اصدر اليوم البنك المركزي تقريرا حول الوضع الاقتصادي في تونس وتضمن التقرير الذي تحصلت «الصباح نيوز» على نسخة منه على ما يلي: 1- الظرف الاقتصادي الدولي قام صندوق النقد الدولي، خلال الشهر الحالي، بمراجعة توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي نحو الانخفاض إلى حدود 3,4٪ لسنة 2016 و3,6٪ للسنة الموالية مقابل تقديرات سابقة ب 3,6٪ و3,8٪، على التوالي، و3,1٪ تحققت في سنة 2015. مع الاشارة إلى أن آفاق النمو العالمي لا تزال عرضة لعدد من المخاطر لاسيما التباطؤ الاقتصادي الواسع في جل البلدان الصاعدة وإعادة توازن الاقتصاد الصيني، إضافة إلى تراجع الأسعار العالمية للمواد الأساسية وكذلك التخلي عن السياسة النقدية عالية المرونة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد شمل تخفيض توقعات النمو البلدان المتقدمة والصاعدة على حد السواء. وبالتوازي، تواصل تقلص المؤشر العام لأسعار المواد الأساسية لصندوق النقد الدولي، خلال شهر ديسمبر 2015، للشهر السادس على التوالي، أي ب 7,1٪ مقارنة بالشهر السابق وذلك بالعلاقة خاصة مع الانخفاض الحاد لأسعار الطاقة (-12,9٪). وبحساب الانزلاق السنوي، سجل مؤشر الأسعار انخفاضا ب 30,5٪، خلال نفس الشهر، ليشمل ذلك أسعار كل المواد لاسيما الطاقة (-38,9٪) بدرجة أولى، ثم المعادن (-29,4٪). وبالنسبة لكامل سنة 2015، تراجع المؤشر العام للأسعار ب 35,3٪ مقارنة بالعام السابق، وقد شمل هذا التراجع أسعار كافة مجموعات المواد. و بخصوص تطور الأسعار، عرفت مستويات التضخم تباينا في أهم البلدان المصنعة إلا أنها تبقى عموما متدنية. ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية، بلغت هذه النسبة في شهر ديسمبر 2015، أعلى مستوى لها منذ بداية السنة، أي 0,7٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 0,5٪ في الشهر السابق. أما في منطقة الأورو، فقد ارتفعت نسبة التضخم إلى مستوى 0,2٪ بحساب الانزلاق السنوي في شهر ديسمبر المنقضي مقابل 0,1٪ قبل شهر. و من ناحيتها، سجلت أغلب البورصات العالمية تراجعا ملحوظا لمؤشراتها منذ بداية شهر جانفي الحالي، بالعلاقة خاصة مع تدهور البورصات في الصين خلال الأسبوع الأول من الشهر نتيجة المخاوف من تباطؤ الاقتصاد في هذا البلد، إلى جانب التراجع الحاد لأسعار النفط وتأثيراته السلبية على وضعية الشركات العاملة بالقطاع، بالخصوص. وعلى مستوى أسواق الصرف العالمية، فقد تميزت مؤخرا بتذبذب أسعار الصرف مع توجه نحو الارتفاع في أغلب الفترات لسعر صرف الأورو مقابل الدولار ليبلغ 1,0849 دولار يوم 25 جانفي الحالي مقابل 1,0832 دولار في بداية نفس الشهر وذلك بسبب خاصة تصاعد المخاوف بشأن تأثير تشديد السياسة النقدية الأمريكية وتباطؤ الاقتصاد الصيني على آفاق الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تواصل تراجع أسعار النفط. 