رفض أعضاء من "المجلس الوطني لحماية الثورة" هيئة 14جانفي اليسارية تحديدا" أن يكون إحداث "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" تعويضا لمهام المجلس، وأكدوا تمسكهم بمشروع المرسوم الذي أعدوه لعرضه على رئيس الجمهورية المؤقت. وقال عبد الرزاق الهمامي رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطني الديمقراطي "نرفض أن يكون المجلس الوطني لحماية الثورة هيكلا فرعيا ضمن أية هيئة أخرى". وفي تطور للأحداث أكد الاتحاد العام التونسي للشغل وهو مكون رئيسي لمجلس حماية الثورة في بيان صدر عنه أمس"على أنه من أولويات المرحلة المقبلة المشاركة في إطار الهيئة الوطنية لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وفي إعداد قانون انتخابي انتقالي يضمن الديمقراطية والشفافية بصفة تقطع مع ممارسات الماضي المقيت ومع كل أساليب التدليس والإقصاء والتسلط". من ناحيته أكد السيد منير السويسي عضو الهيئة العليا المحدثة أخيرا ل"الصباح" أن الهيئة التي بدأ عملها، لها نفس الأهداف تقريبا والمبادئ التي قام عليها "المجلس الوطني لحماية الثورة" غير أنه اعتبر مهام هذه الهيئة العليا استشارية، وقال "سيدعو رئيس الهيئة مكونات المجلس الوطني لحماية الثورة للالتحاق بها". ورغم الارتياح الذي عبرت عنه مختلف الحساسيات السياسية، بخصوص الإجراءات التي أقرتها الحكومة الجديدة والتي أعلن عنها رئيس الجمهورية المؤقت في شكل "خارطة طريق للمرحلة المقبلة" بما في ذلك انتخاب مجلس تأسيسي، إلا أن إحداث "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" أثار بعض الجدل في الأوساط السياسية بين مدعم ورافض، خاصة أن مهام "تحقيق أهداف الثورة"، اعتبرها البعض "التفافا على مشروع المجلس الوطني لحماية الثورة" حسب تعبير حمة الهمامي المتحدث الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي. فماهي مهام الهيئة العليا الجديدة؟ وماهو موقف الأحزاب السياسية منها؟ وهل مازال يصح الحديث عن مجلس لحماية الثورة بعد إحداثها؟ مهام الهيئة العليا وأكد السيد منير السويسي عضو لجنة الخبراء بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أن اللجنة ستضم إضافة إلى الخبراء القانونيين واللجنة السياسية بقية الأطراف السياسية بما في ذلك مكونات "المجلس الوطني لحماية الثورة". وأوضح أن التحوير في لجنة الإصلاح السياسي، صار على مستوى التسمية والمهام أيضا، وأكد أن هذه الهيئة العليا ستقوم بضبط أهداف حماية الثورة وشعاراتها المطروحة من مثل العدالة والكرامة والحريات والعدالة الاجتماعية. وأيضا مهام الإصلاح السياسي بما في ذلك أولوية إعداد قانون انتخاب المجلس التأسيسي، بما في ذلك طرق الانتخاب والمراحل وتوزيع الدوائر والقائمات الانتخابية وكيفية الانتخاب عن طريق بطاقة ناخب أوعن طريق بطاقة تعريف وطنية وأيضا الإعداد لمشروع الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات. من ناحية أخرى فان مهام الانتقال الديمقراطي ستكون مركزة على كيفية التنظيم الوقتي أوالمؤقت للسلط العمومية، بما يعنيه ذلك من إحداث قانون جديد مؤقت للسلط بما في ذلك السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وأكد من ناحية أخرى أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ستكون استشارية تقترح أعمالها على السلط العمومية أي الحكومة والرئيس المؤقت. وبدأت هذه الهيئة أعمالها وفق المرسوم عدد 6 لسنة 2011 