أجرت صحيفة القدس العربي حوارا مع القيادي بحركة النهضة علي العريض . وفي ما يلي نص الحوار: - ما هو تقييمكم للوضع السياسي الراهن في البلاد في إطاره الوطني والإقليمي والدولي؟ - تمر تونس بمرحلة هامة من تاريخها الحديث هي إفراز المؤسسات الدستورية على ضوء الدستور الجديد الذي قنن الحقوق والحريات والنظام الديمقراطي، وفي الوقت الذي تنتخب فيه تونس برلمانها ورئيسها وتشكل حكومتها فإنها تواجه تحديات اقتصادية ومالية وأمنية تحتاج منا مواصلة ومضاعفة التركيز عليها بعد الانتخابات لتسريع نسق الإصلاحات المالية والجبائية والاستثمارية وترشيد الدعم... إلخ. هذا زيادة على حماية الحرية وترسيخ الثقافة الديمقراطية وملاحقة الإرهاب والجريمة. ومن ناحية أخرى فإن تونس تحظى باحترام ودعم الدول الديمقراطية، ولكنها كذلك ليست في مأمن من استهداف مكتسبات ثورتها وديمقراطيتها الناشئة وكل هذا يحتاج منا إلى يقظة حماية لمكاسبنا واستقلال قرارنا الوطني وخيارات شعبنا السيادية. - في تقييمكم لنتائج الانتخابات التشريعية هل ترون أنكم منيتم بهزيمة أم تراجعتم نتاج تحملكم مسؤولية الحكم في مرحلة صعبة، وهل ما زلتم فاعلا رئيسيا في المشهد السياسي؟ - الانتخابات التشريعية غيرت المشهد الحزبي في تونس وهذا مفهوم. وبالنسبة لحركة النهضة فقد ثبتتها كحزب كبير وإن لم تحصل على المرتبة الأولى، ولذلك فإن مسؤولية حركة النهضة كانت وستبقى كبيرة في حماية الحرية والديمقراطية من كل تراجع أو تهديد. ولاشك أن تجربة الحكم وخاصة بعد الثورة تُكلف الأحزاب الحاكمة بعض التراجع في الشعبية نتيجة كثرة الطموحات المشروعة والعاجلة للجماهير وعدم قدرة أي نظام على تلبيتها كلها في وقت قصير. لكن حركة النهضة وشركاءها نجحوا في حماية الحرية والمسار الديمقراطي والانتقال السلمي والوحدة الوطنية وحل كثير من القضايا الاجتماعية وإجراء العديد من الإصلاحات وتحقيق نسبة نمو أكثر من 3 بالمائة سنويا، ونتيجة لكل ذلك فنحن في تونس نجري اليوم انتخابات ديمقراطية بشهادة العالم كله. - كيف تفاعلتم مع دعوات حل بعض الهيئات الدستورية وبعض الأحزاب بسبب مواقفها السياسية وطرد أئمة والدعوة إلى محاكمة الخصوم؟ - كل التصريحات أو الأفعال المناهضة للديمقراطية أو للوحدة الوطنية أو لحقوق الإنسان نحن ضدها وننبه دائما إلى ضرورة تجنب ما يؤدي إلى الانقسام أو يزرع الكراهية أو يبعث الخوف في الشعب. نحن دعاة توافق ووحدة وطنية واحترام للدستور ولمكاسب الحرية والديمقراطية ولمضاعفة الجهود وتعاضدها من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للثورة. - هل أنتم مستعدون للمشاركة في الحكومة بالكيفية نفسها للعب دور المعارض البناء؟ - حركة النهضة دعت منذ أشهر عديدة وحافظت على موقفها المتمثل في أن تشكيل حكومة وحدة وطنية هو الأنسب لبلادنا والأضمن لوحدتها وقدرتها على القيام بالإصلاحات الكبرى ومواجهة التحديات وما زلنا على هذا الموقف وجوهره اتباع نهج الشراكة والتوافق وسنقوم بدورنا الوطني من خلال كتلتنا في البرلمان ومن خلال سياستنا ومواقفنا كحزب وطني سواء تشكلت حكومة وحدة وطنية أو كنا في المعارضة. - هل ستقبلون بأن يشترط عليكم حزب نداء تونس عدم تقديم أسماء بعينها للحكومة؟ وهل تقبلون أيضا شرط المساندة المطلقة لمرشحه للرئاسة؟ - موقف النهضة الذي أعلنته قبل الدورة الأولى هو التفويض لأبنائها وأنصارها وكل من يعتمد على رؤيتها التفويض لهم في انتخاب الرئيس الأقدر على حماية الحرية والديمقراطية ووحدة الوطنية واستقراره. كما دعونا الشعب الكريم إلى ممارسة حقه والقيام بواجبه في هذه الانتخابات التشريعية والرئاسية. ما زال هذا موقفنا اليوم ونحن بصدد دراسة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية لاتخاذ ما نراه مناسبا سواء ثبتنا موقفنا هذا أو أدخلنا عليه تعديلا. نحن سنتعامل ونتعاون مع رئيس تونس المقبل الذي ستفرزه الانتخابات رئيسا لكل التونسيين ومن أجل مصلحة تونس - كيف تعلقون على أحكام البراءة الصادرة في حق الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ومساعديه؟ - ما حصل في مصر الشقيقة هو شأن الشعب المصري ونسأل الله له التوافق والاستقرار والازدهار. - ماذا تقول للشعب التونسي في ختام هدا الحوار؟ - لقد أنجزت أيها الشعب العزيز بالثورة والدستور والانتخابات والوفاق الوطني ما جلب لنا احترام العالم وإعجابه، ومثلت لبناتك وأبنائك كنزا كبيرا لا يفنى على مر الأجيال، فلا تفرّط في الحرية والديمقراطية والنهج السلميّ، إنه طريق الكرامة وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وطريق المناعة أمام من قد يسعى إلى تهديد مكاسبنا سواء من الداخل أو من الخارج. كن واثقا بأنك أهل للحرية والديمقراطية والاستقرار والازدهار. وبأن مثابرتك على المسار الذي بدأناه بالثورة رغم ما فيه من عقبات سيزيد من كرامة أجيالنا وعلو مقامها. والله أسأل أن يحفظ تونس وكل أشقائنا العرب ويسدل عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، إنه سميع مجيب.