عاشت تونس خلال الأسبوع الحالي وتحديدا المناطق الجبلية في الشمال على وقع حرائق أتت على مساحات شاسعة من الغابات التي تشكل ثروة طبيعية هامة تساهم في تماسك المنظومة البيئية وتوفر العديد من مصادر الرزق لمتساكني السفوح الجبلية، وبعد نجاح وحدات الحماية المدنية والجيش الوطني في إخماد الحرائق، ورغم عدم تسجيل خسائر بشرية، وتعهد رئاسة الحكومة بتقديم تعويضات مادية للمواطنين المتضررين، فان حجم الأضرار البيئية يبدو كبيرا خاصة أن النيران طالت الغابات الأكثر كثافة في بلادنا. وعن حجم الخسائر التي سببتها حرائق الشمال الأخيرة، يقول لطفي خليفة رئيس الجمعية التونسية لتقنيي الغابات في تصريح ل"الصباح" أن النيران التي طالت مساحات شاسعة من الغطاء النباتي الجبلي في الأيام الفارطة ستكون لها انعكاسات سلبية كبيرة على المدى المتوسط والبعيد، حيث ستؤدي هذه الحرائق إلى تدمير النظام البيئي في الغابات وستقضي على كافة أنواع الحياة فيها سواء بموت الكائنات الحية أثناء الحريق أو هجرتها للغابة التي لم يتبق منها سوى الرماد وبعض الأشجار المتفحمة وهو ما يجعلها غير مناسبة لعيش كثير من أنواع الكائنات الحية، كما أن النيران ساهمت في تدمير كميات كبيرة من الأخشاب ذات القيمة العالية والتي تصل أعمارها أحيانا إلى مئات السنين وهو ما سيتسبب في خسائر مادية مباشرة لمن يمتهنون الصناعات التي تشكل فيها أخشاب الغابات المواد الخام لأعمالهم، وعلى الحكومة والسلطات التدخل بطرق ناجعة وسريعة من أجل محاولة الحدّ ولو جزئيا من تأثير هذه الكارثة البيئية، وفق تعبيره. في سياق متصل أكد الخبير الفلاحي أنيس الزريبي في تصريح ل"الصباح" أن الحرائق التي أتت على جزء من الغطاء النباتي الجبلي في المناطق الشمالية ستكون لها انعكاسات سلبية على المنظومة الغابية، أبرزها التسبب في تسريع زحف التصحر نحو المناطق الخضراء، خاصة أن الغابات تمثل موانع ممتازة لحماية المناطق الخضراء من زحف الكثبان الرملية القادمة من المناطق الجافة كما تعمل على الحفاظ على التربة وتخصيبها وتمنع تدهور بينتها وبذلك تحميها من التصحر، على حد رأيه. وأشار الزريبي إلى أن حرائق الغابات تسببت في إنتاج كميات هائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون بالإضافة إلى كميات أخرى لا تقل ضررا من الغبار التي تصل إلى مناطق بعيدة عن منطقة الحريق ويمكن أن تسبب مشاكل صحية وبيئية، ونظرا لكميات غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تطلقها فإن حرائق الغابات تعد أحد العوامل التي تساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. على صعيد متصل أكد محدثنا أن إعادة الحياة إلى الغابات المحترقة سيستغرق وقتا طويلا يتراوح بين 10 و20 سنة لنمو الأشجار التي سيتم زرعها من جديد، كما سنواجه صعوبات في عملية التشجير لأن الأرض بعد الحرائق ستتطلب حيزا زمنيا لاستعادة خصوبتها حتى يكون بالإمكان غراسة الأشجار فيها، وفق تعبيره. الصباح بتاريخ 6 أوت 2017