مؤرخ في 18 فيفري 2011، وينص الفصل الثاني من المرسوم أن تتعهد الهيئة بالسهر على دراسة النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي واقتراح الإصلاحات الكفيلة بتجسيم أهداف الثورة بخصوص المسار الديمقراطي، ولها إبداء الرأي بالتنسيق مع الوزير الأول حول نشاط الحكومة.. اختلاف في الموقف قال حمة الهمامي "مازلنا متمسكين بالمجلس الوطني لحماية الثورة وذلك لتأطير المرحلة الانتقالية نظرا لتمثيليته الواسعة بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني علاوة على انفتاحه على ممثلي الجهات التي أفرزتهم الثورة"، وأكد أن هذا المجلس ضروري حتى يتم مهام الثورة في البلاد، ومن ناحيته شدد عبد الرزاق الهمامي على الدور التقريري لهذا المجلس معتبرا إياه"خير أداة" لمراقبة أعمال الحكومة في مرحلة الانتقال الديمقراطي في البلاد غير أن عادل الشاوش عضو المكتب السياسي لحركة التجديد، عبر عن ارتياح الحركة على المهام المنوطة لعمل هذه الهيئة العليا واعتبر أنها ستضمن الحد الأدنى من التشاور بين مكونات المجتمع المدني والسياسي في المرحلة المقبلة، وقال إن اختلافنا مع مكونات "المجلس الوطني لحماية الثورة" يتمثل تحديدا في المهام التقريرية التي يطرحها، ومن ناحيته أكد الحزب الديمقراطي في بيان صدر عنه أنه أيّد بعث هيئة سياسية واسعة تضمّ كل الأحزاب والمنظمات الوطنية لإبداء الرأي والتشاور مع الحكومة في كل ما يهم العملية السياسية في هذه المرحلة الانتقالية. وعن المجلس الوطني لحماية الثورة أكد الحزب رفضه لكل "أشكال الوصاية على ثورة الشعب التونسي ولا يرى أية مشروعية أو مسوّغ لتنصيب هيئة تمنح لنفسها صلاحيات برلمان ورقابة على السلطة التنفيذية خارج أي تفويض من الشعب". ومع بداية عمل اللجنة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، مازالت مكونات مجلس حماية الثورة تنتظر لقاء رئيس الجمهورية المؤقت رسميا لعرض رده على مشروع المرسوم الذي بعث به الرئيس سابقا للمجلس لمناقشته، واتفق المشاركون في المجلس على أن يضم الوفد الذي ينتظر لقاء رئيس الجمهورية المؤقت12 من بين 4 عن جبهة 14 جانفي اليسارية و4 عن المنظمات والجمعيات و4 ممثلين عن بقية الأحزاب. وتحصلت الصباح على نسخة من المشروع الذي بقي تداوله على نطاق ضيق جدا، والذي تكفل الاتحاد العام التونسي للشغل إضافة لهيئة المحامين بصياغته نيابة عن بقية مكونات المجلس. ويضم الفصل الثاني من المشروع بأن يتعهد المجلس ب:إعداد مشاريع النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي والكفيلة بتحقيق أهداف الثورة في الانتقال من المنظومة الاستبدادية إلى منظومة ديمقراطية وحكم رشيد.اضافة الى صياغة مشروع قانون خاص بانتخاب مجلس تأسيسي يعهد له وضع دستور جديد للبلاد وإقرار الصيغة العملية والقانونية والآليات التي تضمن إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وايضا مراقبة أعمال الحكومة والتوافق مع الرئاسة المؤقتة للجمهورية حول آليات تسيير المرحلة الانتقالية. وفي انتظار ردود افعال مجلس حماية الثورة من الهيئة العليا التي بدأت عملها، ومع تطور الأحداث والمواقف فيما يخص بعض مكونات المجلس، وفي انتظار فحوى اللقاء المنتظر بين مكونات المجلس ورئيس الجمهورية، وإعلان قائد السبسي رئيس الحكومة أن لا شرعية سوى للحكومة ورئيس الجمهورية المؤقت لتصريف أمور البلاد يبقى السؤال مطروحا حول مصير المجلس الوطني لحماية الثورة قائما.