وعد المسرحي المنصف السويسي بأن يكون المسرح الوطني الخاص الذي تم بعثه مؤخرا بإمكانيات مادية خاصة بلغت تكلفتها حوالي 150 ألف دينارا،لم يتجاوز دعم وزارة الثقافة لها الخمسة آلاف دينار، مكسبا للفن الرابع على نحو يكون فيه هذا المشروع الثقافي مسرحا مفتوحا أمام الجميع ليكون دعامة للمشروع الحضاري من خلال المساهمة في تهذيب الذوق العام لا سيما أن الثقافة تعد شأنا تنمويا ينهض بجوانب روحية وفكرية. فينتصر بذلك هذا المسرح للنمط الذي يرتقي باللغة العربية الفصحى وبالطرح الجاد والهادف لمواضيع ومسائل حضارية وإنسانية ولكنه شدد في المقابل على أن يكون هذا المسرح مغلقا أمام الرداءة ما دام حيا حسب ما أكد ذلك خلال ندوة صحفية انتظمت صباح أمس بفضاء المركز الثقافي بالعاصمة خصصها لتقديم هذا الهيكل الجديد بما يتضمنه من برامج واستراتيجية عمل وذلك بحضور السيدة آمنة منيف رئيسة جمعية كلنا تونس صاحبة مبادرة لدعم هذا المشروع. وعلل كل من المنصف السويسي ومحمد كوكة إقدامهما على بعث نمط ثقافي بهذه الشاكلة بأنه حدث يتنزل في إطار الوقوف ضد الظلاميات بالنسبة لهما خاصة أنهما وبعد خمسة عقود من الممارسة والنضال المسرحي وجدا في عداد العاطلين أو المشردين دون فضاء. وقال المنصف السويسي : أسست مسرحا خاصا حتى لا يتجرأ أي وزير على طردي أو توجيه أفكاري ولا يشكك في وطنيتي على طريقة محددة. نخبة عبارة عن سد منيع شركات إنتاج ساهمت في بعث المسرح الوطني الخاص بتوفير كل مستلزمات الفضاء المتمثلة في الإضاءة والملابس والديكور وغيرها أبرزها «السويسي فو نون» و»الملقّن الحر» و»سهرات للإنتاج». من جهة أخرى لم يخف المنصف السويسي الدور النضالي الكبير الذي قامت به نخبة من رموز الفن الرابع سواء كانت شخصية أو فردية زمن النظام البائد لتقف سدا منيعا أمام تآمر السلطة السياسية على المسرح من خلال توخي سياسة القتل التدريجي على غرار كل من الفاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي ورجاء من عمار وعزالدين قنون واعتبر أن نفس السياسة لا تزال متواصلة إلى الآن مما حفزه على التمسك برغبة إصلاحية للقطاع والحرص على المضي قدما في مسار التأسيس لمسرح يستقطب المواهب والكفاءات بعيدا عن التكوين الأكاديمي أو النظري بل بالتكامل معه. وبيّن المنصف السويسي أن المسرح الوطني الخاص لا يقل وطنية عن المسرح أو أي هيكل خاص على نحو لا تحيد عن الثوابت التربوية والأخلاقية التي تهدف لتكريس الشعور بالوطنية والمواطنة الحقة التي تربط الواجبات بالحقوق . كما اعتبر هذا الهيكل مجال إبداع بعيدا عن أي توجه ايديولوجي أو تنميط فكري. واعتبر هذا المشروع الثقافي الجديد عبارة عن تكوين مهني بحت في مختلف الاختصاصات التابعة للقطاع كالتمثيل والإضاءة والديكور نسجا على منوال تجربته في المجال التي انطلقت منذ الستينات والتي اعتبرها ناجحة نظرا لما خلفته من مكاسب للقطاع سواء من خلال بعث تقاليد المسرح والفنون في عديد الجهات أو داخل الأوساط الاجتماعية كالمسرح الوطني وفرقة مدينة الكاف أو فرقة مدينة تونس أو ببعث عدة مهرجانات وطنية ودولية على غرار كراكة حلق الوادي أو أيام قرطاج المسرحية وغيرها من التظاهرات والأنشطة الأخرى أو تقديم أعمال متميزة من حيث الكم والكيف أو من خلال تجربته الناجحة في الشرق. مسرح التجانس والإبداع وأكد المنصف السويسي خلال اللقاء الإعلامي عن دور المسرح الوطني الخاص كآلية للتكوين المهني الذي يعيد للهيكل المسرحي دورا اضطلع به في العقود الماضية وجعلت منه مدرسة خاصة تضخ الساحة بالمواهب وتمنح شهادة الفن المسرحي التي تخول لحاملها دخول الميدان كنظرائه من حاملي الشهائد العليا في مختلف الاختصاصات ذات العلاقة بالميدان. كما بسط الخطوط العريضة لعمل هذا المشروع الثقافي الجديد المتمثل في إنتاج ثلاثة أعمال مسرحية كبرى في العام وبيّن أن دفعة هذه السنة تتمثل في « ابن رشد» للكاتب العالمي عزالدين المدني التي أخرجها محمد كوكة فضلا عن مسرحية «طورغوت درغوث رايّس» التي كتبها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وسينوغرافيا وإخراج للمنصف السويسي والتي ستعرض لأول مرة على ركح مسرح مدينة تونس يوم السبت القادم ويشارك فيها كل من فيصل بالزين ومعز حمزة ويحي الفايدي وصهيب الخماسي ومحمد كوكة وغيرها. أما العمل الثالث فيتمثل في مسرحية « شكسبير آش جابو لينا» للمخرج محمد كوكة واعتبرها المنصف السويسي ردا على الأنماط المسرحية التي ظهرت خلال العام الماضي والتي كانت عبارة عن محاكاة للواقع من خلال التوحد حول موضوع «الثورة». ومن الأعمال الأخرى التي بين أن المسرح الوطني الخاص بصدد الإعداد لانجازها مسرحية «السد» ماخوذة عن السد للكاتب الكبير محمود المسعدي.