لم يترك الخالق تعالى مخلوقاته من بني آدم بلا رشد، فأرسل رسلا بدءا من نوح وختاما بمحمد صلى الله عليه وسلم يا أحفادي اسكندر، وسليمة، ومحمد يونس، ومريم، وأحفاد بني وطني وعقيدتي، فكيف وقع ذلك؟ أجاب اسكندر، وكريم، وحسان، وعمر أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم هو نوح. فقد اصطفى واختار آدم بخمسة أشياء 1) أنه خلقه بيده في أحسن صورة بقدرته. 2) أنه علمه الأسماء كلها. 3) أمر الملائكة بأن يسجدوا له. 4) أسكنه الجنة. 5) جعله أبا البشر. واختار نوحا بخمسة أشياء 1) أنه جعله أبا البشر، لأن حالناس كلهم غرقوا وصارت ذريّته هم الباقون 2) أنه أطال عمره، ويقال «طوبى لمن طال عمره وحسن عمله» 3) أنه استجاب دعاءه على الكافرين والمؤمنين 4) انه حمله على السفينة 5) أنه كان أول من نسخ الشرائع. وكان قبل ذلك لم يحرم تزويج الخالات والعمات. وواصلت سليمة، وايناس، وسارة، وهالة، وياسمين ومن المرسلين اختار الله ابراهيم بخمسة أشياء 1) أنه جعله أبا الأنبياء، لأنه روي أنه خرج من صلبه ألف نبي من زمانه إلى وزمن النبي صلى الله عليه وسلم 2) أنه اتخذه خليلا 3) أنه أنجاه من النار 4) أنه جعله إماما للناس 5) أنه ابتلاه بالكلمات فوفقه حتى أتمهن ثم قال « وآل عمران، فإن كان عمران أبا موسى وهارون فإنما اختارهما على العالمين حيث بعث على قومه المن والسلوى، وذلك لم يكن لأحد الأنبياء في العالم، وإن كان أبا مريم فإنه اصطفى له مريم بولادة عيسى بغير اب ولم يكن ذلك لأحد في العالم. والله أعلم. (تلك هي معلومات أفادنا بها القرطبي في تفسيره. فأضاف محمد يونس، ومهدي واحمد والياس ومحمد عزيز قال خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل قوم بنوا دارا فأحسنوها وجملوها، الا موضع لبنة. فجعل الناس يدخلون اليها ويقولون: ما أعظمها وما أجملها، لو أكملت هذه اللبنة فكنت أنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين» ولهذا بنى آدم لبنة التوبة، وبنى نوح لبنة الولاء للعقيدة، وبنى هود لبنة الشكر، وبنى صالح لبنة الاقتصاد، وبنى ابراهيم لبنة الطاعة، وبنى لوط لبنة العلاقة الجنسية السليمة، وبنى يوسف لبنة العفة والطهارة، وبنى شعيب لبنة العلاقات المادية المستقيمة، واضافت مريم، وأسمى، وهاجر، ومروى كذلك بنى موسى لبنة الدين في مجابهة الطغيان، وبني داود الحكم العادل، وبنى سليمان لبنة الصناعات الحربية والمدنية، وبنى عيسى لبنة التسامح والاحسان. فقلت لهم استفاد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم من بنائهم جميعا، ودرس تجاربهم مع أقوامهم، واقتدى بكمالات أفعالهم، وتعلم من مدارسهم ما ينبغي لبناء الانسان كما قال الله له «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده» (الأنعام آية 90) ووضع لبنة العقل والعلم والحكمة والتزكية فتكامل البناء وختمت النبوة بالرحمة إذ قال عليه الصلاة والسلام 'أنا رحمة مهداة»