لعبت لجان حماية الثورة دورا هاما لا يمكن لأحد إنكاره خاصّة في ظلّ الانفلات الأمني الذي عاشته البلاد أيام الثورة، ورغم إجراء انتخابات 23 أكتوبر وتكوين حكومة شرعية، فإنّ هذه اللجان لا تزال إلى اليوم تواصل نشاطها وتقدّم نفسها «حامية لثورة 14 جانفي». وقد أثارت التحركات الأخيرة لهذه اللجان التي كانت حاضرة في مسيرة 9 أفريل بالعاصمة وأمام مقرّ التلفزة الوطنية بالإضافة إلى اعتصام الإعلاميّين بالقصبة، استنكار البعض في ظلّ وجود بعض التجاوزات. «الأسبوعي» تحدثّت مع بعض أعضاء التأسيسي وأستاذة القانون الدستوري رشيدة النيفر الذين اتفقوا على وجوب انضواء هذه اللجان تحت جمعيات أو أحزاب. استضاف برنامج «ميدي شو» الذي يبثّ على إذاعة موزاييك عضو المجلس التأسيسي خميس قسيلة ،على إثر الاعتداء عليه يوم 9 أفريل، والذي ذكر المعتدين عليه بالأسماء من بينهم عضو لجنة حماية الثورة بالمروج «هشام كنّو»، على حدّ قوله. وكردّ على العضو خميس، حضر هشام كنّو في اليوم الموالي نفس البرنامج نافيا اعتداءه على خميس قسيلة ومصرحّا بحضوره وأعضاء لجان حماية الثورة جميع التظاهرات، قائلا: «نحن ننزل إلى الشارع لمراقبة التجاوزات والتدخلّ للحدّ من انتشارها، ونحن قانونيّون.» وعلى إثر هذه التحركات للجان حماية الثورة، بدأ الحديث عن وجوب حلّ هذه اللجان باعتبار أنّ الثورة لها مجلس تأسيسي وحكومة شرعية منبثقان من رحم الثورة ومن دورهما السهر على تحقيق أهداف الثورة وحمايتهما. في هذا الإطار، قال خميس قسيلة ل»الأسبوعي»: «لو أعلنت هذه اللجان عن نفسها كحزب أو جمعيّة، لكان وجودها مقبولا ولكن أن تتحولّ إلى مجموعات تنصّب نفسها فوق الشرعية فهذا أمر مرفوض». واستنكر محدّثنا تنصيب هذه اللجان نفسها ك»محكمة التفتيش في الضمائر» وتتولى محاسبة الأشخاص وإدانة تصرفاتهم حسب مقاييس تضعها هي. «لا للثقافة الثورويّة» من جهته، قال عصام الشابي عضو الحزب الجمهوري ل»الأسبوعي»: «نتفهّم غضّ النظر على لجان حماية الثورة خلال الفترة الانتقاليّة الأولى، وقد باتت هذه اللجان التي تشكلّت بصفة تلقائيّة غير واضحة المعالم اليوم لكونها لا تتحركّ في إطار حزب أو جمعيّة». واعتبر محدّثنا أنّ بقاء هذه اللجان خارج الضوابط القانونية والطابع المؤسساتي يعدّ «تنظيما خارج السرب»، على حدّ قوله مشيرا في هذا الصدد إلى الأطراف المعنية بحماية الثورة والمتمثّلة في «الشعب أوّلا وأعضاء التأسيسي ثانيا والحكومة ثالثا». وأكدّ الشابي أنّ كلّ من ينصّب نفسه وصيّا على الثورة لا يكرّس سوى ثقافة «ثورويّة» تعمل خارج كلّ إطار قانوني، مما يجعله يشكّل خطرا على مرحلة النظام الديمقراطي». وأمام تدخلّ بعض اللجان في تعطيل بعض النشاطات السياسيّة مثلما حصل مع الباجي قائد السبسي، قال محدّثنا:»آمل ألا تتحولّ هذه اللجان إلى ميليشيات تصول وتجول». لكنّه استدرك قائلا: «أنا مع أن تعلن هذه اللجان عن نفسها كجمعيّة مدنيّة تخضع للقانون، فنحن مع الحريّة في أوسع نطاق ولكن شريطة أن تكون مسؤولة». وبغضّ النظر عن تبعيّة هذه اللجان إلى تنظيم سياسي معينّ، قال الشابي: «إنّ هذه اللجان تقدّم نفسها كحامية للثورة ولكنّها حامية لحركة النهضة وتعادي وتخوّن كلّ من يخالفها الرأي». يجب تفادي الاحتقان! وأمام اتفاق محدّثانا عن تنظيم هذه اللجان في إطار جمعيات أو أحزاب، قالت كلثوم بدر الدين عضو المجلس التأسيسي عن حركة النهضة: « لا يمكن لأيّ حزب حلّ هذه اللجان التي تكونّت وتحركّت بصفة تلقائيّة». ودعت في هذا الصدد إلى تأطير هذه اللجان وضبط نشاطها في إطار ميثاق تلتزم به اللجان وليس في إطار قانون». وذكرت بدر الدين أنّه لا يمكن التخلّي عن هذه اللجان في هذه المرحلة بهدف تفادي الاحتقان داعية إلى اتخاذ إجراء ينظّمهم. بلبلة في البلاد وعن مدى قانونيّة هذه اللجان، قالت الأستاذة في القانون الدستوري رشيدة النيفر ل «الأسبوعي»: « ليس هناك أيّ مبرّر للتحركّ في إطار غير واضح قانونيّا، فهذه اللجان غير منضوية في إطار أحزاب أو جمعيات». وأشارت في هذا الإطار إلى القانون الجمعيّاتي الذي لا يمثّل عائقا لتأسيس جمعيّة، داعية لجان حماية الثورة إلى الانضواء تحت جمعيات، قائلة: «الانضواء تحت جمعية هو الحلّ الأنسب حتى نعرف كلّ طرف يرفع شعارات، فذلك مهمّ لوضع الخارطة السياسيّة وتفادي البلبلة في البلاد». وأضافت محدّثتنا قائلة: «إن رفضت اللجان التنظّم قانونيا، فذلك يجعلنا نشكّ في وجود غاية معينة لدى هذه الفئة ونتساءل عمّن يقف وراءها». وذكرت الأستاذة النيفر أنّ هذه اللجان عبارة عن «لوبيات» تعتبر نفسها قوة ضغط داعية في هذا الإطار إلى البحث عمّن يقف وراءها من تيارات سياسيّة. وأكدّت في هذا الإطار أنّ المهمّ للمصلحة العامة هو أن تنشط هذه اللجان في النور وليس في الخفاء. وعن تقديم مقترح للجنة التشريع بالتأسيسي لحلّ هذه اللجان، قال قسيلة: «لم يقدّم أيّ اقتراح ولكن بدأت وبعض أعضاء المجلس في الحديث حول هذا الموضوع».