطن "المعطى الجديد" على الساحة الدولية. فالصين وروسيا وكازخستان وكيرغيزيا وطاجكستان وأوزبكستان يهمها الحفاظ على جملة من الموروثات على الصعيد الإقليمي والدولي فهناك نوع من الزعامة الروسية والصينية التي تهدف بالأساس إلى الحيلولة دون التغلغل الأمريكي الكلي سواء في أوروبا الشرقية أو آسيا وهو ما يؤشر لعودة الحرب الباردة في سياق جديد. وعند التمعن في أهداف كل من الصين وروسيا وبقية البلدان المذكورة يبرز الهدف الرئيسي المتمثل في محاولة الإبقاء على الوضع الراهن أي عدم إفساح المجال لأميركا لكي تتدخل في شؤون الصين وروسيا والإبقاء على الأنظمة الحاكمة في الجمهوريات الخمس لان الإدارة الأمريكية بحكم تجاربها مع بعض بلدان أوروبا الشرقية قادرة على التلويح بملفي الديموقراطية وحقوق الإنسان. ويبدو أن موسكو وبيكين تعتقدان أن الوقت قد حان لهجوم مضاد ضد الولاياتالمتحدة بهدف تحقيق مناعة داخلية ومواصلة بناء القوة الإقتصادية بالنسبة للصين ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية والعمل على استمرارية سياسية في روسيا تكفل الاستقرار الداخلي وبقاء روسيا مزودا رئيسيا لأوروبا بالغاز الطبيعي. إن المناورات العسكرية وقرار روسيا بإعادة طلعات المقاتلات الاستراتيجية تعد حقلة في حرب خفية بين روسيا والصين من جانب وأمريكا من جانب آخر غير أنها قد لا تكون بنفس مقومات الحرب الباردة نظرا للتفوق النوعي والكمي العسكري لأمريكا وانفرادها بالهيمنة على مناطق استراتيجية عديدة سواء بالتواجد العسكري المباشر أو عبر أنظمة سرعان ما انحازت لواشنطن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي .