جرائم نكراء وبشعة جدت وقائعها في الايام الاخيرة كشفت بشاعة ووحشية مرتكبيها وهي جرائم استهدفت خاصة كبار السن على غرار الجريمة التي وقعت مؤخرا بمدينة القيروان واستهدفت عجوزا تبلغ من العمر 86 سنة حيث عمد الجاني الى اغتصابها بوحشية وتعنيفها الى ان فارقت الحياة. جريمة اخرى استهدفت مسن بمدينة قابس يتجاوز عمره الثمانين سنة حيث قتله ابن شقيقه بسبب خلاف بسيط. جريمة ثالثة وقعت اول أمس في مدينة نابل حيث عثرت الوحدات الأمنية على امرأة متقدمة نسبيا في السن ( معاقة وتبلغ من العمر 59 سنة) مقتولة داخل منزلها.. جريمة رابعة كانت ضحيتها مسنة بجندوبة تجاوز عمرها 75 سنة بعد تعرضها الى الاعتداء ومحاولة الاغتصاب. كل هذه الجرائم البشعة والشنيعة تدفعنا الى التساؤل عن أسبابها وهو ما حاولت «الصباح نيوز» الاجابة عليها من خلال الحديث مع مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع. هذه الجرائم عكست أزمة قيم حادة اجتاحت المجتمع في السنوات الأخيرة وقد تميزت بحالة من الإنفلات الإجتماعي والقيمي والأمني انعكست على ارتفاع مستوى الجريمة وأشكالها وأنواعها وبشاعتها، فكان كبار السن ضحية لهذه الجرائم البشعة هذا ما لاحظه طارق الحاج محمد الباحث في علم الإجتماع، مضيفا أن هذه الجرائم التي تستهدف كبار السن وغيرها من الجرائم الأخرى التي طفت مؤخرا على السطح تعود أسبابها أن جيل كامل خارج إطار الإقتصاد والدراسة والتأطير والحماية فيجد نفسه وجها لوجه مع الإنخراط في الجريمة المنظمة أو الفردية فضلا عن انتشار أنواع خطيرة من المخدرات كان لها تأثير كبير على مستهلكيها وهي أنواع من المخدرات لم يتعود عليها المجتمع فتحولت هذه الكائنات البشرية الى وحوش، هذا بالإضافة الى الإنقطاع المبكر عن الدراسة سواء من المرحلة الإعدادية أو الثانوية الذي يؤثر بدوره تأثيرا سلبيا على المنقطعين (100 الف تلميذ ينقطعون عن الدراسة سنويا قبل سن 16 سنة) ومثلهم يغادر مقاعد الدراسة في مرحلة ثانوية بدون أي كفاءة علمية أو رقابة أسرية أو تاطير مجتمعي. فيتحولون بالتالي الى قنبلة موقوتة في وجه أنفسهم وفي وجه المجتمع. وعن الأسباب التي تدفع بالجناة الى استهداف كبار السن تحديدا أوضح محدثنا أن استهداف هذه الشريحة من الضحايا بسبب هشاشة وضعهم الصحي والعائلي، وأهم من ذلك وفق قوله أن هناك عامل آخر يعكس أزمة دولة وأزمة مجتمع وهو ان أي ثورة اجتماعية لا تترافق مع ثورة ثقافية ولا تترافق مع فتح أفق جديد للشباب تتحول من فرصة للتحرر الإجتماعي والفردي الى فرصة لبروز وظهور أكثر الغرائز البشرية البدائية والمتوحشة وبالتالي يصبح هدف هؤلاء ليس فقط سرقة الضحايا بل اغتصابهم والتنكيل بهم وهذا يعكس وحشية هؤلاء. وحمّل الدولة المسؤولية معتبرا أنه من واجبها الأخلاقي والسّياسي والقانوني حماية الفئات الهشة وعلى رأسهم الأطفال والشيوخ. من جانبه اعتبر حاتم عشاش مختص في الأمراض العقلية والنفسية انه لا توجد تركيبة نفسية مشتركة بين المجرمين مرتكبي جرائم القتل البشعة والتي تستهدف سواء كبار السن أو غيرهم مشيرا أن جريمة القيروان على سبيل المثال فقد ارتبطت باستهلاك الجاني أو الجناة المخدرات معتبرا أنها جريمة منظمة لأنها لم تكن فردية مضيفا أن الجريمة المنظمة يسبقها تخطيط بين أفرادها وقد طالت الجريمة المنظمة دواليب الدولة على غرار السرقات والإغتيالات السياسية عكس الجريمة الفردية التي تكون عادة وراء مرتكبها عدة مؤثرات نفسية واجتماعية. وعن اسباب تفشي هذا النوع من الجرائم أو غيرها اعتبر محدثنا أن النفس البشرية أصبحت ليس لها قيمة فتجد الجاني لا يعترف بالآخر ويرى أنه لا بد من القضاء عليه، مؤكدا أنه لا يوجد قاسم نفسي مشترك بين الجناة مرتكبي جرائم القتل فكل شخص يمكن أن يرتكب جريمة في ظروف معينة لإنعدام الضوابط الداخلية وذلك يعود الى التنشئة الإجتماعية والظروف الإجتماعية والإقتصادية. فهناك من تربى في وسط ليس فيه عنف ورغم ذلك يتحول الى مجرم فلا توجد قاعدة ثابة فكل جريمة لديها ظروفها وملابساتها وكل مجرم لديه خصوصياته ومساره. وأوضح محدّثنا انه في علم الجرائم لا توجد قاعدة وحيدة تدفع بشخص لإرتكاب جريمة اذ أن هناك عدة عوامل تدفع الى الجريمة لذلك فكل جريمة لديها تفسيراتها وأسبابها. وحمل المسؤولية الى الترويكا والسلطة الحالية في تفشي الجريمة في تونس مشيرا أن هناك خروقات قامت بها ليس فقط الترويكا ولكن الحكومة الحالية اذ اصبح المناخ الإجتماعي العام يسوده التطاول على القانون لأن السلطة نفسها لا تحترم القانون بدليل انها مررت قانون المصالحة غير الدستوري رغم رفضه وأصبح بالتالي المناخ الإجتماعي العام لا يحترم فيه القانون. وجعلت الناس يتطاولون على القانون.