تونس الصباح اختتمت مناقشات مشروع الحكومة لميزانية عام 2010 بعد أن صادق مجلس المستشارين على ميزانيات مؤسسة رئاسة الجمهورية والمجلسين النيابيين وكل الوزارت.. بعد سلسلة من المناقشات الماراطونية في مستوى اللجان والجلسة العامة في مجلسي النواب والمستشارين برئاسة السيدين فؤاد المبزع وعبد الله القلال.. في جلسات شارك فيها كل أعضاء الحكومة بالتداول.. وحضر بعضها السيدان محمد الغنوشي الوزير الاول وعبد العزيز بن ضياء وزير الدولة المستشار الخاص لرئيس الجمهورية الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.. وعدد من قيادات الاحزاب والاطراف الاجتماعية والشخصيات الوطنية البارزة.. فماهي الحصيلة السياسية ل«ماراطون« الاجتماعات والمناقشات في مستوى اللجان المختصة والجلسات العامة للمجلسين النيابيين؟ من خلال متابعة سلسلة تقارير اللجان التي لخصت مناقشات السادة أعضاء الحكومة مع اعضاء المجلسين.. وسلسلة التدخلات في الجلسات العامة يتضح أن كثيرا من النواب والمستشارين أعربوا عن انشغال خاص بمجموعة من الملفات من بينها بالخصوص البطالة.. والمشاكل التي تشغل الشباب.. ومضاعفات الازمة الاقتصادية العالمية.. وتطوير واقع الاعلام الوطني وصورة تونس في الخارج.. ومستجدات علاقات تونس الاقليمية والدولية.. ودورالمجتمع المدني والديبلوماسية الموازية في المرحلة القادمة في تطوير إشعاع تونس دوليا.. المؤشرات الاقتصادية.. والاجتماعية وقد عبرت بعض المداخلات في المجلسين عن تخوفات من تطور المشهد الاقتصادي.. ودعوا إلى »مزيد من الشفافية« في التعامل مع ملفات الاستثمار والخدمات.. وقد عبر بعضهم مثل المستشار والخبير الاقتصادي والجامعي السيد عبد الستار قريسة عن »تخوفاتهم من مضاعفات الازمة الاقتصادية على تونس ومن تراكم بعض الظواهر السلبية.«. فيما نبه عدد من النواب والمستشارين وممثلي المعارضة من معضلات البطالة والفقر.. خاصة في بعض المناطق الغربية وفي الجنوب.. مثلما جاء على لسان المستشار السيد محمد حرمل الرئيس الشرفي لحركة التجديد والنائب طارق الشعبوني ممثل نفس الحركة في مجلس النواب وثلة من النواب والمستشارين من أحزاب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي والوحدة الشعبية والديمقراطيين الاشتراكيين.. تطمينات لرجال الاعمال والنقابات والاحزاب وقد تفاعل خطاب الحكومة مع مشاغل النواب والمستشارين مثلما جاء في كلمات السادة محمد الغنوشي الوزير الاول ومحمد الرشيد كشيش وزير المالية ومحمد النوري الجويني وزيرالتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي وخليل العجيمي وزير السياحة.. ومن بين المؤشرات الايجابية حسب البعض توقعات بتحقيق نسب نمو »معقولة« العام القادم.. رغم مضاعفات الازمة العالمية.. واستعدادا لكل الفرضيات فقد وقع الترفيع في ميزانية الدولة بنسبة 6،6 بالمائة. مقارنة بميزانية العام الحالي أي ب18335 مليون دينار عام 2010 مقابل 17206م.