مع اقتراب موعد انتخابات التأسيسي لاحت في أفق بعض "الأحزاب الكبرى" غيوم بدأت في التلبّد منذرة بعواصف قد تقتلع أسس هذه التنظيمات السياسية التي تبدو أنها هشة بما يجعل المنخرطين يعزفون عنها ويخيرون الانسحاب في صمت كما في حالة الكثيرين من المنسحبين؛ أو بتبرير هو أقرب إلى التشهير والتجريح وحتى بنشر الغسيل الداخلي للأحزاب كما هو الحال مع بعض المنسحبين الآخرين .. وفي وقت كان من المفروض أن يكون فيه الاستقطاب على أشدّه والتعبئة في ذروتها لولوج عتبة التأسيسي بزاد جماهيري محترم حصل العكس و شهدنا تصدّعا داخليا في أكثر من حزب كان له الوقع السلبي على صورة الأحزاب المعنية التي عوض العمل على تلميع صورتها باتت تعاني «التشظّي» الداخلي.. الديمقراطي التقدمي.. و شبهة «التجمّع» صمود الحزب الديمقراطي التقدمي إبان حكم المخلوع والتفاف النخب والمنخرطين حوله رغم التضييق والمضايقات لم يشفع له بعد الثورة ليكون في منأى عن كل تصدّع داخلي عصف به في أكثر من مناسبة..ناهيك أنه بعيّد الثورة أثير مشكل الانسحابات من الحزب وخصوصا بعد مشاركة الشابي في حكومة الغنوشي وعدم موافقة بعض الأطراف داخل الحزب على هذا القرار خصوصا بعد الأداء السلبي التي اتسمت به حكومة الغنوشي وفقدانها لشعبيتها ومصداقيتها في الشارع التونسي وهو ما دفع ببعض مناضلي الحزب في الجهات الداخلية خاصة من التبرّم من قرار المشاركة واعتبرت أن المكتب التنفيذي ينفرد بالقرارالمركزي دون سعي لإشراك الجهات ومنذ ذلك التاريخ توالت الانسحابات صلب الديمقراطي التقدمي وأصبحت الاستقالات عنوانا متكرّرا داخل هذا الحزب لكن مع سيل من التجريح والاتهامات والتشهير بممارسات يقرّ أصحابها أنها «تخلّ بعقيدة الحزب» ومنها خاصّة قضية قبول التجمعين صلب الحزب فقد عبرت قيادات الحزب أنها لا ترى حرجا في قبول أي تجمّعي ثبت عدم تورّطه في منظومة الفساد-وهذه لا ندري كيف سيتمّ البتّ فيها-كما أثارت علاقة الحزب ببعض رؤوس الأموال لغطا كبيرا من طرف اعلامين وسياسين وطرحت إشكالا على مستوى مصادر تمويل الحزب خاصّة أن مظاهر البذخ السياسي والمالي بدأت في البروز صلبه إلى جانب وجود مواقف الحزب المتلونة صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ..ورغم أن كل ما تقدّم أثار بشدة حفيظة المتتبعين للشأن السياسي وحتى مناضلي الحزب الذي خير بعضهم الانسحاب بصمت في حين رافقت موجة من التشهير انسحابات الشق الأخر.. ولئن خيّرت قيادات الحزب عدم تضخيم مسألة الانسحابات هذه واعتبرتها الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي خلال إحدى الندوات الصحفية « أن الانسحابات التي شهدها حزبها في المدة الأخيرة لا ترتقي لأن تكون ظاهرة وهي ناتجة عن الارتباك بسبب الحجم الكبير للانخراط و للأفواج المقبلة على الحزب.. « وأكدت الجريبي في نفس الندوة أن حزبها لا يجد غضاضة في قبول انخراط التجمعيين الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء. !!! القوميون والوفاق المفقود.. قلنا أكثر من مرة إن التيار القومي يحترف اضاعة الفرص التاريخية التي كان بالإمكان اقتناصها بسهولة فتجعله يتصدّر المشهد السياسي التونسي باعتبار أن ما يقوم عليه من ثوابت يجد صدى فطريا في نفس التونسي الذي تربطه وشائج قوية بالمدّ القومي العربي وبقضاياه العادلة وعلى رأسها قضية الأرض المحتلة والوطن السليب فلسطين لكن التطاحن الداخلي الذي يبرز من فينة الى أخرى صلب هذا التيار يجعله يتفتّت ويتشظّى وينقسم في أكثر من مفترق. وكنّا نعتقد أن القوميين بعد الثورة سيصلحون ذات البين بينهم وسنرى تيارا قويا ومتماسكا في ظلّ تحوّلات في المشهد السياسي العربي تخدم عقيدته الايديولوجية لكن مع مرور الأسابيع ورغم تحالف أكثر من طرف قومي بقي الصدع نفسه بل زاد تصدّعا. كيف لا والتجاذبات تفتك به داخليا ناهيك عن الانسحابات المتواصلة فأكثر من 150 عضوا من حركة الشعب الوحدوية التقدمية قدموا استقالتهم من الحزب بسبب ما وصفوه «بالانحرافات الخطيرة عن المبادئ القومية للحركة « وتبرّم بعض المنسحبين من نية الحزب في التحالف مع النهضة التي يرى البعض أنه لا يكفي أن ترفع النهضة شعار الهوية حتى يتم التحالف معها في غياب أرضية عمل مشتركة ... ويبقى ما ينخر القوميين من اختلاف في وجهات النظر مؤشرا على كونه للمرة الثانية يكونون مع موعد مع التاريخ لكنهم يمرون بجانب الحدث.. النهضة تضرب