بدأت أمس في ألمانيا اجتماعات وزراء خارجية الثماني الكبار أي روسيا والدول الصناعية الرأسمالية الكبرى.. تمهيدا لاجتماع القمة الذي سينتظم الاسبوع القادم بين قادة الدول الثماني.. بينهم الرئيسان بوش وبوتين ورئيس وزراء اليابان ورؤساء الجمهورية والحكومة في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وكندا.. هذان الحدثان الدوريان لا يقترنان بخلافات شكلية حول مستوى التمثيل والمشاركة وبعض الجوانب الاجرائية والقضايا الثانوية على غرار ما يحصل في كثير من قمم واجتماعات الدول العربية والاسلامية والافريقية.. حيث كثيرا ما يعتبر مجرد عقد الاجتماع في موعده حدثا سياسيا مهما جدا.. إن اجتماعات وزراء الخارجية ثم الرؤساء في ألمانيا ستبحث عددا من الملفات الاقتصادية والسياسية التي تهم شعوبهم ومؤسساتهم الاقتصادية العملاقة.. لكنها ستبحث أيضا ملفات عديدة تهم دول الجنوب عموما.. والدول العربية والاسلامية خاصة.. منها الوضع على الساحتين الفلسطينية واللبنانية والصراع العربي الاسرائيلي وملفا السودان وايران.. والخلافات بين افغانستان وباكستان وتعقيدات ملف العراق.. كما ستعقد اللجنة الرباعية الدولية على هامش اللقاءات المشتركة اجتماعا جديدا خاصا بملف الصراع العربي الاسرائيلي.. يحدث كل هذا والعواصم العربية شبه مغيبة عن التأثير في الاحداث.. وتتابع التطورات السريعة التي تجري على أراضيها وحولها دون مساهمة قوية في التأثير في المسار العام الذي يفترض انه يهمها.. قبل الدول الصناعية الثماني.. المنشغلة خاصة بسيناريوهات نقص النفط والغاز في صورة تواصل الاضطرابات في العراق واتساع رقعة التوتر الى كامل الخليج من ايران الى دول مجلس التعاون الخليجي.. فضلا عن التوترات في الدول الافريقية ذات الاكتشافات النفطية الواعدة وعلى راسها السودان وموريتانيا وغانا.. وأمام تواصل الانحياز المبالغ فيه من قبل الادارة الامريكية الحالية لأقصى اليمين الاسرائيلي وحلفائه تبدو فرص تفعيل دور اللجنة الرباعية الدولية حول الصراع العربي الاسرائيلي ضئيلة جدا.. وهو ما يعني أن الحاجة لا تزال متأكدة لتطبيق قرار أصدره مجلس وزراء الخارجية العرب منذ أشهر تضمن دعوة إلى إحالة الملف مجددا إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي.. في نفس الوقت فإن على الاطراف الفلسطينية واللبنانية والعربية المعنية مباشرة وغير مباشرة بتسوية سياسية لهذا الملف المركزي القيام بجهود حقيقية لتدارك نقائصها والاعتراف بغلطاتها والتحرك بصفة جدية في اتجاه التسوية.. بعقلية ايجابية.. مع الاستفادة من تطورات اقليمية ودولية مهمة منها فتح الاتحاد الاوروبي حوارا شاملا مع سوريا وايران.. وانطلاق اول محادثات علنية بين طهران وواشنطن في بغداد.. وتغيير القيادة السياسية في لندن وباريس.. إن العواصمالغربية يحق لها أن تعنى أولا بأولوياتها الاقتصادية والامنية والسياسية والبيئية.. لكن لا بد لقادة دول الجنوب أن ينجحوا في تقديم أولوياتهم للعالم ومنها أولويات التنمية ومكافحة البطالة والتبعية المالية والاقتصادية.. والتهميش.. إلى جانب التسوية السياسية العادلة للصراع العربي الاسرائيلي ولملفات ايران والعراق والسودان..