صدر مؤخرا كتاب قيّم بعنوان»شروط المسؤولية المدنية في القانون التونسي والمقارن» للأستاذ سامي الجربي، وهو أستاذ تعليم عال في القانون الخاصّ بكلية الحقوق بصفاقس، متحصّل على دكتوراه دولة بأطروحته حول «تفسير العقد»،وعلى التبريز في القانون الخاص،وهو مسؤول عن وحدة البحث»الالتزامات والتحكيم « بنفس الكلية وعضو بجمعية (بيت الخبرة منتدى العمل والتنمية بصفاقشس)، وله مقالات أخرى منشورة وهو كذلك محام لدى التعقيب. وكان الأستاذ سامي الجربي يمنّي نفسه بأن يقدّم له الأستاذ محمد الزين هذا الكتاب ولكنّ يد المنون لم تمهله طويلا فاختطفته سريعا ،وكان المؤلّف يعتبر أنّ قلمه قد تعثّر ،ويقول:»فكان بطيئا ومتكاسلا». جاء هذا الكتاب في خمس مائة واثنتين وخمسين صفحة من الحجم المتوسّط،وتضمّن قسمين :تطوّر المسؤولية ،تاريخها وأسسها ... والمسؤولية عن فعل الأشياء.في القسم الأوّل تعرّض الكاتب إلى مفهوم المسؤولية المدنية وآفاقها،وعلاقة الجزائي بالمدني في قانون حوادث السيارات الذي اعتبره قانونا جائرا ،وتعرّض كذلك في هذا القسم إلى المسؤولية التقصيرية والمسؤولية التعاقدية ،والمسؤولية المدنية والمسؤولية الإدارية،وفيها الفعل الضارّ والفعل غير المشروع،والفعل الشخصي،وعنصر الخطإ وأنواعه،ومفهوم التعدّي،والخطأ وممارسة الحق ودرجاته،والمسؤولية الطبية ،وخلص فيما بعد إلى المسؤولية الخاصّة عن حوادث المرور،وأحكام التعويض،وتعرّض الكاتب في القسم الثاني من الكتاب إلى المسؤولية عن فعل الغير ،وفيه مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه ،وآثارها،ومسؤولية الآباء عن فعل الأطفال،وآثار مسؤولية الوالدين عن فعل الأبناء وشروطها،والمسؤولية عن فعل المختبلين،والضرر وأنواعه وخصائصه،والقوّة القاهرة وشروطها وآثارها . عن مضمون الكتاب يقول الأستاذ سامي الجربي في لقاء معه:»يساهم هذا المؤلف بقدر متواضع في سدّ نقصان فقهي يتعلّق بقانون المسؤولية المدنية عموما.» وعن دواعي تأليف هذا الكتاب يقول :» هي دواع علمية وبيداغوجية ، ومضمونه يتعلّق ببرنامج السنة الثانية حقوق (القانون الخاصّ)،ويمكن أن يستفيد منه الباحثون والممارسون للمهن القضائية المتخصّصة ،كما يمكن أن يقدّم أجوبة للفرق الرياضية والصحفيين والتجاروشركات التأمين والمحامين وسوّاق العربات والأطباء وغيرهم.هذا الكتاب سدّ ثغرة في القانون التونسي لأنه قدم مادّة هامّة في كتاب شامل .» وأضاف قائلا :» هذا الكتاب بنقائصه يمكن أن يكون منطلقا لعديد البحوث المتعلّقة بقانون المسؤولية وغيرها من الفروع حتّى يكون الحضور الفقهي هامّا في القانون التونسي ، كما أرجو أن يتمّ نشر فقه القضاء التونسي الغزير وأن تتحقّق الفائدة العلمية بكمّ أوفر باعتبار أنّ عديد القرارات الهامّة بقيت غير منشورة.» الأستاذ سامي الجربي يعتبر قانون حوادث السيارات قانونا جائرا، لذلك اخترنا شهادة من الكتاب من الفقرة المتعلقة بأحكام التعويض جاء فيها بالخصوص قول المؤلّف:»... قد رأى اتّجاه قضائي لدى محكمة التعقيب لا يكون إلاّ ضد شركات التأمين المطالبة بعرض الصلح ،وأنّه ولئن كان المرور بالتسوية الصلحية أمرا اختياريا بالنسبة للمتضرّر، إلاّ أنّه لا يمكن لهذا الأخير القيام قضائيا إلاّ ضدّ المؤمّن الذي كان بإمكانه إجراء الصلح معه. وهذا الموقف يعزّز مجددا موقف شركات التأمين ،ويوفّر لها مصاريف التداعي فيما بينها،والحال أنّ قانون حوادث السير في القانون المقارن يهدف إلى توسعة عدد شركات التامين الضمان فيها ، لتتقاسم عبء التعويض ، فيخفّ حمله بتوزيعه على أقصى عدد ممكن منها.أفلا يكفي أنّ هذا القانون قد نزل بالتعويض إلى أدناه،وكأنّه مناقصة على ثمن الإصابات والجراح،حتّى يلزم المتضرّر بالتداعي قسرا ضدّ شركة تأمين قد لا تكون مليئة ، أو يستهويها عمليا التباطؤ في الأداء والمماطلة فيه حتّى تكون المضاربة مثالية؟» هذا الأثر الهامّ لا ينبغي أن يغطّيه الغبار على رفوف المكتبات في الجامعة وخارجها بل قد يكون من المفيد أن يتناوله الباحثون بالدرس والبحث والنقد حتّى تحصل الفادة للجميع.