"تقعيد العود"، عبارة كانت سائدة في الاستعمال الشعبي التونسي منذ عقود طويلة، لكنها "ذابت" خلال السنوات الأخيرة، قبل أن يستعيدها المجلس التأسيسي في الجلسة الصباحية ليوم أمس.. وصف النائب عامر العريض (حركة النهضة) تدخلات بعض النواب بكونها "تقعيد للعود" في سياق تحذيره من عملية تضييع الوقت التي بدت واضحة من مداخلات عديدة، "تلف وتدور" حول ذات الموقف وان تعددت أسماء النواب والكتل المجلسية.. هذا الوصف لم يمر "سبهللا" في "الحرم المجلسي"، كما يحلو للنائب / "الشيخ" الطاهر هميلة (حزب المؤتمر) تسميته، لان المخرجة السيدة سلمى بكار (مستقلة)، ردت "الصاع صاعين" على زميلها عندما اعتبرت تدخله ومحاولته اختزال المناقشات في التصويت المتسرع حسب رأيها نوعا، بل هو "تقعيد العود" بعينه، وهي المخرجة التي ترى الامور ب«عين» السينمائية ومن "خرم" الكاميرا.. هذا "الجدل" لم يعجب رئيس المجلس، الدكتور مصطفى بن جعفر (حزب التكتل)، الذي لم يرض لوظيفة المجلس بأن تكون "تقعيد العود"، ربما لان الدكتور يدرك جيدا أن هذه المهمة كانت من اختصاص البرلمان السابق، وهو لا يريد لوصمة العار هذه أن تلتصق بمساره الناصع، وهو الذي رفض "تقعيد العود" في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، فخرج منها وأسس التكتل، ورفض "تقعيد العود" في حكم بن علي فناكفه وخالفه.. المشكل يا "للواتي" ويا "سيادي"، أن التونسيين قضوا نصف قرن تقريبا في "تقعيد العود"، منها 23 عاما مارس خلالها الرئيس المخلوع، عملية "تقعيد الدولة" والمؤسسات والادارة والفكر السياسي والحراك الحقوقي، حتى "قعدت" الدولة، وانهارت و"قعدت" السياسة والصحافة والثقافة وغيرها.. لكن "تقعيد العود"، ضرورة لانتاج عزف متناسق ومنسجم من "سيّد الآلات" الموسيقية (العود)، فلماذا تريد السيدة سلمى بكار أن تحرمنا من عمليات "تقعيد" تبدو ممكنة في المجلس التأسيسي اليوم، خصوصا وان عديد النواب صلب هذه المؤسسة، قادرون على توظيف "القعدة" في المجلس ل"تقعيد" اللغة والافكار والمواقف والمواقع، وفق "نوتات" مجلسية جديدة نأمل أن لا تكرر لنا ذلك "النشاز" الذي عرفناه سابقا، فيصبح "تقعيد العود" عندئذ، افضل مليون مرة من وضع النشاز الذي جعل منه النظام البائد، قاعدة خلال حكمه الآسن.