في ظلّ غياب خارطة طريق واضحة للاستحقاقات القادمة طغى الغموض على المشهد السياسي لتزداد معه التساؤلات والاستفهامات بشان المسائل المصيرية بعد ثورة الكرامة والحرية ليجد الرأي العام نفسه أمام ثلاث اشكاليات رئيسية مازالت غامضة ومتشعّبة. فمسألة الشرعية بعد 23 اكتوبر ثلاث إشكاليات في الإنتظار مازالت تلقي بظلالها على الشارع التونسي في ثنايا تباين المواقف الى حد تضاددها وتناقضها بما يثير الكثير من المخاوف بشان تداعيات الصراعات المحتملة. أما مسودة الدستور فانها أسالت الكثير من الحبر وكانت الأكثر شدا وجذبا للرأي العام بعد صيحات الفزع التي أطلقها بعض الخبراء مؤخرا وتأكيدهم ان المسودة "سوداء" ولا تعكس دستور الحرية بقدر ما ترسخ دكتاتورية الدولة الدينية. ولم تبق مسألة الاستفتاء بعيدة عن الطرح بعد ان اصبحت احتمالا واردا في ظل غياب التوافق بين الكتل النيابية حول عديد المسائل المصيرية التي يرفض البعض ان تكون مرتهنة لجهة معينة وخدمة لاجندات سياسية بحجة الاغلبية. "الصباح الأسبوعي" حاولت التطرق الى هذه الاشكاليات من خلال تشريكها لمختلف الاطراف. محمد صالح الربعاوي «الترويكا» تتشبّث بالشّرعيّة.. أحزاب ومنظّمات تشكّك.. واختلافات بين خبراء القانون مع بداية العد التنازلي لموعد 23 اكتوبرالمقبل ازداد الجدل بشان ما اصطلح على تسميته بأزمة الشرعية وبدت الاختلافات حادة بين جبهتين واحدة تدافع على شرعية المجلس ما بعد 23 اكتوبر باعتباره سيد نفسه وجبهة ثانية تدعو الى عدم الاعتراف بشرعيته بعد التاريخ المحدد بما يدفع ضرورة الى الشرعية التوافقية. وبين هذه المواقف وتلك تباينت كذلك وجهات نظر الخبراء في القانون في هذه المسالة بما يجعل الصراعات تزداد في الفترة القادمة. وحذرت سامية عبو عضو حزب المؤتمر من اجل الجمهورية من تداعيات دفع بعض الاطراف في اتجاه الدعوة الى عدم شرعية المجلس التاسيسي بعد 23 اكتوبر وحتى حله وما يمكن ان يسببه ذلك من فوضى وتأثيرات خطيرة على الاوضاع في البلاد. مضيفة ان المجلس التاسيسي يظل شرعيا بعد 23 اكتوبر المقبل باعتبار ان السلطة التاسيسية اقوى من السلطة التنفيذية والمراسيم والاوامر التي اقرتها الحكومة المؤقتة لابد ان تتم المصادقة عليها داخل المجلس التاسيسي حتى تصبح نافذة. وتابعت قائلة "قانونيا لا يمكن التشكيك في شرعية المجلس التاسيسي بعد 23 اكتوبر وحتى المحكمة الادارية لا يمكن الا ان تؤكد هذه الشرعية. نحن نسعى الى انهاء صياغة الدستور للتوصل الى انتخاب سلطة اصلية لطي صفحة السلطة المؤقتة نهائيا. انقلاب على الشرعية ومن ناحيته اعتبر زياد العذاري عضو حركة النهضة قضية السنة التي يقال انه تنتهي بموجبها شرعية المجلس التاسيسي مستمدة من امر دعوة الناخبين الى انتخابات المجلس التاسيسي وهذا الامر غير قانوني اصلا لان الامر لا يمكن ان يخالف المرسوم من ناحية هرمية القواعد القانونية باعتبار ان الامر اقل مرتبة من المرسوم ثم ان المرسوم لم ينص على أي مدة للمجلس التاسيسي ومدة السنة منصوص عليها في الامر والامر اقل مرتبة قانونية من المرسوم وبذلك لا يمكن للامر ان