تعالت الاصوات في كامل ارجاء تونس مرحبة بقرار حل التجمع الدستوري الديمقراطي الذي أسسه الرئيس المخلوع في فيفري 1988 بعد سنة وأكثر من فرض ما كان يسمى بنظام السابع من نوفمبرعلى البلاد. و من بين الاصوات المستبشرة بالقرار تجمعيون تعودوا ان يرقصوا على كل النغمات الموسيقية التي كان يعزفها بن علي وأتباعه الذين باعوا ذممهم وضمائرهم من اجل المشاركة في الفساد المالي والسياسي طمعا في قليل مما كان يسرقه الرئيس الهارب وعائلته وأصهاره. هؤلاء رقصوا مجددا فرحا بحل حزب كانوا بالامس القريب يهللون له ويطبلون ويباركون برامجه ويمجدون واضع سياساته واستراتيجياته ويتنافسون على منحه الالقاب والصفات التي تجعل منه بديع زمانه وسابق عصره والاقدر من جميع قادة العالم على قراءة المستقبل واستشراف الاحداث وهنا استحضر برنامجا تلفزيونيا كان يبث على شاشة ما كان يسمى بقناة تونس 7 الى حد نهاية زمن بن علي وكان يرصد الصفات والالقاب التي كانت تمنحها مؤسسات اعلامية اجنبية وجهات اخرى من خارج الحدود للرئيس المخلوع و يخصص لها حيزا مهما من الفضاء التلفزي من خلال متابعات حوارية تجمع أقدرالاصوات على التمجيد والتطبيل من تونس وخارجها والذين يقدمونهم الى المشاهد على انهم محللون سياسيون وكتاب صحفيون، ولا تهم صفاتهم بقدر ما تهم بلاغتهم في المدح وكانوا يقومون بذلك طمعا في منصب او في دولارات يتم ايصالها اليهم بطرق شتى دون ترك بصمات وهذه كانت في مقدمة مهام وكالة الاتصال الخارجي التي تقترح ماضيا على البرامج الحوارية في قناة 7 قائمة في أمهر الاصوات العربية وحتى الاجنبية القادرة على المساهمة في المغالطة والتزييف. وقد نجح التجمع الدستوري الديمقراطي في صنع مناضلين وموالين له دسهم جهرا وسرا في العديد من المؤسسات الاعلامية وخاصة مؤسسة التلفزة وكلفهم بمهام خاصة جدا وساعدهم على تاسيس الشعب الدستورية المهنية ان لم تكن بمؤسساتهم شعب وساعدهم ايضا على الاندماج في الشعب المهنية الموجودة وعلى التموقع في مركز المسؤوليات المختلفة في مؤسساتهم وهؤلاء كانوا الى الثواني الاخيرة من احتضار نظام السابع من نوفمبر والتجمع المؤتمن عليه يساهمون في عملية الإنقاذ بتقديم مشاهد جديدة من فصول المغالطة والتزييف على شاشة التلفزة على انها مسيرات مساندة ضخمة وعفوية بعد الخطاب الاخير للرئيس المخلوع هؤلاء مع الاسف الشديد يسعون اليوم الى ارتداء لباس النضال والتحدث بخطاب ثوري ويحاولون تشويه سمعة الشرفاء والنزهاء وهم مع الاسف الشديد ايضا يجرون خلفهم اتباعا من الطامعين الجدد الذين لم يكونوا مختلفين في سلوكهم وخطابهم عن هذا الصنف من التجمعيين ولكن هل ان التاريخ سيقبل بعد اليوم تزييفا وخداعا ومغالطة؟ وفي اعتقادي حتى و لو طال الزمن فلن يدوم ثلاثة وعشرين عاما اخرى لفضح اللاعبين القدامى والجدد في مسرح التمويه. لقد احتضن التجمع الدستوري الديمقراطي منخرطين وحتى فاعلين صادقين ونزهاء قد تكون انطلت عليهم لعبة الرئيس المخلوع في ان تاسيس التجمع سنة 1988 انما هو تاسيس لممارسة حزبية جديدة ولفكر مغاير يؤمن بالاختلاف والتعددية والحرية ويرنو الى تاسيس مجتمع متمدن ومتحضر ومزدهر، و قد اندفع هؤلاء يعملون في هذا الاتجاه حتى تبينت لهم حقيقة التجمع وهي حماية العصابة والتصفيق لها وهي تسرق مال الشعب وتخطف خبز الفقراء و تسلب ارزاق الناس. واعتقد جازما ان عددا من التجمعيين القاعديين وحتى بعض الذين بلغوا القمة على اختلاف مستوياتها اكتشفوا حقيقة حزبهم وحقيقة رئيسه الذي أدمج عصابة اللصوص في قائمة اللجنة المركزية للتجمع المنبثقة عن مؤتمره الاخير وذلك في اطار المرحلة النهائية من عملية" الانقلاب السلمي" على حكم" بن علي" ليصبح حكم "الطرابلسية " ومن واجب هؤلاء اليوم ان يكشفوا الاوهام التي وعدوهم بها ويكشفوا كيف خدعهم بن علي ان كان قد خدعهم فعلا كما اعتقد. وفي المقابل احتضن التجمع من كان يتبنى بحماس فياض برامجه وسياساته الحقيقية التي بانت للشعب بعد ان هرب الرئيس المخلوع و يدافع عنها بكل حماس واحيانا بكل عنف لغايات مفضوحة وهي البقاء ما كتب له الله من العمر في موقع يسمح له بالسيطرة على الضعيف والتمتع بالامتيازات والمكافآت من ممتلكات الشعب والبلاد. اليوم انحل التجمع الدستوري الديمقراطي ابتدائيا بفعل القانون ويبقى الامل في ان تكتشف حقيقة الاشخاص المختفين اليوم وراء ستار الثورة بعد ان كانوا يختفون بالامس وراء ستار التجمع وما زالوا يحتلون مواقع من المفترض ان تكون الثورة قد حررتها.