د هذا العام. ومن بين العناصر المطمئنة حسب الوزيرالاول وأعضاء الحكومة أن 77 بالمائة من موارد الميزانية من »موارد ذاتية« أي ب14166 مليون دينار.. مقابل 23 بالمائة فقط من موارد اقتراض بمبلغ 4169 مليون دينار. وتعتمد هذه التقديرات بالخصوص على النتائج المحتملة لسنة 2009 وتطور مختلف المؤشرات الاقتصادية لسنتي 2009 و2010 خصوصا في ما يتعلق بالنمو على التوالي ب3 بالمائة و4 بالمائة بالاسعار القارة وتطور واردات السلع الموجهة للسوق الداخلية بالنظام الداخلي من ناحية وادراج مداخيل بعنوان عمليات التخصيص وتعبئة هبات خارجية من ناحية اخرى. وقد وقع حصر عجز الميزانية دون التخصيص والهبات في حدود 6،3 بالمائة من الناتج. »مرحلة اقتصادية وسياسية جديدة« واعتبر وزير المالية السيد محمد الرشيد كشيش ونواب ومستشارون من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي أن من بين المؤشرات الايجابية أن قانون المالية لسنة 2010 الذي يعد 56 فصلا تضمن اجراءات »مهمة جدا لدفع الاستثمار وتعزيز مواطن الشغل واجراءات لدعم القدرة التنافسية للمؤسسة والتشجيع على التصدير واجراءات ذات طابع اجتماعي واجراءات لمواصلة الاصلاح الجبائي وتحسين نسبة الاستخلاص«. واعتبر وزير المالية في كلمته في مجلس المستشارين أن بلادنا »تقبل على مرحلة جديدة من مسيرتها السياسية والتنموية بكل ثقة وعزم وطموح مستندة في ذلك الى الاجماع الوطني الواسع حول سيادة الرئيس والى انخراط كافة شرائح المجتمع وفئاته في برنامج سيادته المستقبلي«. السياسة الخارجية ملفات السياسة الخارجية كانت بدورها في صدارة اهتمام النواب والمستشارين.. مثلما كشفته تقارير اللجان والجلسات العامة في المجلسين وردود وزير الخارجية السيد عبد الوهاب عبد الله.. ومن بين أهم الفقرات التي وردت في المداولات وفي ردود وزير الخارجية في رده الربط بين السياسة الخارجية وتحسين صورة في الخارج من جهة ودور الديبلوماسية التونسية في »استقطاب الاستثمارات الاجنبية واستكشاف أسواق جديدة ومتنوعة لصادراتنا والبحث عن فرص لتشغيل أصحاب الشهادات العليا في اطار تعزيز مجالات التعاون الفني«. العلاقات مع فرنسا وامريكا وقد كان ملف علاقات تونسبفرنسا والاتحاد الاوربي من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية من بين »القضايا السخنة« التي أثارها النواب والمستشارون في مستوى اللجان والجلسات العامة.. خاصة أثناء مناقشة بيان الحكومة ومشاريع موازنات وزارات الخارجية والاتصال والتعاون الدولي.. وقد أكد السادة محمد الغنوشي وعبد العزيز بن ضياء وعبد الوهاب عبد الله ومحمد النوري الجويني على حرص تونس على احترام سيادة قرارها الوطني.. وأوضح وزير الخارجية أن »العلاقات التونسية الاوروبية جديرة بأن ترتقي الى وضعية الشراكة المتقدمة بما من شأنه أن يفتح افاقا أرحب أمام تنويع وتعميق التعاون بين الجانبين وتطويره«.. ورغم »السحابة« التي خيمت على العلاقات التونسية الفرنسية جزئيا خلال المرحلة الماضية.. اعتبر وزير الخارجية في ردوده أمام مجلس المستشارين أن »هذه العلاقات عريقة ومتينة تستند الى رصيد ثري من التعاون المتنوع والمصالح المشتركة« وأعلن أن البلدين يحرصان من خلال تعدد اللقاءات والمشاورات في عديد المستويات على »توثيق الروابط التي تجمعهما وتعزيز علاقاتهما والارتقاء بها الى مراتب أفضل في مناخ من الصداقة والثقة والاحترام