يخطئ بالتأكيد من يتوهّم ولو للحظة أن المعركة ضد الإرهاب المسلح التي تخوضها اليوم قوات الجيش والأمن الوطني ببسالة وبروح جهادية عالية سوف تكون قصيرة الأمد مثلا أو أنها تمثل «شأنا» أمنيا صرفا.. ويخطئ أيضا كل من سيظن أنه بمنأى عن أخطار هذه المعركة وتهديداتها على اعتبار أن طرفيها اثنان لا ثالث لهما: الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية من جهة والمجموعات الإرهابية ذات التوجه المعلوم والمخصوص من جهة أخرى نقول هذا لا فقط من أجل التأكيد على ضرورة التعبئة الوطنية والاتحاد من أجل مواجهة هذا المد الإرهابي الناشئ والقضاء عليه في المهد قبل أن يتغول ويشتد عوده وإنما أيضا بل وخاصة من أجل التنبيه إلى خطورة بعض الممارسات والمواقف التي طفت على سطح المشهد الوطني على خلفية وقائع ومخلفات المواجهات الأخيرة في معتمدية قبلاط بين قوات الجيش والأمن الوطنيين والمجموعة الإرهابية. ما من شك أن شعورا بالحزن العميق قد غمر كل التونسيين بفعل عملية القتل الإرهابية الغادرة التي راح ضحيتها بطلين من أبطال قوات الحرس الوطني بقبلاط لينضما بشرف وعزة الى قائمة شهداء تونس في معركتها القائمة ضد الإرهاب سواء في الشعانبي أو في غيرها من المناطق.. وما من شك أيضا أن شعورا بالفخر قد وجد بالمقابل طريقه إلى نفوس كل التونسيين وهم يقفون مرة أخرى على شجاعة أبناء تونس من العسكريين والأمنيين ومدى استعدادهم للتضحية بالدم والنفس من أجل أمن الوطن وسلامة المواطن.. هذه الصورة المشرفة بل والمقدسة لرجال الجيش والأمن التي نحتها شهداء المؤسسة العسكرية والأمنية بدمائهم الزكية هي التي يجب صونها وألا يقع تشويهها بأي شكل من الأشكال سواء عن قصد أو عن غير قصد نقول هذا وفي البال ممارسات التوظيف السياسي والحزبي والقطاعي التي تحاول في كل مرة بعض الأطراف إتيانها دون خجل كلما تعلق الأمر بحادثة اغتيال إرهابي لواحد أو لمجموعة من أبناء تونس العسكريين أو الأمنيين.. فمن محاولات لتسييس مواكب الدفن مثلا وجعلها فضاءات لرفع الشعارات الحزبية دون أدنى مراعاة لحرمة المكان وقدسية المناسبة.. إلى دعوات التهييج والتحريض على الدولة ورموزها... مرورا بمحاولات الركوب نقابيا على الحدث.. كلها ممارسات سافلة يجب أن يترفع عنها الجميع لا فقط احتراما لأرواح الشهداء ودمائهم الطاهرة وإنما أيضا لأنها ولو من حيث لم يقصد أصحابها ممارسات تصب في صالح الإرهابيين. اجل،،، ف»اللعب» على التناقضات السياسية ومحاولات بث التفرقة والتطاول على الدولة ورموزها السيادية وهي تخوض من خلال أجهزتها الأمنية والعسكرية معركة شرسة ومصيرية ضد الإرهاب سيضعفها بالتأكيد ويربك أداءها.. وربما تكون النتيجة كارثية لا قدر الله وما المثال الليبي عنا ببعيد !!