أكد الفاضل السايحي المكلف بمهمة بديوان وزير العدل ان استقلالية المؤسسة القضائية خيار الثورة والشعب وشأن عام، مشيرا الى ان استقلال القضاء يجب ان يتحول الى ثقافة لدى الجميع على اعتبار أنه يشكل الدعامة الأساسية التي يفترض أن تحمي الديمقراطية وتقوّيها وتوفر فضاءً آمنا ومستقرا لبلادنا. وبيّن السايحي خلال ملتقى علمي انتظم مساء اول أمس حول "استقلالية القضاء" نظمته الجمعية التونسية للمحامين الشبان بالتعاون مع جمعية القضاة والمحامين الامريكيين ان القاضي يعتبر الجهة المخولة قانونا للفصل في النزاعات وبالتالي فان استقلاليته تمثل ضمانة حتى لا ينحاز القاضي الى جهة دون اخرى مبينا ان الاستقلالية في حقيقتها وجوهرها تتمثل في الحياد والنزاهة. وقال ان استقلالية القاضي مرتبطة بالعوامل الذاتية خاصة منها عامل التنشئة بالاضافة الى العوامل الموضوعية المتعلقة بمراجعة القوانين والتشريعات بما يكرس استقلال القضاء فضلا عن تحسين ظروف عمل القاضي المادية والاجتماعية. حملات تشكيك وفي نفس السياق أضاف السايحي بأن القضاء لايستحق حملة التشكيك خاصة وأن المؤسسة القضائية حافظت على استمررية مرفق العدالة على خلاف العديد من الادارات الاخرى مبينا ان العديد من التحديات تواجه القضاء بالرغم من حملات التشكيك والتوظيف السياسي من طرف بعض الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وأكد ان التأسيس لقضاء مستقل مهم في المرحلة الانتقالية ومن الضروي -حسب تعبيره- النأي بالقضاء عن التجاذبات والصراعات السياسية واعادة الثقة والاعتبار للمؤسسة القضائية بما يسهم في ضمان الاستقرار داخل المجتمع ويكفل سير المؤسسات بشكل سليم ويرسخ ثقة المواطنين فيها. توظيف القضاء لغايات سياسية ومن جهتها لم تستثن القاضية ليلى بحرية كاتبة الدولة المكلفة بالشؤون الخارجية في حكومة علي العريض جمعية القضاة والاعلاميين وأحزاب المعارضة من التوظيف السياسي للقضاء. وقالت ان القضاء اليوم تحت السلطة التنفيذية وتوظفه كل الاحزاب السياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني مضيفة ان "مسار القضاء سابقا بخصوص الترقيات والنقل ومجالس التأديب كان يحدّد في جلسات خمرية" مبدية تخوفها من دخول السياسيين في الهيئة الوقتية للقضاء والمجلس الاعلى للقضاء والذي قد يعطل مسار اصلاح المنظومة القضائية بشكل عام. جمعية القضاة انحرفت عن مسارها ووجهت القاضية بحرية نقدها الى جمعية القضاة والصراعات الموجودة داخل المؤسسة القضائية مشيرة الى ان الجمعية "انخرطت في اللعبة السياسية وانحرفت عن مسارها وتمّ توظيفها في اطار التجاذبات السياسية". وأضافت ان ارساء قضاء مستقل يتطلب وقتا طويلا وليس رهين القضاة فقط بل أيضا واجب الدولة لتوفير هذه الاستقلالية مبينة ان وزارة العدل أرادت تجميع كل منظمات المجتمع المدني والهياكل المتدخلة بمرفق القضاء للقيام بعملية الاصلاح لكن الهياكل المهنية للقضاء كانت وراء افشال هذا المشروع. وكشفت القاضية بحرية حجم الضغوطات التى يتعرض لها القضاة خاصة في مسألة الترافع في القضايا في المنابر الاعلامية عوضا عن المحاكم قائلة ان القضاة التونسيين غير متعودين على المواجهة ويجدون أنفسهم أمام ضغط الاعلام والمحامين والسياسيين. لا عدالة دون قضاء مستقل أما القاضية الأمريكية مارغريت ماكوين فقد اعتبرت انه لا يمكن تحقيق العدالة دون قضاء مستقل مؤكدة ان الاستقلالية ليست هدفا بل هي وسيلة والقاضي بحاجة الى الصمود أمام الضغوطات ومجموعات الضغط والتقيد بالحياد والنزاهة وعدم الانخراط في العمل السياسي والارتباط بالقواعد الاخلاقية للمهنة. واعتبرت ان دور المجتمع المدني مهمّ في المرحلة الانتقالية ومن الضروري مساندة القضاء مع العمل على مراجعة المنظومة القضائية في تونس بما يجعلها تنسجم مع المعايير الدولية وتطويرها وفق مقاربة اصلاحية شاملة تساهم في ارساء قضاء مستقل ومحايد.