قريبا "بيت العود العربي" في تونس رحل جمهور الدورة 48 لمهرجان قرطاج الدولي ليلة أول أمس، إلى عوالم الموسيقى الصوفية والروحية عبر أوتار العازف العراقي الكبير نصير شمة الذي كان مرفوقا بأهم عازفي العالم ا. حفل صاحب "مقامات زرياب" و"صامتا أعلن الحب" لم يحضره عدد كبير من الجمهور حيث لم يتجاوز عددهم 1500 شخص ولكن هذا الحضور يتميز بإلمامه بموسيقى نصير شمة ومتابعته لانتاجاته الموسيقية وتقديره للمادة الموسيقية الراقية. افتتحت السهرة في حدود الحادية عشرة ليلا بمقطوعة "تحية" عبّر إثرها نصير شمة عن اشتراك الشعوب العربية في المشاعر والمواقف ذاتها وذلك ما أثبتته الثورات العربية انطلاقا من تونس وختم الموسيقار العراقي كلماته بمقطوعة استلهمها من هذه الأحداث بعنوان "مصير" ثم عمل يكرم من خلاله جلال الدين الرومي حيث وصفه بأهم الأعلام التي أفرزتها الحضارة الإسلامية والذي اختير سنة 2007 أول شخصية في الكون نادت بالتسامح بين الأديان والشعوب وذلك في مقطوعة "مولانا جلال الدين الرومي". أشرف شريف خان ورحلة الروح راوح عازف العود نصير شمة في سهرته بين العزف والمزاح مع معجبيه الذين كان واضحا أنهم ليسوا غرباء عن عالم الموسيقى والإيقاعات. وشدد الموسيقار أول أمس على علاقته العميقة بالتونسيين، التي تمتد لسنوات قضاها في بلادنا وعلى ذكرياته مع الموسيقيين الذين صاحبوه في حفلاته ومنهم الفنان الباكستاني أشرف شريف خان الذي كان حاضرا ليلة أول أمس مع الاركستر الشرقي المتكون من ثلاثين عازف. وتميز أشرف شريف خان بعزفه الجميل والمتمكن على آلة السيتار وهي آلة وترية تنتمي لأجواء الإيقاعات الفارسية الهندية وعزف صحبة نصير شمة والمجموعة المرافقة مقطوعة "رحلة الروح" التي اقتبسها نصير شمة من كتاب ميشال نيوتن "رحلة الروح". ولم يكتف نصير شمة في سهرة 6 أوت بالمسرح الأثري بقرطاج بعزف مقطوعاته الموسيقية بل حاول إضفاء بعض الحركية والحماس على الجمهور الحاضر وطلب من أحد عازفي الاركستر الشرقي وهو أنور أبو دراغ آداء موال تراثي فتقدم صاحب آلة الجوزة العراقية للمنصة متفاعلا مع السحر القرطاجني للمسرح وشدا بصوت قوي أغنية "فوق النخل" فغمره الجمهور بالتصفيق والتهليل. دعوة نجاة عطية إلى الركح حضور الفنانة التونسية نجاة عطية لسهرة نصير شمة لم يمر مرور الكرام فعندما شاهدها العازف العراقي بين الجمهور طلب منها اعتلاء المسرح ومشاركته الاحتفال لتردد المطربة التونسية "أنت عمري" لكوكب الشرق بأسلوبها الخاص الذي وإن أبرز جمال صوتها إلا أنه لم ينف وقوعها في بعض النشاز وهو ما لاحظته عناصر من مجموعة الاركستر الشرقي المرافق لنصير شمة. أغلب الحاضرين في سهرة نصير شمة راودتهم الأفكار ذاتها حول حضور نجاة عطية "المفتعل" والمنظم مسبقا ولئن نفى نصير شمة في ندوته الصحفية اثر الحفل هذه الفرضية إلا أن مصادرنا الخاصة أكدت وجود اتصالات بين الطرفين حول هذه الإطلالة التي ختمتها برفع علم تونس الذي كان جاهزا في انتظارها بعد إنهاء وصلتها الكلثومية..!؟ ولعّل مقطوعتي "بنفسج الأصابع" و"الطريق إلى شقلاوة"(المستوحاة من طفولة نصير شمة في هذه المنطقة العراقية أيام الاستجمام والمصائف) من أجمل ما استمعنا له في حفل نصير شمة صحبة هذا التخت الشرقي، الذي تلاقت فيه مختلف الآلات الإيقاعية والوترية المستخدمة، حيث مزج موسيقار العراق بين مقامات بلاده المنبعثة من آلاتي الجوزة والسنطور المحليتين والإيقاعات الشرقية للعود والقانون والكمنجة والناي.. بعض الحضور من السّوريين يغادرون الحفل احتجاجا ما لفت انتباهنا قبل نهاية سهرة 6 أوت بقرطاج خروج بعض معجبي نصير شمة السوريين إثر تحيته لثورة بلادهم معبّرين عن رفضهم لموقفه. من جهته شدد الفنان العراقي خلال لقائه بالاعلاميين على دعمه لمناهضي نظام الأسد لأنه ضد الموت والقتل وواصل قائلا أنه ساند مختلف الثورات العربية وأولها تونس ومنذ بداية اندلاع انتفاضة 14 جانفي على صفحته الرسمية بالانترنيت وكشف نصير شمة أن فرع "بيت العود العربي" بتونس سينجز قريبا حيث أكد أنه وصل إلى اتفاق في هذا الخصوص بعد لقاء وزير الثقافة مهدي مبروك مشيرا إلى أن رئيس الدولة المؤقت المنصف المرزوقي شجعه ودعمه على تنفيذ هذا المشروع .