عبر عدد من ممثلي الجمعيات المائية الذين التقتهم "الصباح" مؤخرا خلال ندوة الورشة الوطنية الأولى لتنفيذ مشروع المجلس العربي للمياه حول مشاركة المجتمع المدني في إدارة المياه أن الإشكالية الفعلية التي تواجه عدم تزود المناطق الريفية بالماء الصالح للشراب تكمن أساسا في ارتفاع التكلفة فضلا عن عدم التزام متساكني هذه المناطق بخلاص العداد الكافي. وأوضح في هذا السياق محمد بن نصر (مجمع التنمية الفلاحية وادي الغيران) أن مشروع وادي الغيران قدرت تكلفته ب460 ألف دينار. وقد بدأ العمل على تركيز حنفية لكل فرد (47 من بين 90 عائلة تمتعت بذلك). ولكن تبقى الإشكالية هي ارتفاع التكلفة (250 دينارا تكلفة العداد الواحد) فضلا عن عزوف المنخرطين على خلاص الاستهلاك لا سيما بعد الثورة رغم جودة المياه. ويعزو بن نصر سبب هذا العزوف إلى عدم وجود رواتب قارة للقاطنين. غلاء الأسعار من جهة أخرى أشار التيجاني الأنصاري (عضو بجمعية المجتمع التنموي بالبحيرين من ولاية سليانة) الى أن الإشكالية تتمثل في غلاء أسعار المياه التي يتم اقتناؤها حيث تقدر تكلفة المتر الواحد ب700 مليم رغم أن نوعية الماء غير ممتازة فهي غير معقمة بمياه "الجافال" ولا بدّ في هذا الإطار من تدخل "الصوناد" للتحسين من جودته. وفي نفس السياق أوضح معز المعلاوي (مدير بإدارة الشؤون القانونية والتأمينات بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في تصريحه ل"الصباح" أن الشركة لا تزود المواطنين بالمياه الصالحة للشراب في المناطق التي لا توجد فيها شبكة عمومية للمياه، إذ يشرف على هذه المهمة متدخلون آخرون مثل الإدارة العامة للهندسة الفلاحية. أما في ما يتعلق بمسالة بيع الماء من طرف الشركة للجمعيات أورد المتحدث أن هذه الآلية منظمة بمقتضى قرار إداري بين وزارتي المالية والفلاحة وهي تسعيرة قارة غير أن التحدي يكمن في التجمعات السكنية المتفرقة حيث يصعب ربطها بعداد فردي مشيرا في السياق ذاته الى أن نسبة التغطية للماء الصالح للشراب على مستوى البلاد تفوق 85 بالمائة. يذكر أن الورشة الوطنية الأولى لتنفيذ مشروع المجلس العربي للمياه حول مشاركة المجتمع المدني في إدارة المياه قد سلطت الضوء على عرض مهمة فريق العمل التونسي: أهدافه وبرامجه التي تولت عرضها سهام تريمش (المديرة المركزية للاتصال والتعاون الدولي بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه). ويتكون المشروع من مكونين أساسيين هما تحديد المؤشرات الأساسية لإدارة المياه ودعم مشاركة المجتمع المدني في تقييم أداء إدارة وتوفير خدمات المياه. كما تتمثل خطة العمل التونسية في القيام بسبر آراء لعينة ممثلة لكل فئات المستهلكين حول قضايا الماء والدورة المائية في تونس والمياه المشتركة وكلفة المياه. تسعيرة مياه الشرب من جهة أخرى تطرّق مراد بن منصور (رئيس دائرة التسعيرة والدراسات الاقتصادية بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه) في مداخلته: "تسعيرة مياه الشرب بتونس" الى سلبيات النظام الحالي للتسعيرة لا سيما في ما يخص توجيه التسعيرة المنخفضة للفئات ضعيفة الدخل إذ أن هذا النظام يمكن مالكي الشقق الثانوية وكذلك متساكني الأحياء الراقية الذين لا يتجاوزون الأقساط الدنيا من الاستهلاك من التمتع بتسعيرة منخفضة هي في الأصل مخصصة للطبقات ضعيفة الدخل. صعوبات تجدر الإشارة الى أن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه القطاع خاصة بعد 14 جانفي هي العزوف عن تسديد معاليم الاستهلاك وتفاقم المديونية بصفة متصاعدة على مستوى المجامع والمندوبيات وعدم القيام بالصيانة والوقاية العلاجية إلى جانب العجز المالي وعدم القدرة على تسديد أجور المديرين الفنيين علاوة على ضعف مردودية الشبكات المائية وضياع ثقة الفلاح باستمرارية التزود بالمياه.