2- الظرف الاقتصادي الوطني 2-1 القطاع الحقيقي - شهد الاقتصاد الوطني خلال سنة 2015 تراجعا في مختلف الأنشطة، باستثناء القطاع الفلاحي، ولاسيما في قطاعي الصناعة والخدمات التي تضررت من جراء الأحداث الارهابية وذلك رغم تأمين الانتقال السياسي، وهو ما يعكس وجود صعوبات هيكلية وجبت معالجتها بالتسريع في نسق تنفيذ الاصلاحات الكبرى الضرورية. ويتطلب ذلك تظافر جهود جميع الأطراف الفاعلة لتكريس مناخ ملائم للاستثمار ودفع التنمية وبالتالي تحسين مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية. - وعلى المستوى القطاعي، وبخصوص القطاع الصناعي، تراجع المؤشر العام للإنتاج بأكثر حدة، خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2015، أي -1,8 ٪ مقابل -1,4٪ خلال نفس الفترة من السنة السابقة بسبب تواصل انخفاض إنتاج الطاقة (-5,8٪) وتدهور إنتاج المناجم (-21,5٪) مقابل ارتفاع طفيف في انتاج الصناعات المعملية (0,2٪). - وتبرز آخر الإحصائيات المتوفرة المتعلقة بتطور النشاط في القطاع الصناعي في شهر ديسمبر 2015 تقلص واردات كل من مواد التجهيز (-20,6٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل ارتفاع ب 32,5٪ في نفس الشهر من السنة السابقة) والمواد الأولية ونصف المصنعة (-6,1٪ مقابل 9,9٪). كما تراجعت صادرات كل من الصناعات الميكانيكية والكهربائية (-6,7٪ مقابل 14٪) وصناعات النسيج والملابس والجلود والأحذية (-3,6٪ مقابل 4,2٪). - ومن المنتظر أن يسجل نشاط الفلاحة والصيد البحري تباطؤا خلال موسم 2015-2016 بالعلاقة مع تراجع إنتاج وتصدير زيت الزيتون بعد الإنتاج القياسي المسجل في الموسم السابق. - وبالنسبة لقطاع الخدمات، تواصل تردي أهم مؤشرات القطاع السياحي خلال شهر ديسمبر 2015 وإن بنسق أقل حدة من الأشهر الفارطة وشمل بالخصوص البيتات السياحية الجملية (-38٪ و-52,3٪ بالمقارنة مع نفس الشهر من سنتي 2014 و2010 على التوالي) والعدد الجملي للسياح (-12٪ و-25,8٪) والمداخيل السياحية بالعملة الأجنبية (-55,3٪ و-58,4٪). وبالنسبة لكامل سنة 2015، بلغ التراجع 44,4٪ للبيتات السياحية الجملية لتبلغ 16,2 مليون وحدة و30,8٪ بالنسبة للعدد الجملي للسياح ليناهز 4,2 ملايين زائر و35,1٪ للمداخيل السياحية بالعملة الأجنبية، أي حوالي 2.355 مليون دينار. - وبالعلاقة مع تراجع النشاط السياحي، شهد قطاع النقل الجوي، خلال شهر ديسمبر 2015، تقلصا في حركة المسافرين عبر المطارات (-9,9٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل -13,8٪ في نفس الشهر من السنة السابقة)، مسجلا بذلك انكماشا ب 32٪ خلال كامل سنة 2015. المدفوعات الخارجية - تقلص عجز الميزان التجاري خلال سنة 2015 ب 1,6 مليار دينار أو 11,6٪ ليبلغ 12.048 م.د (وهو ما يمثل معدل عجز شهري ب1 مليار دينار) نتيجة تراجع الصادرات بنسق أقل من الواردات (-2,8٪ و -5,7٪ على التوالي مقابل +2,5٪ و+6,4٪ قبل سنة). كما تحسنت نسبة التغطية بنقطتين مائويتين لتدرك 69,6٪. - وبالمقابل، سجلت المداخيل السياحية، خلال نفس السنة، تراجعا ب 35,1 ٪ مقارنة بمستواها المسجل خلال سنة 2014 لتبلغ حوالي 2.355 م.