مرة أخرى تعيد الأوبئة المتفشية خارج حدودنا الحراك وحالات التأهب والمتابعة الوقائية للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة الذي استعاد بريق الأنظار إليه هذه الفترة بعد تواتر الأخبار في أوروبا عن فتك نوع خاص من البكتيريا "الإشريكية القولونية" الملوثة للخضر بحياة نحو17مواطنا وانتشار الإصابات في صفوف 350 حالة معظمها في ألمانيا أو على علاقة بهذا البلد ما أحدث لدى مواطنيها حالات توجس تذكرنا بتلك المثارة إبان "أزمة" انفلونزا الخنازير وقبلها انفلونزا الدواجن. ولأن الوباء لا يعترف بحدود تعتبر اليقظة والمراقبة على المستوى المحلي متأكدة من مختلف الأطراف والمصالح على الرغم من تطمينات الرسمية لوزارة الصحة من خلو بلادنا من الإصابات بالأمراض الناجمة عن هذه البكتيريا وذلك حرصا على متابعة مستجدات الحالة الوبائية العالمية ومواكبة طرق التصدي والمكافحة للمرض في الداخل خصوصا وأنه تم إحداث لجنة صحية للمتابعة الحينية للوضع، يشكل المرصد إلى جانب ممثلي عديد الإدارات الصحية أبرز أطرافها.في هذا الإطار تم الاتصال بالدكتور نورالدين بن جمعة كاهية مدير بالمرصد للتعرف على آخر المستجدات وآليات التوقي المتخذة للحيلولة دون تسرب المرض. في البداية قلل المتحدث من خطر تفشي مرض بكتيريا الإشريكية مقارنة بفيروسي القريب السابقين بالنظر إلى أن السيطرة على انتشار الإصابات الناجمة عن المرض الجديد المنقول بالغذاء الطازج تتوقف على تحديد مصدر المادة الغذائية الملوثة بالبكتيريا المضرة وهي عملية أعرب د. بن جمعة عن يقينه أنه سيتم التوصل إليها بسرعة في أوروبا لا سيما في ألمانيا التي تشكل البؤرة الرئيسية لظهور المرض. ولاحظ أنه خلافا لما كان يعتقد لم تثبت إدانة بعض الخضر في ظهور الإصابة ومنها الخيار(الفقوس) والطماطم وبعض الخضر الأخرى كما أشيع.مشيرا إلى أن توخي قواعد حفظ الصحة والنظافة عند استهلاك الخضر والمواد الطازجة من شأنه المحافظة على سلامة الإنسان وبالتالي الحد من انتشار مخاطر الإصابات والأمراض.علما أن الطعام المطبوخ يقضي على البكتيريات. ولم ينصح الطبيب بالتخلي كليا عن تناول الخضر لكنه شدد على تنظيفها جيدا للحاجة الملحة لاستهلاك هذه المواد.
المواد الموردة
بخصوص علامات الإصابة ببكتيريا الاشريكية القولونية قال المتحدث "إن المرض ينتقل عبر الأكل غير المغسول جيدا وتبرز أعراضه في ظهور الإسهال ثم يتطور إلى إسهال دموي، ويعتبر الصغار أكثر عرضة للمرض الذي يضر بالكلى ويصيب الأطفال بالقصور الكلوي الحاد "منبها في الآن ذاته إلى ضرورة التزام بالشروط الصحية داخل المطاعم وعدم استعمال أحواض الخضر لغسل اللحوم والفصل بينهما وعدم استعمال نفس المكان لتقطيعها. على صعيد تفعيل آليات الوقاية من منع تسرب المرض أو انتشاره أعدت اللجنة خطة تدخل وقائي وذلك عبر تنسيق التعاون مع مصالح التجارة للتثبت من المواد الغذائية الموردة من أوروبا والتي قد تكون حاملة للبكتيريا المضرة وقد اتضح من المشاورات القائمة أن الخضر المستوردة على محدودية كمياتها لا تستهلك طازجة بل مطبوخة وهو ما يقلل من خطر المرض ومنها البطاطا والكرمب والبروكلو. في المقابل تم إعداد خطة وقائية في التعاطي مع حالات الإصابة المشبوهة الوافدة من الخارج وتحديدا من ألمانيا وذلك بلفت نظر الأطباء إلى أن كل مريض قادم من ألمانيا وظهرت عليه علامات المرض المذكورة آنفا منذ غرة ماي إلى هذه الفترة يعتبر حالة مشبوهة ويتعين إخضاعه للتحاليل. وبمجابهة المتحدث بأن عديد البلدان الأوروبية سجلت بعض الإصابات لدى مواطنيها فلماذا التركيز على ألمانيا فقط ؟ أوضح أن التقارير الصحية في أوروبا أجمعت على أن كل الإصابات لها علاقة بألمانيا حيث ثبتت إقامة أصحابها بها قبل اكتشاف الإصابة في أوطانهم وهكذا يعد هذا المعطى حاسما في تحديد نوع الإصابة حسب مصدرنا. للتذكير نشير إلى أن بكتيريا الإشريكية القولونية تتكون وتعيش في الجهاز الهضمي للإنسان والحيوان ويمكن أن تلوث المحيط عبر الإفرازات وفي حال استعمال السماد الحيواني في إنتاج الخضر محتويا على البكتيريا المضرة يتسرب إلى المنتوج ومن هذا المنطلق اتجهت الشكوك بادئ الأمر في ألمانيا إلى الخيار وبعض أنواع الخضر التي راج أنها ملوثة لكن التقارير الأخيرة لم تثبتها.