لم تعد مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية ولا حتى التحوير الوزاري أمرا ذا أهمية بالنظر إلى أنّ الوقت متأخر وقد تصبح بالتأكيد مجرد ذر رماد في العيون ومحاولة لإضفاء مسحة من النشاط والمصداقية والجدوى على الحكومة بطريقة اصطناعية بحتة بينما لا تجد هذه الحكومة إلا في توجيه الأنظار تجاه الأزمات مهربا وفي تركيز الاهتمام على القضايا الجانبية مخرجا. كان يفترض أن تطرح المسألة بجدية قبل بضعة أشهر( 6 )وقد طرحت بالفعل بشكل فضفاض أفرغها من قيمتها وجدواها وكان ذلك في وقت بدأت الحكومة ترزح تحت وطأة الأزمات وتشعر بأنها أصبحت أسيرة طموحات أصوات الناخبين ومطالبهم وفي الآن نفسه محاصرة بواقع لم تنجح في تكييف برنامجها معه لا من حيث الأولويات ولا من حيث طريقة التعاطي . لقد بات من المكشوف أن يكون اقتراح تشكيل حكومة وحدة وطنية مجرّد بالون اختبار يلقى في أجواء الساحة السياسية بلا عودة ولا يرتقي حتى إلى مستوى الطعم القادر على إثارة الشهية خصوصا لدى المعارضة التي تبرّر رفضها بأن حكومة وحدة وطنية مشروطة بمحافظة الترويكا على ثلاث وزارات سيادة لا يستحق المغامرة. أما الحديث عن تحوير وزاري فهو بمثابة الخطة ب في حالة عدم التمكن من تمرير اقتراح حكومة وحدة وطنية وبالتالي فإن الأمر لا يعدو أن يكون تحرّكا في إطار ضيّق جدا لا تتجاوز حدوده الترويكا وحينئذ يصبح من حق الحكومة إجراء أي تحوير جزئي . إذن من يريد حكومة وحدة وطنية معني بأن يوفق بين الخيال وبين الواقع ,بين المنشود والمفقود ,بين الرغبة الحقيقية في تحقيق الأفضل و الرغبة الدفينة في الحفاظ على الموجود. لا بد من طي صفحة حكومة الوحدة الوطنية فقد دخلت البلاد مرحلة ما قبل الانتخابات وأصبحت كل الفعاليات مركزة على الانتهاء من صياغة الدستور والهيئات المستقلة للانتخابات والإعلام أما عدا ذلك فيبدو ثانويا فلحد الآن لم نسمع تصريحا يقول أن أي تعديل وزاري يرجى منه التدارك فيما لم ينجز للمواطن في حياته اليومية والعودة إلى نقطة البداية أي الوعود الانتخابية ..للأسف لم يصدر ذلك لا عن الترويكا ولا عن المعارضة ولا حتى من خارجها حيث يقدذم البعض أنفسهم بديلا .