بعد ثورة 14 جانفي، انفتحت إمكانيات الاستثمار أمام القطاع الخاص خاصة في المناطق التي لم تجد حظها في العهد القديم. ومثلما سارع عدد من رجال الأعمال المعروفين إلى التوجه نحو هذه المناطق للبحث عن فرص استثمار على غرار مؤسسة المؤدب للحليب ومشتقاته التي شرعت في وضع النواة الأولى لاستثماراتها في منطقة سيدي بوزيد،فان عددا من أبناء هذه الجهة تحركوا بدورهم وبحثوا عن شركاء من الداخل والخارج لانجاز عديد المشاريع.لكن يبدو أن بعض الصعوبات وبعض الروتين الإداري القديم واجهتهم وحدت من حماسهم. ومن بين المشاريع المعطلة ،مشروع مصنع للاسمنت بمعتمدية المزونة الذي استبشر له اهالي المنطقة باعتباره سيحل نسبة هامة من مشاكل التشغيل وسيفتح المجال لاستثمارات أخرى في الجهة وهو ما جعلهم يتساءلون عن موعد الانطلاق الفعلي للمشروع.
استغلال ثروات الجهة
وحسب السيد حسان عمايدية صاحب مؤسسة "غلوبال للاستشارة والاستثمار" راعية المشروع وشريكة الأطراف النمساوية والأمريكية وكذلك السيد رشيد الفتيني رئيس مركز الأعمال بسيدي بوزيد، فإن المشروع سيعتمد على ثروات الجهة من المواد الأولية التي تنتجها كالجبس والطين والكلس وغيرها من المواد والذي سيكون الأول من نوعه المعتمد على الطاقات البديلة من خلال تحويل النفايات إلى طاقة من مستخرجات المعاصر ومحطات التطهير والنفايات الطبية... وتقدر كلفة المشروع ب 280 مليون أورو (500 مليون دينار). وحددت طاقته التشغيلية مبدئيا ب 1000 موطن شغل. هذا المشروع الذي ينتظره كل أبناء سيدي بوزيد وهو عبارة عن شراكة تونسية نمساوية أمريكية. هذا المشروع يلاقي اليوم صعوبات وربما رفض من قبل السلطات المسؤولة وذلك بسبب ما اعتبر بأن البلاد ليست في حاجة إلى مصنع اسمنت آخر نظرا لأن الاكتفاء الذاتي وحاجيات التصدير متوفرة حاليا وكذلك لما يتسبب فيه هذا المشروع من تلوث للبيئة وأيضا لاستهلاكه المفرط للطاقة. ويرد أصحاب المشروع على ذلك بان مشروعهم وحسب الدراسات المصادق عليها موفر للطاقة الحرارية التقليدية و صديق للبيئة بطاقة إنتاج سنوية ب1 مليون طن ( اسمنت صديق للبيئة اسمنت ايكولوجيك). كما أن الاختيار على المزونة لاحتضانها المشروع يعود إلى قربها من المصب المراقب للمرجين مع توفر الخامات اللازمة لإقامة المشروع . وحسب مصادر من وزارة الصناعة والتكنولوجيا فان ملف مشروع مصنع الاسمنت بالمزونة موجود اليوم فعلا لدى المصالح الفنية بالوزارة وهي بصدد دراسته من جميع الجوانب. وأضافت ان الوزارة وصلها مطلب ثان لانشاء مصنع للاسمنت بالجهة وهو كذلك محل دراسة فنية.
صديق للبيئة ومتحكم في الطاقة
ويهدف مشروع مصنع الاسمنت بالمزونة الى إنتاج 400 ألف طن سنويا من اسمنت خاص ذات مقاومة عالية للأحماض و القلويات و الاحتراق يتم تصنيعه باستخدام خبث الحديد ( احد مخلفات صناعة الحديد). ويتم انتاج الاسمنت دون الحاجة لعملية حرق مثلما هو حال الاسمنت العادي مما سيوفر حوالي 300 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون. كما سيمكن المشروع من إنتاج 200 ألف طن سنويا من اسمنت سلاج يتم تصنيعه باستخدام خبث الحديد بنسبة60 بالمائة و الباقي كلينكر و إضافات أخري. وكذلك إنتاج 400 ألف طن سنويا من الكلينكر باستخدام النفايات كطاقة بديلة بدلا من المواد البترولية بنسبة تزيد عن 70 بالمائة حسب ما يتوفر من مصبات النفايات المزمع استغلالها و يتم استخدام 200 ألف طن كلينكر للإنتاج الاسمنت الخاص و الباقي للإنتاج اسمنت بورتلاند. كما يتميز المشروع باستهلاك كمية منخفضة من الوقود التقليدي المتمثل في الغاز الطبيعي آو الزيت الثقيل المدعم و بما يعادل 20 بالمائة من الطاقة التقليدية فقط وباقي الطاقة الحرارية اللازمة سيتم توفيرها عن طريق أنواع من النفايات بالتنسيق مع وزارة الفلاحة و البيئة و ستبلغ مقدار التوفير الإجمالي في الطاقة الحرارية 65 بالمائة عن التقليدي. وحسب المنسق بين الاطراف الشريكة التونسية والنمساوية والامريكية السيد حسان عمايدية فان المصنع سيكون صديقا للبيئة فبالإضافة إلى تطبيق اعلى المواصفات الاوروبية و الأمريكية للسيطرة على الغبار و الدخان سيقوم المصنع بالتخلص الآمن من النفايات المضرة و الملوثة بالبيئة من إطارات مطاطية-زيوت و مخلفات أخرى التي سيتم استيعابها كمواد للحريق. ومن شان هذا المشروع ان يوفر عدة مواطن شغل بكامل معتمديات سيدي بوزيد والمساهمة في تنمية الجهة. ويضيف محدثنا ان المشروع يحظى بمباركة وتشجيع وزارة الفلاحة والبيئة والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة.