◄ ماذا تعني تصريحات فابيوس وأوباما عن «جينيف 2» وإيران؟ رغم زحمة الأحداث الدولية تكتسي الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة أهمية استثنائية لاسباب عديدة من أبرزها تزامنها مع السباق بين معسكرين لهما مواقف متناقضة من شن حرب جديدة في المشرق العربي تكون سوريا الحليف الاكبر لروسيا وايران مسرحا لها. لكن هذه الدورة تكتسي كذلك أهمية استثنائية لأن كلمتي الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية الفرنسي فيها وجهت رسائل سياسية بالجملة لدمشقوطهران وموسكو وتل أبيب.. كما قدمتا تصورا "فوريا" لمرحلة "ما بعد الرئيس بشار الأسد".. ولدور إيران القادم في سوريا وفي المنطقة وفي المؤتمر الدولي "جينيف 2" الذي من المقرر تنظيمه لاختيار "حكومة توافقية جديدة في سوريا ليس فيها بشار الأسد".. ويتضح من خلال الكلمة المطولة للرئيس الأمريكي باراك أوباما أن واشنطن تبني سياستها الجديدة تجاه "الشرق الأوسط" والنظامين السوري والإيراني وفق أولويتين واضحتين: تأمين "طويل المدى" لحاجيات الولاياتالمتحدة، وضمان أمن إسرائيل عاجلا وآجلا.. الأسلحة غير التقليدية؟ في هذا السياق، أوضح أوباما أن التوافق شبه كامل حول "مغادرة الرئيس الأسد للحكم" بين جل العواصم في الدول المناصرة لحرب فورية في سوريا أو في تلك التي دعت إلى "تأجيلها" إلى منتصف العام القادم.. أي إلى ما بعد "تدمير النظام السوري لأسلحته الكيمياوية".. بالنسبة للمعسكرين يبدو "التوافق كبيرا جدا" حول ضرورة ضمان "أمن إسرائيل الدائم" عبر مجموعة من "الضمانات" على رأسها منع سوريا وإيران وكل دول المنطقة من امتلاك أسلحة غير تقليدية.. بما في ذلك السلاح الكيمياوي والأسلحة النووية.. تقارب مع طهران وترحيب بروحاني إلا ان الملفت للنظر أن خطاب الرئيس الأمريكي اقترب لأول مرة من الموقف الروسي ومواقف العواصم الغربية والعالمية التي رحبت بانتخاب الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني والتي تدعو إلى "تسوية الخلافات مع إيران حول برنامجها النووي بالطرق الديبلوماسية".. واستبعاد الحل العسكري.. خطاب أوباما وحلفاؤه الغربيون وخاصة خطاب وزير الخارجية الفرنسي فابيوس كشف عن خطة أمريكية غربية جديدة "لكسر التحالف بين نظامي دمشقوطهران" عبر محاولة "كسب ود القيادة الإيرانية" وطمأنتها حول دورها في "سوريا الجديدة" وفي كامل المنطقة إذا تخلت عن الرئيس بشار الأسد وعن برنامجها النووي في جانبه العسكري.. فرنسا و"جينيف 2" رئيس ديبلوماسية فرنسا وهي من أكثر المتحمسين لتوجيه ضربة عسكرية فورية لمنشآت سوريا العسكرية قدم رسائل أكثر إغراء للقيادة الايرانية.. ودعاها في تصريحات ل"نيويورك تايمز" إلى المشاركة في مؤتمر "جينيف 2" الذي من المقرر تنظيمه بمشاركة ممثلين عن الدول الكبرى وعن المعارضة السياسية السورية والسلطات الحالية في دمشق.. لكن السيد فابيوس كان واضحا وحازما.. إذ اشترط على السلطات الإيرانية الجديدة أن تقبل "شرط المشاركة في مؤتمر جينيف 2" وهو الموافقة مسبقا على أن من بين أهدافه اختيار "حكومة سورية توافقية جديدة لا يكون بشار الأسد طرفا فيها".. سيناريو العراق وأفغانسان ولبنان؟ هذا التطور يعني أن الديبلوماسيتين الأمريكية والفرنسية تحاولان تدارك "فشلهما" في قمة العشرين بسانت بطرسبورغ الروسية قبل أسابيع ومابعدها.. عندما اضطرتا لقبول "المشروع الروسي" الذي وافقت عليه السلطات السورية والذي استبدل الخيار العكسري ب"تدمير دمشق لأسلحتها الكيمياوية وفتح مؤسساتها للمفتشين الدوليين" على غرار ما فعل من قبل نظاما صدام حسين ومعمر القذافي.. حسب هذا التمشي فإن باريس وواشنطن وحلفاءهما يحاولون إقناع طهران وموسكو بما سبق أن تحقق معها في العراق وأفغانستان ولبنان وليبيا.. أي الموافقة على الخطة الأمريكية-الأطلسية "بالإطاحة بصدام حسين ونظام طالبان والقذافي وإقناع إسرائيل بالإنسحاب من لبنان، مقابل الإقرار بدور لإيران وروسيا وحلفائهما "على الارض".. وقد سمحت هذه الخطة بمضاعفة دور طهران في بغداد وفي كل المناطق والأوساط العراقية.. وبتنويع مجالات التأثير الإيراني والروسي والصيني في أفغانستان ولبنان.. ومن ورائهما كامل منطقة المشرق العربي وشمال أفريقيا بما في ذلك داخل فلسطينالمحتلة.. فهل تنجح هذه الخطة.. خطة اللعب على التناقضات.. و"فرق تسد ".. بمجرد التعهد لإيران وروسيا بضمان مصالحهما مع سوريا الجديدة، أم تجري الرياح مجددا بما لا تشتهي السفن؟