الوفاق داخل المؤتمر بعد أن راجت أخبار عن تحالف متوقع بين حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ارتفع الجدل واحتدم بين أعضاء الحزب ليقدّم أكثر من 15 عضوا استقالاتهم من الحزب دفعة واحدة ويعود الخلاف بين المكتب السياسي للحزب و هذه المجموعة إلى تمسك هذه الأخيرة بالتحالف مع حركة النهضة خلال انتخابات التأسيسي وان كنّا لن نتوقف كثيرا عند تحالف المؤتمر والنهضة من عدمه فان هذا الحزب الذي يحظى إلى حد ما باحترام الشارع التونسي وهو الذي حصل على التأشيرة حديثا رغم عراقة نضالاته مطالب بالانتباه إلى أي محاولة لشق صفوفه .. ولئن كان الانسحاب من حزب أو أخر ليس بدعة تونسية بقدر ما هي إفراز لاختلاف وجهات النظر داخل أي تنظم سياسي لكن كان من المفروض ونحن في لحظة حاسمة أن تتكاثف كل الجهود الوطنية لخدمة الصالح العام لا أن تنغمس الأحزاب في صراعات ما بينها وفي صراعات خارجية مع أحزاب أخرى دون أدنى مجهود لتأطير الشارع أو الاستقطاب حتى لا يعوذّ بنا السؤال: هل كانوا فعلا في مستوى تأشيرة العمل السياسي ؟ منية العرفاوي
المفكر أبو يعرب المرزوقي: الانتخابات ستزور حتما! الحركة الإسلامية ليس من مصلحتها الحكم حذر المفكر والفيلسوف ابو يعرب المرزوقي من خطر تحول الثورة التونسية إلى حرب أهلية مبينا في لقاء علمي احتضنته مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات أول أمس بالعاصمة شروط إنجاح الثورة والخروج من دائرة الانقسامات والنزاعات السياسية الحادة التي تهدد مستقبل البلاد. ولفت إلى أن المخلوع بن علي وظف الفاسدين من جميع التيارات بما في ذلك اليسار و الإسلاميين والقوميين لتحقيق غاياته وأنه لم يكن يتعامل فقط مع الدساترة. ولفت الدكتور المرزوقي إلى أن التجربة التاريخية تقول إن كل ثورة تبدأ سلمية ثم تتحول إلى حرب أهلية كما حصل مع الثورة الإسلامية الأولى والثورة الأمريكية والفرنسية والثورة البولشيفية . وأن الثورات التي تشهدها البلاد العربية ليست في منأى عن هذا الخطر والدليل هو ما حصل قبل أيام في مصر والذي يعيد إلى الذاكرة هاجس الفتنة الكبرى والحرب التاريخية بين السنة والشيعة . وأيضا ما يحصل في سوريا بين الأقلية العلوية والأغبية السنية .ليعود ويتساءل عن كيفية التخلص مما يبدو وكأنه قضاء وقدر تاريخي؟. ويجيب بأن الخطوة الأولى تكمن في معرفة الصف الذي سيكون مع الثورة المضادة والصف الذي سيكون مع الثورة وأن يجلس وسيط من كلا الطرفين للاتفاق على تسوية تخرج البلاد من هذه التجاذبات عبر إنشاء حكومة وحدة وطنية. وأكد أن بن علي استخدم الفاسدين من كل التيارات دون استثناء لتحقيق غاياته وليس فقط الفاسدين في حزبه الحاكم . إذن : المطلوب اليوم هو أخذ الصالحين من كل الأحزاب بما في ذلك الدساترة حتى ننقذ البلاد من مصير محتوم. واعتبر أن كل ما حصل بعد القصبة 2 كان خطأ. إذ لا يمكن لثورة أن تنجح و هيئة حمايتها من غير الثوار وأغلبهم ينتمون إلى خط الثورة المضادة أوعلى الأقل لم يشاركوا في الثورة. إذ لا يمكن أن يحرص على أهداف الثورة من ليسوا ثوارا لأنهم سينزلقون إلى أمور تجر البلاد الى حرب أهلية . ويستحيل أن يستمر البلد بدون حكم مستقر والحكم يقتضي أغلبية صحيحة .وأكد أن الانتخابات ستزور حتما وبين الأسباب الحتمية التي ستقود إلى ذلك وهي قانون الانتخاب نفسه الذي لا يؤمن وصول الأغلبية المعبرة عن إرادة الشعب و أيضا رفض الرقابة الدولية على شفافية الانتخابات وأيضا اللجان الانتخابية القائمة على سير الانتخابات والتي لا يمكن الوثوق بها . وأخيرا لأن هيئة حماية الثورة نفسها أعضاؤها خونة لثورة تونس.ونصح الشباب التونسي بالصبر في حال تزوير الانتخابات التي لن تأتي بنتائج ترضي طموحاته الثورية. وأوضح أن الحركة الإسلامية اليوم ليس من مصلحتها أن تحكم تونس لأن أوروبا ستطلب منها التعامل مع اسرائيل مثلما كان يفعل بن علي. واذا رفضت بالطبع فإن ذلك سيجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه بسبب تبعية اقتصاد تونس وارتباطه بالاقتصاد الأوروبي بالكامل. فأوروبا هي أخطر عدو لتونس وهي أشد خطرا من أمريكا وإسرائيل. هي تحتلنا اقتصاديا فثمانين بالمائة من اقتصادنا مرتبط باقتصادها ولديها رغبة في إعادة إحياء أمجاد إمبراطوريتها الرومانية. وتنظر بعين الريبة للثورات التي تحصل اليوم مخافة أن توصل للحكم من لا يسهر على تأمين مصالحها. روعة قاسم