انتظم المهرجان الدولي للجواد العربي الأصيل بالمكناسي آخر مرة خلال شهر مارس من سنة 2010 وبلغ آنذاك دورته الثلاثين وقد تناول محور الجواد لدى الشباب غير أنه ومنذ ذلك التاريخ احتجب تاركا فراغا كبيرا في هذا المجال الثقافي والتراثي الهام وحتى المشهد التنموي إذا ما عاد بنا التاريخ إلى إسهامات قطاع تربية الخيل في الحياة التنموية التي شهدت انتعاشة هامة بفضل توظيف نشاط تربية الخيول وتجويدها في الصناعة الثقافية السياحية وبالتالي تنشيط اقتصاديات جهة سيدي بوزيد ومنطقة المكناسي على وجه الخصوص التي كانت ستحرم من هذا التخصص الثقافي والتنموي لولا التظاهرة السنوية التي كان يقام خلالها سباق للخيول مع العلم أنه تم إحداث أول إسطبل لتربية الخيول بالمكناسي منذ العام 1913. أصبحت إثر ذلك المنطقة مميزة في هذه الحرفة أو الممارسة الثقافية بالرجوع إلى ملاءمة عوامل عدة كالمناخ (مناخ جاف وغير رطب) وتوفر غطاء نباتي متميز بجدواه الطبية والعلاجية وأيضا انتشار عادة تربية الخيول في تونس. الإقبال على التزود بالخيول (من منطقة المكناسي) بلغ ذروته خلال قيام الدولة الأغلبية بنحو 800 جواد.. أما بلغة المال فقد انطلق تداول تجارة الجواد بالأسواق المحلية في منتصف القرن العشرين بمعدل 50 دينارا للفرس الواحدة هو سعر مرتفع آنذاك اعتبارا لأهمية مردودية الخيول في السباقات الاحتفالية والمناسباتية ويذكر أن أجودها أي هذه الخيول العربية الأصيلة يبلغ معدل عيشها نحو 30 سنة غير أن هذا التميز يبدو أنه يواجه منذ السنوات الأخيرة تهديدا خطيرا بالنظر إلى توجه الدولة نحو استيراد الخيول من أوروبا الغربية بتعلة تطوير المنتوج المحلي. وتسجيل مفارقة عجيبة جسدتها ظاهرة إقبال الفرنسيين على الخيول التونسية لقناعتهم بما لها من خصوصية ..هذه الخصوصية التي أسهمت في رفاه عيش مربي الخيول ومالكيها بالمكناسي والذي يفوق عددهم ال50 ممن تحولوا بفضل اتقانهم لحرفتهم هذه إلى جهة مصدرة نحو أقطار عدة عربية وأوروبية مع عدم تفريطهم في أصول هذه الخيول التي وفرت لفرسانها مواطن شغل خصوصا ببلدان الخليج العربي. لكن حجب المهرجان الذي يعنى بجواد المكناسي وذلك لموسمي 2011 و2012 يدفع على التساؤل عن سبب التفريط في هذا الموعد الهام الذي عرف إشعاعا كبيرا داخل المنطقة وخارجها ذلك أن المهرجان كان يستقطب المهتمين من تونس والخارج.