في سابقة أولى تعيش المؤسسات السجنية على وقع موجة من إضرابات الجوع في صفوف المعتقلين ذهب ضحيتها ولأول مرة في تاريخ البلاد وفقا لمنظمات حقوقية شابين اعتقلا على خلفية أحداث السفارة الأمريكية واحتجاجا لما اعتبروه "ظروفا سيئة" داخل السجن ليتم الإفراج بعد هذه الحادثة عن 15 من السلفيين المشتبه تورطهم في ذات الحادثة.. ولعل الملفت للانتباه أن إضرابات الجوع في صفوف المعتقلين لا تقف عند قضية السلفيين بل تجاوزتها إلى قضايا حق عام على غرار المعتقلين في قضية الدخيلة الذين ينفذون إضرابا للجوع منذ يوم العيد(عيد الإضحى الفارط) والذين التحقت بهم امهاتهم منذ ما يقارب الاسبوعين. ولئن تحمل هذه الخطوة في طياتها العديد من الاحتمالات لعل أبرزها أنها قد تعبر عن صيحة فزع عن واقع المؤسسات السجنية أوعن تأخر سير المحاكمات لا سيما أن عملية الإصلاح لم تشمل الجهاز الأمني بعد فان البعض الآخر يرى أن هذه الظاهرة باتت وفقا للبعض ترسخ لثقافة الإفلات من العقاب. يعتبر أزاد بادي عضو المجلس التأسيسي عن حركة وفاء أن إضرابات الجوع هي شكل من أشكال التعبير والاحتجاج السلمي استنادا إلى أنها لا تضر بمؤسسات الدولة أو بالمصالح العامة للبلاد. لكنه يؤكد "أن المطالب التي تقف وراء الإضراب لا بد أن تكون مشروعة دون تدخل في الشأن القضائي وبأي طريقة كانت سواء بالضغط عليه أو جعله يتخذ قرارات في هذا الاتجاه أو ذاك وان يتحول هذا الشكل من الاحتجاج إلى الابتزاز لإجبار أو إحراج القضاء على اتخاذ قرارات خارج الأطر العادية للمنظومة القانونية لا سيما أننا نؤسس اليوم لدولة ديمقراطية حديثة تحترم فيها المؤسسات وعلى رأسها القضاء واحترام القانون." وقال بادي:"لا بد من تكريسها كعقيدة لان الإفلات من العقاب والضغط في هذا الاتجاه سواء عبر إضرابات جوع أو اعتصامات أو احتجاجات هو مخالف ومضاد للدولة التي تحترم فيها المؤسسات والقانون وهي الدولة التي نحن بصدد بنائها اليوم".على حد تعبيره. أزمة هيكلية من جهة أخرى يعتبر احمد الرحموني رئيس المرصد الوطني للقضاء أن الإشكالية أعمق بكثير فهو يرى أن"إضرابات الجوع داخل السجون هي اخف من ضغوطات أخرى قد يعيشها القضاء من ذلك الضغوطات الإعلامية أو الاجتماعية"، لكنه في المقابل لا يعتبرها "المدخل الرئيسي لمعالجة هذه الظاهرة التي أدت إلى وفاة شابين بطريقة دراماتيكية". وفسر في هذا السياق أن"الأزمة تتجاوز بكثير ورقة الضغط التي قد يلعبها المساجين مشيرا إلى أنه نعيش أزمة هيكلية استنادا إلى أن المنظومة السجنية هي كما العهد البائد لم تشملها بعد عملية الإصلاح." أوضح الرحموني في نفس السياق قائلا:" ليس من السهل إدانة إضرابات الجوع بطريقة مطلقة في واقع الثورة لأنها تحمل في حد ذاتها عناوين لازمات كبيرة من بينها عدم إصلاح منظومة ساهمت سابقا في عدة انتهاكات..." ولاحظ ان"إضرابات الجوع قد لا تكون تطالب بإطلاق سراح المسجونين والإفلات من العقاب وإنما قصد تحسين ظروف الإيقاف." واعتبر الرحموني في نفس الاتجاه أن"المسألة معقدة وتحتاج إلى البحث والعمل بطريقة شفافة فضلا عن التسليم بان السجون لا بد أن تشهد عملية إصلاح عميقة كما المؤسسة القضائية وهو في كل حال جزء كبير تتحمله السلطة." وخلص الرحموني إلى القول بان وفاة شابين في مقتبل العمر وبطريقة دراماتيكية لا بد أن تكون بمثابة العبرة وان يحدث شيئا من الوعي لان بلغت حد الأوضاع المأساوية. وضعية مفزعة في المقابل يرى لطفي عزوز المدير التنفيذي لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية أن "الإشكالية تتمثل في التعاطي مع هذه الظاهرة إذ من المفروض في مثل هذه القضايا السياسية أن تعجل السلطة بالمحاكمة العاجلة والعادلة لا سيما ان المضربين من حقهم إيصال صوتهم". وقال عزوز:" هذه الوضعية مفزعة بالعودة إلى عدد المضربين الذين دخلوا في إضراب جوع في بعض السجون(174 وفقا لم تم تداوله في بعض المواقع الإخبارية) وكان يجدر بالجانب القضائي أن يعجل النظر في مثل هذه القضايا السياسية عبر تكوين دوائر تتولى النظر في ذلك." أما فيما يتعلق بإضراب الجوع في صفوف سجناء الحق العام فيرى عزوز أنه "لا يمكن أن تتجاوز إضرابات الجوع مجرد إيصال الصوت لتكون الغاية منها الضغط على السلطة القضائية." تحسين الظروف السجنية يعتبر الدكتور مراد الرويسي مختص في علم النفس الاجتماعي أن السؤال المحوري في هذا الموضوع الذي يجب طرحه هو:" ما الهدف من إضرابات الجوع؟ وفي إجابته عن ذلك يرى أن هذه الظاهرة التي انتقلت إلى السجون الغاية منها ليست تبرئة المساجين بقدر ما هي رغبة في تحسين الظروف السجنية والمحافظة على كرامة السجين. أما فيما يتعلق بالسلفيين الذين وقع تسريحهم ذكر الرويسي انه"إذا وقع تسريحهم وفقا لإجراءات قانونية وتم التثبت من براءتهم فهو عنصر ايجابي لكن الخوف كل الخوف أن تكون عملية تسريحهم كانت ناجمة عن ضغط لا سيما انه في مرحلة انتقالية فان هذا ينبئ بشيء مخيف جدا ويجعل أناس آخرين لديهم انتهاكات يلعبون ورقة الضغط تلك للتمتع بالحرية." حسب قوله. وزارة العدل تنفي ارتفاع عدد المضربين تجدر الإشارة إلى أن وزارة العدل فندت في بلاغ لها ما يروج حول ارتفاع عدد المضربين عن الطعام في السجون التونسية مشيرة إلى أن عدد المضربين في تراجع وهو عكس ما تروج له بعض المواقع الاخبارية.