ما الذي يجري بمؤسسة الإذاعة الوطنية ؟ سؤال لم توجد له إجابة واضحة وشفافة منذ أشهر، احتجاجات متواصلة خارج المؤسسة، واحتقان كبير داخلها أكده عدد من التقنيين والصحفيين والإداريين، فاختار البعض "طريق الإحتجاج" واختار البعض الآخر منهج "الموالاة"، فيما اختار آخرون سياسة "اخطى راسي واضرب"..فمتى تنتهي "الحرب على المؤسسات الإعلامية؟" "تصفية الحسابات والتشفي" و"عدم الكفاءة" و"تعمد السلط تشحين الأجواء" مصطلحات لم تغب عن أي وقفة احتجاجية انتظمت أمام مؤسسة الإذاعة التونسية وُجهت إلى رئيس مديرها العام، منذ تعيينه.
قرار بالمنع
منذ أربعة أيام، وبصفة يومية، تنتظم أمام مقر الإذاعة التونسية وقفات مساندة لسهام بوعزة مديرة الشؤون القانونية بهذه المؤسسة ورئيسة الجمعية التونسية لقانون التنمية من قبل مكونات المجتمع المدني وحقوقيين ومحامين وأيضا عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي على اثر القرار الصادر يوم السابع من نوفمبر الجاري من أعضاء المجلس التأديبي بالطرد لمدة شهرين وإيقاف المرتب الشهري والإعفاء من الخطة الوظيفية. هذا القرار اعتبرته مديرة الشؤون القانونية بالإذاعة التونسية "قرارا جائرا" مما جعلها تدخل، في مرحلة أولى، في اعتصام مفتوح بمكتبها مطالبة السلط المعنية بالتدخل الفوري ل "القيام بالدور الموكول لها في تنظيم ومراقبة تسيير الإذاعة التونسية إداريا وماليا تصديا للقرارات العشوائية والمربكة للمؤسسة". وعلى اثر الإعلان عن هذا الاعتصام تحولت مجموعة من مكونات المجتمع المدني أول أمس إلى مقر الإذاعة التونسية بغية الإتصال بمديرة الشؤون القانونية غير أن الرئيس المدير العام للمؤسسة اصدر تعليماته بعدم السماح لأي كان بالدخول إليها بما فيهم محامي مديرة الشؤون القانونية من بينهم الأستاذ عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والمحامية ثريا التيجاني، إلى جانب منع صحفيين بمن فيهم عدد من صحفيي "الصباح" الدخول إلى مكتب سهام بوعزة، غير أنه سُمح لعدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، وبشق الأنفس وبعد احتجاج من قبل النائب نعمان الفهري بالدخول إلى جانب كل من سمير بالطيب ونادية شعبان وأحمد إبراهيم. وفي تصريح هاتفي ل "الصباح" أكدت سهام بوعزة أن "القضية من بدايتها باطلة، وبطلان القرار وعدم قانونيته يكمن في الشكل القانوني لمجلس التأديب الذي انعقد في 30 أكتوبر الفارط" ذلك أن "الأدلة غير محترمة للصيغ الشكلية المفروضة قانونا مما يصير مجلس التأديب في غير طريقه".
مدير الاتصال: مجلس التأديب قانوني
إلا أن جميل بن علي مدير الإتصال بالإذاعة التونسية أكد في اتصال هاتفي ل"الصباح" أن "مجلس التأديب عُقد وفقا للإجراءات الإدارية والقانونية المعمول بها حيث أحيلت سهام بوعزة على مجلس التأديب وفقا لأخطاء نسبت إليها مبنية على وثائق وإثباتات، ونحن نحترم طريقة الإحتجاج التي اختارتها ولكن من الأنسب أن تكون وسيلة التظلم هي اللجوء إلى القضاء اعتراضا على قرار أعضاء مجلس التأديب". في ذات السياق أكدت سهام بوعزة ل "الصباح" أن قضيتها "يجب أن تتجاوز المصلحة الشخصية ذلك أنها نادت السلط المعنية بضرورة مراجعة القرارت التي تهدف إلى النيل من المؤسسة وتربك عملها والشروع الفوري في تنفيذ خطة إصلاح شاملة والقطع نهائيا مع أساليب النظام البائد في إدارة شؤون المؤسسات العمومية للقطاع السمعي البصري التي عانت لسنوات طويلة من ويلات التهميش والتطويع والشروع في تنفيذ عملية تطهير وإصلاح شاملة لمؤسسة الإذاعة التونسية تبدأ بمراجعة الأطر التشريعية والترتيبية المنظمة للمجال عملها وصولا إلى تنقيتها من كل من ساهم أو تورط في الإضرار بها"