حوار: نزيهة الغضباني: لئن باشرت المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف عملها بصفة فعلية منذ غرة شهر جويلية الماضي بمقتضى الأمر الصادر عن سلطة الإشراف المتعلق بإحداث هذا الهيكل تحت تسمية المؤسسة التونسية لحقوق المؤلّف ولحقوق المجاورة وذلك في إطار العمل على تطوير منظومة التصرّف الجماعي في حقوق الملكية الأدبية والفنية في تونس وتحديث الإطار المؤسساتي المنظم لهذا المجال وذلك بعد تكليف محمد السالمي بإدارة هذه المؤسسة، فإن هذا الهيكل في صيغته الجديدة، كمؤسسة عمومية لا تكتسي صبغة إدارية وتعمل تحت إشراف وزارة الثقافة، لم تستغرق إدارته وقتا طويلا كي تنطلق في القيام بمهامها من خلال القيام بمعاينات وزيارات ميدانية للمحلات التجارية وغيرها من الفضاءات التي تعنى ببيع وتوزيع وعرض المادة الموسيقية وغيرها من المسائل ذات العلاقة بنشاط ومهام هذه المؤسسة. "الصباح" تحدثت مع محمد السالمي مدير هذه المؤسسة عن برنامج هذه المؤسسة وكيفية حماية حقوق المؤلف خاصة وأنها مؤسسة تعنى بممارسة التصرّف الجماعي في حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة أي حقوق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات السمعية والسمعية البصرية وهيئات البث الإذاعي والتلفزي. كما تطرق مدير المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف للعديد من المسائل الأخرى في الحوار التالي: مؤسسة الدفاع عن حقوق المؤلف قائمة الذات في بلادنا منذ الأربعينات حتى وإن كانت تحت تسميات مختلفة ولكنها لم تحظ بالإشهار اللازم إلا منذ فترة قصيرة بما نفسر ذلك ؟ - صحيح أن هذا الهيكل قديم بل بدأ النشاط في بلادنا منذ سنة 1944 وتعاقبت عليها مراحل حمل فيها تسميات مختلفة منها المكتب الإفريقي لحق المؤلف بعد أن كان إدارة فرنسية فالجمعية التونسية لحماية حقوق المؤلفين سنة 1968 لتنطلق في نشاطها الفعلي تقريبا منذ سنة 1997 كمؤسسة تونسية لحماية حقوق المؤلفين وذلك دون أن تحقق المطلوب. لكن حاليا كان إيمان جميع الجهات بأن وجود هذا الهيكل في شكل قانوني وعملي وهيكلي يستجيب لدواعي المرحلة ويساهم في تنظيم مجالات الإبداع وحقوق المؤلفين والمبدعين في عديد المجالات كان من العوامل التي حفزت الجهات الرسمية لتدعم هذا المشروع لاسيما في هذه المرحلة. لذلك اعتبر هذا الهيكل في شكله وصيغته الحالية مكسبا للثقافة والإبداع ليس في تونس فقط لأن المؤسسة التونسية لحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة تضطلع أيضا برعاية حقوق المؤلّف وأصحاب الحقوق المجاورة وخدماتها موجهة للتونسيين والأجانب على حد السواء. كما أن مهمتها أيضا الدّفاع على مصالحهم الماديّة والمعنويّة وتمثيل أعضائها ونيابة أو تمثيل المؤسسات الأجنبية العاملة في مجال حقوق المؤلّف والحقوق المجاورة وأعضاء هذه المؤسسات وذلك بمقتضى تفويض أو اتفاق تمثيل متبادل. هل بدأت هذه المؤسسة في مباشرة مهامها على مستويين وطني ودولي؟ - فعلا أننا وفقنا إلى حد الآن في ضبط برنامج عمل يشمل ما هو وطني ودولي. إذ يكفي التذكير أن مؤخرا تلقينا تفويضا من مؤسسة عالمية متعددة الجنسيات مختصة في البرمجيات والمعلوماتية المتعلقة بالمحاسبة والميزانية والتصرف لنتولى حماية حقوقها في تونس وذلك مقابل الحصول على نسبة من مداخيلها. علما أن هذه المؤسسة لها أكثر من ستة ملايين حريف في العالم. كما تم الاتفاق مع "ميكروسوف" لحماية حقوقها فيما يتعلق بالبرامج المعلوماتية في تونس. في انتظار الاتفاق قريبا مع "قوقل" لأن لمشاورات في هذا الإطار لا تزال قائمة. كما