د. - كما تراجعت مداخيل الشغل، خلال سنة 2015، ب 6٪ مقارنة بمستواها المسجل قبل سنة لتبلغ 3.743 م.د. - وباعتبار هذه التطورات، بلغ عجز الميزان الجاري 7.602 م.د أي ما يمثل 8,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2015 مقابل 7.369 م.د و8,9٪ في السنة الماضية. - غير أن مستوى الموجودات الصافية من العملة الأجنبية بلغ 14.102 م.د أو 128 يوم توريد في موفى سنة 2015 مقابل 13.097 م.د أو 112 يوم في نهاية سنة 2014، ونتج هذا التحسن عن ازدياد الدخول الصافي لرؤوس الأموال الخارجية المقدر بحوالي 8,4 مليار دينار، علما وأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة سجلت زيادة ب 9,2٪ من سنة لأخرى. 2-3 سوق الصرف المحلية - عرف سعر صرف الدينار، خلال الشهر الأخير من سنة 2015 تراجعا ب1,4٪ إزاء الاورو فيما تقدم ب 1,6٪ مقابل الدولار الأمريكي. تطور سعر صرف الأورو والدولار الأمريكي إزاء الدينار - وخلال كامل سنة 2015، تراجع الدينار ب8,4٪ مقابل الدولار فيما تقدم ب2٪ إزاء الاورو. 2-4 التضخم حافظت نسبة التضخم خلال سنة 2015، في المعدل، على نفس النسبة المسجلة خلال سنة 2014، أي 4,9٪. وقد شهدت نسبة التضّخم لكل من المواد الغذائية والمواد المعملية انخفاضا في نسق نموّها لتبلغ على التّوالي 5,2٪ و4,8٪، في المعدل، مقابل 5,4٪ و5,2٪ خلال سنة 2014، بينما سجّلت نسبة تضّخم الخدمات في المعدّل تسارعا في تطوّرها لترتفع من 4,2٪ إلى 4,6٪ من سنة إلى أخرى. تطور مؤشرات التضخم - أمّا بخصوص التضخّم الأساسي، فقد بلغت نسبة التضخّم دون المواد المؤطّرة والغذائية الطازجة 5,3٪ بالمعدل خلال سنة 2015 لتبقى بذلك في مستوياتها المرتفعة المسجّلة خلال سنتي 2013 و2014 والتي بلغت على التّوالي 5,5٪ و5,4٪ . 2-5 السيولة المصرفية وعمليات السياسة النقدية - ازداد عجز السيولة المصرفية في سنة 2015 إجمالا مقارنة بالسنة الفارطة- مع تسجيل فترات من التحسن النسبي- حيث بلغت عمليات السياسة النقدية للبنك المركزي 5.144 م.د في المعدل، أي بزيادة قدرها 114 م.د مقارنة بالسنة الماضية. - وأقفلت نسبة الفائدة الوسطية للسوق النقدية سنة 2015 في حدود 4,28٪ في شهر ديسمبر مقابل 4,30٪ قبل شهر. ويعكس هذا التطور منحى التقارب التدريجي بين نسبة الفائدة الوسطية للسوق النقدية ونسبة الفائدة المرجعية للبنك المركزي بالعلاقة مع تنويع البنك المركزي لأدوات تدخله وتوفير مزيد من السيولة لتعديل السوق النقدية. نشاط القطاع المصرفي سجل قائم الإيداعات تباطؤا في نسق تطوره خلال سنة 2015 مقارنة بالسنة السابقة (4,2٪ مقابل 8,7٪) نتيجة التطور بأقل سرعة لقائم الحسابات لأجل، إضافة إلى التراجع الملموس لقائم شهادات الإيداع. كما شمل نفس هذا المسار القروض الممنوحة للاقتصاد خلال نفس الفترة (6,2٪ مقابل 9,2٪ في سنة 2014) بالعلاقة مع تراجع نسق القروض قصيرة وطويلة الأجل.