المتبادل«. وبخصوص العلاقات الاوروبية المتوسطية كشف وزير الشؤون الخارجية أن تونس تستعد في اطار رئاستها للحوار 5/5 على مستوى وزراء الخارجية لاحتضان الاجتماع الوزارى المقبل خلال سنة 2010 كما أنها تحرص في اطار الاتحاد من أجل المتوسط »على الاسهام في بلورة مشاريع عملية وملموسة ذات بعد اقليمي في مجالات الطاقة المتجددة والبيئة ومقاومة التلوث والبحث العلمي والتكنولوجيا«. ولدى تطرقه الى خطة العمل الاستشرافية الهادفة الى تنويع علاقات تونس مع دول القارتين الامريكية والاسيوية أعلن الوزير أن تونس حريصة على »تطوير الاطر القانونية للتعاون مع هذه الدول وتدعيم العلاقات البرلمانية وتنشيط عمل جمعيات الصداقة«. الاعلام.. الحريات.. وحقوق الانسان وكانت ملفات الاعلام وحقوق الانسان والعلاقات بين أحزاب المعارضة والتجمع الدستوري الديمقراطي والحكومة في صدراة الاهتمام أيضا.. لا سيما على لسان بعض المستشارين مثل السادة المنذر ثابت وامنة صولة ومحمد حرمل ومحمد مواعدة ورضا الملولي ومحمد شندول.. مثلما كانت من قبل في صدراة اهتمام عدد من النواب مثل السادة اسماعيل بولحية وهشام الحاجي ويوسف بلاغة وعادل الشاوش.. وقد أكدت ردود السادة رفيق الحاج قاسم وزيرالداخلية والبشير التكاري وزيرالعدل وحقوق الانسان وأسامة الرمضاني وزير الاتصال بالنيابة على ما »تضمنه البرنامج الانتخابي لسيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي.. خاصة في النقطة الاولى.. من توجهات وخيارات اساسية شكلت فعلا خطى جديدة على درب الديمقراطية وترسيخ التعددية«. وأورد السيد أسامة رمضاني ان »حرية الاعلام والتعددية الفكرية والسياسية واقع ملموس تكرسه مختلف المبادرات الرائدة لرئيس الدولة الذي دعا في أكثر من مناسبة الى التحلي بالجراة المسؤولة في ما يتناوله الاعلام من قضايا وملفات وهو ما جدد تاكيده في خطابه بمناسبة اداء اليمين الدستورية«. وتعقيبا على مطلب تكثيف الاستشارات ومنابر الحوار أورد أن »القنوات الاذاعية والتلفزية تواصل توسيع فضاءات الحوار أمام ممثلي الاحزاب السياسية والمجتمع المدني التي بلغت نسبة مشاركتها في البرامج الحوارية التلفزية على قناة تونس 7 هذه السنة حوالي 75 بالمائة من تلك البرامج«. وأورد السيد اسامة الرمضاني ان »القطاع وهو يتأهب لتنفيذ ما جاء بالبرنامج الانتخابي للرئيس بن علي.. يحتاج الى اراء وأفكار كافة الاطراف«.. ولاحظ الوزير بالنيابة في ردوده على استفسارات بعض المستشارين أن من أبرز المقومات الاساسية للممارسة الاعلامية في تونس »حرية التعبير والابداع في نطاق القانون وأخلاقيات المهنة«. وأعلن أن حوالي 90 بالمائة من الصحف والمجلات تصدر عن القطاع الخاص فيما بدأت تجربة القنوات التفزية والاذاعية الخاصة »تقنع الجميع بمزاياها«. نظام رئاسي الحصيلة السياسية لاسابيع من المداولات في المجلسين النيابيين والحوارات المباشرة مع الحكومة تبدو مهمة.. فيما يتواصل تطلع الطبقة السياسية الوطنية إلى ملامح الحياة السياسية في مرحلة »ما بعد الميزاينة«.. خاصة في ظل تزايد الحديث عن احتمال ادخال تعديل جزئي أو واسع على تركيبة بعض المؤسسات الوطنية وعلى الحكومة.