الشأن بالنسبة لمؤسسة أمريكية. خاصة أنه وبموجب نصوص قانونية، تواكب هذه المؤسسة الالتزامات الدّولية لتونس وهي موضوع اتفاقية الشريك المتميّز والاتفاق المعمّق والشامل بين تونس والاتحاد الأوروبي وكذلك اتفاقية التجارة والاستثمار بين تونس والولايات المتحدةالأمريكية، خاصة من حيث اعتماد المعايير الدّولية في مجال الملكية الأدبية والفنية وكذلك فيما يتعلّق بممارسة حقوق المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة في الفضاء الرّقمي والأنترنيت. لذلك من المنتظر أن تتسع دائرة خدمات مؤسستنا في المستقبل بفضل الرهان الكبير للخبراء والكفاءات المختصة وذات المستوى العالمي المتميز، التي تتوفر عليها. وكيف يمكن للفنان التونسي أن يستفيد من نشاط هذه المؤسسة؟ - أعتقد أن هذا المكسب من شانه أن يحفز الفنانين والمبدعين في تونس على حماية ممتلكاتهم الفنية وحماية حقوقهم خاصة أصحاب الأعمال الناجحة والرائجة. وذلك بالحصول على نسب من مداخيل أعمالهم. والمسألة لا تعني إلا الفنانين المنخرطين في هذه المؤسسة في مرحلة أولى. لأن هذه العملية من شانها أن ترغب الفنانين في تونس في مختلف المجالات الفنية والأدبية والفكرية على الانخراط في صلب هذه المؤسسة والمتمتع بخدماتها. لأن من مهام هذه المؤسسة أيضا تلقّي المصنّفات على سبيل التصريح أو الإيداع وتحديد نسب ومبالغ المستحقات الراّجعة للمؤلفين ولأصحاب الحقوق المجاورة. هل يعني أن هناك احصائيات ومقاييس جاهزة يسرت مهمتهم في هذه المرحلة؟ -أعترف أننا تعوزنا في المرحلة الأولى لانطلاق عمل المؤسسة الإحصائيات والأرقام الدقيقة. وهو ما سنعمل على تداركه في المتقبل. ولكن إلى حد الآن نعتمد مقاييس ومقاربات علمية في التعاطي مع المسألة. تم في المدة الأخيرة إبرام اتفاقية تعاون بين هذه المؤسسة والمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية. فما هي الفائدة المرجوة ؟ -أعترف أن هذه الاتفاقية لا تقل أهمية عن غيرها من فرص وعقود التعاون والعمل خاصة من الناحية التكوينية والتنظيمية للمؤسسة في شكلها وانطلاقتها الجديديتين. حاصة أن هذه الاتفاقية تنص على بالخصوص على تكثيف البرامج الهادفة الى التحسيس بأهمية احترام حقوق الملكية الأدبية والفنية وتنظيم ملتقيات مشتركة وورشات عمل للغرض بهدف إبراز الدور الاستراتيجي الفكرية في المجالات الإبداعية والعلمية. لأن البعض لا يزال يجهل دور هذه المؤسسة ومدى أهميتها لحماية اعماله. وستكون هذه الاتفاقية مناسبة لبعث تقاليد عمل جديدة من خلال وضع برنامج سنوي لتنسيق التدخلات وأعمال مراقبة احترام حقوق الملكية الفكرية وإعداد تقرير لتقييم الشراكة الفنية بين الطرفين. وسيتم للغرض تكوين لجنة قيادة ومتابعة تتركب من ممثلين عن المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية. هل واجهت المؤسسة صعوبات في مباشرة مهامها؟ -من حسن الحظ أننا لم نواجه صعوبات كبيرة في مباشرة مهامنا خاصة أن الخبراء قد بدأوا في القيام بزيارات إلى بعض الفضاءات والمحلات التجارية بالعاصمة. بل كان الجميع على استعداد للتعاون من أجل تقنين القطاع وتنظيمه وحماية حق المؤلف. فرغم الظروف الاستنثنائية لأول مرة تنطلق في تونس تجربة مراقبة الإخلالات المسجلة في مجال استغلال المصنفات الفنية والفكرية. وقد طلبنا من بعض المؤسسات أن تقوم بدفع معاليم استغلال أعمال فنية ولا نزال بصدد تقييم استغلال بعض المؤسسات والفضاءات الأخرى للفنون التونسية لكي نحدد مقدار استهلاكها. وهذه العملية من شانها أن تعود بالنفع المادي على الفنان التونسي في مختلف المجالات.