يحدد مدة لم يضبطها ولم ينص عليها المرسوم. واضاف العذاري ان القانون المنظم للسلط العمومية وهو اعلى مرتبة من الامر يعتبر قد ألغى بشكل ضمني هذا الفصل من الامر اذ انه لم يضبط المهمة ومدة انتهاء المجلس بمدة معينة بل ضبطها بقيام مؤسسات منتخبة على ضوء الدستور الجديد. وشدد العذاري على ان المجلس التاسيسي سيد نفسه حيث يمكن اضافة بعض الاشهر لما يتطلبه الدستور من تدقيق وحوارات معمقة اما تشكيك البعض في شرعية المجلس بعد 23 اكتوبر فانه يعتبر انقلابا على الشرعية على حد تعبيره. وفي سياق متصل اكد الاستاذ الصادق بلعيد ان شمعة مشروعية وصلوحية التاسيسي تنطفئ يوم 23 اكتوبر المقبل باعتبار ان المهمة التي انتخب من اجلها المجلس التاسيسي هي وضع دستور للبلاد في ظرف سنة بعد انتخابه لان المرسوم الذي حدد مدة اقصاها سنة لانتخاب المجلس التاسيسي من اجل كتابة الدستور للبلاد سيجعل صلوحية المجلس التاسيسي الذي يمثل السلطة العليا للبلاد تنتهي يوم 23 أكتوبر 2012. شرعية انتخابية وفي الوقت الذي شددت فيه لبنى الجريبي عضو حزب التكتل من اجل العمل والحريات على ضرورة انهاء صياغة الدستور في 23 اكتوبر وهو ما يبدو ممكنا اذا توفرت ارادة سياسية فانها اكدت ان الشرعية استمدت من وثيقة صادرة عن الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة وهي شرعية توافقية التي ينعدم مفعولها باعتبار شرعية المجلس التاسيسي المنتخب أي ان الشرعية الانتخابية تكون قبل الشرعية التوافقية. ولم تخف الجريبي تخوفها من حديث البعض عن ازمة الشرعية بعد 23 اكتوبر لان حل المجلس التاسيسي من شأنه ان يؤدي الى فراغ كبير ومصير مجهول لا يتماشى مع المسار الديمقراطي لانه صحيح ان المهم هو انهاء صياغة الدستور واحترام الاجال والعمل على ضمان جميع الحقوق والحريات لكن اذا تطلب الامر تمديد المدة لفترة قصيرة في سبيل جودة الدستور حتى لا تمرر فصول خطيرة فان ذلك يكون مشروعا من جميع الجوانب. شرعيّة توافقيّة وكانت بعض الاحزاب ومكونات المجتمع المدني قد أكدت منذ فترة ان العد التنازلي لشرعية المجلس التاسيسي قد بدأ ويأتي في مقدمتها حزب نداء تونس حيث دعا رئيسه الباجي قائد السسبسي الى عدم الاعتراف بشرعية المجلس التاسيسي بعد الموعد المحدد. كما اكد الناطق الرسمي للحزب رضا بالحاج ان عدم الالتزام بموعد 23 اكتوبر يؤدي الى ازمة في الشرعية الانتخابية لان الشرعية الانتخابية تنتهي بانتهاء الموعد الذي توافقت عليه احزاب الترويكا مع بقية الاحزاب وهو ما سيؤدي الى تعويضها بالشرعية التوافقية التي تقوم على جدولة زمنية لكل الاستحقاقات القادمة على حد تعبيره. إنطفاء شمعة الشرعيّة وفي سياق متصل اكد الاستاذ الصادق بلعيد ان شمعة مشروعية وصلوحية التاسيسي تنطفئ يوم 23 اكتوبر المقبل باعتبار ان المهمة التي انتخب من اجلها المجلس التاسيسي هي وضع دستور للبلاد في ظرف سنة بعد انتخابه لان المرسوم الذي حدد مدة اقصاها سنة لانتخاب المجلس التاسيسي من اجل كتابة الدستور للبلاد سيجعل صلوحية المجلس التاسيسي الذي يمثل السلطة العليا للبلاد تنتهي يوم 23 أكتوبر 2012.