تواصل"الصباح" زياراتها الميدانية للمناطق الريفية المنسية وتحط رحالها هذه المرة بمنطقة البرانصية التابعة لمعتمدية عين دراهم والتي تبعد عنها 10 كلم.. هذه المنطقة مازالت عذراء ولم يقع استغلال ما تتمتع بها من مواصفات طبيعية تؤهلها لأن تكون قطبا فلاحيا هاما، إذ ظلت على امتداد أكثر من نصف قرن عرضة للتهميش والإقصاء لا سيما وهي تفتقر إلى مقومات العيش الكريم ومازال جل أهاليها يعيشون على تربية القليل من الدجاج والحيوانات للتغلب على صعوبة الحياة التي أنهكتهم كثيرا. أغلب الذين تحدثنا إليهم أخبرونا أنها المرة الأولى التي يزورهم فيها شخص ليسأل عن أحوالهم وظروف عيشهم لأنهم ظلوا مهمشين ومنسيين من الجميع طوال نصف قرن من الزمن.. فقر وبطالة منطقة البرانصية محرومة من أبسط مقومات العيش الكريم فقر ، بطالة، تهميش وحتي بعث صندوق 26 - 26 كان فخا نصبه المخلوع بن على لنهب أموال ومشاريع التنمية الريفية المندمجة الخاصة بمثل هذه المناطق، أما الإحاطة بالعائلات محدودة الدخل فكانت عنوان مسرحية سخيفة ألفها المخلوع وحاشيته لينهبوا بها أموال هؤلاء البسطاء لمدة 23 سنة كاملة. مساكن بدائية مساكن هذه المنطقة جلها بدائية وغير لائقة بالمرة وتحتاج الى التهذيب والصيانة والسؤال المطروح اليوم بهذه المنطقة أين ذهبت أموال تحسين المسكن التى يتم رصدها كل سنة وتقدر بالمليارات لمثل هذه الحالات؟ كما يطالب أبناء البرانصية وخاصة المسنين منهم ببطاقات العلاج المجاني على خلفية أوضاعهم الاجتماعية القاسية. مواطنة تتحدث في هذه المنطقة الجميلة الساحرة التي حباها الله بنعم كثيرة التقينا بالمواطنة سعاد سعودي التي قالت والدموع تنهمر من عينيها أنها تعيش هي وأفراد أسرتها في ظروف قاسية فزوجها عامل يومي وهي مصابة بمرض مزمن يتطلب العلاج المتواصل في المستشفيات والمصحات الخاصة ولذلك فهي توجه نداء إلي كل مسؤول مازال في قلبه شيء من الرحمة للنظر لها ولعائلتها وأن يمكنهم من أساسيات ومقومات العيش الكريم خاصة أن حالتها تنطبق على كافة أهالي منطقتها. أما عم صالح تبيني الذي وجدناه يرعى شياهه فقد تحدث عن الفقر والجوع وقلة ذات اليد وصعوبة العيش وغياب المرافق الأساسية مضيفا أنه يتقاضى منحة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا تتعدى 100 دينار تذهب كلها لشراء الدواء لزوجته وبعض الاحتياجات الضرورية الأخرى... هذا المواطن لا يطلب من المسؤولين إلا زيارتهم الميدانية للتأكد من المعاناة التي يعيشونها قبل الثورة وبعدها. ونحن نودع هذه المنطقة وجدنا مواطنة أخرى جالسة تحت شجرة فلين قالت بأن هذا الموقع تتخذه كل يوم وعينها مركزة على الطريق الرئيسي لعلها ترى مسؤولا من مسؤولي بلادها وهو في طريقه إليهم ليسأل عنهم ويطمئن عن أحوالهم ولو كان ذلك بالكلمة الطيبة فقط تبعث فيهم الأمل من جديد بعد عذاب وقهر دام سنوات عديدة. هذه إذن منطقة البرانصية التي مازال أهلها يتألمون.. يصرخون.. يبكون من وضعياتهم المأسوية التي تدمي القلوب، وكما قال لنا أحدهم ونحن نودع هذه المنطقة "الجوع وغلبة الرجال ميتجحدوش" وهو مثل معبر وواضح المعاني نتمنى أن يفهمه كل مسؤول "فهيم" ليحوله إلى عكس ما جاء فيه ليصبح بالتوزيع العادل للثروات نغلب الجوع ونقضي على الفقر وبمحاسبة رموز النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس المخلوع نقضي على غلبة الرجال.