عانى الباعثون الشبان في مختلف المجالات، ومنها المجال الفلاحي، الكثير والكثير خلال النظام السابق، سبب سياسة الشعارات الجوفاء، وما يصاحب هذه السياسة من التعقيدات والتعطيلات الادارية التي تعترض الشباب، باعثي المشاريع، فتعرقل سبيلهم نحو تنفيذ افكارهم ومشاريعهم وطموحاتهم. ومن الطبيعي أن يقع إهدار الكثير من الوقت والجهد والمال أيضا (مصاريف مراحل متابعة تحقيق المشروع، باعتبار مكوّنات الملف من الوثائق المتراكمة والمطالب المتعددة).. وقد كان الباعث الشاب لأحد المشاريع الفلاحية بڤبلّي، وهو بوبكر الفيتوري، عرضة الى كل ما ورد ذكره من التعطيلات والصعوبات، الى أن بدأت بوادر الانفراج تلوح، مع اندلاع الثورة.. ولكن.. صعوبات وعراقيل ادارية للحصول على هذه الرخصة القانونية يقول بوبكر الذي قدم ل«الصريح» متأبّطا ملفا يحتوي حزمة من الاوراق والوثائق تختزل مشوار التعب من «ارجع غدوة» ومن تعقيدات البيروقراطية بإدارتنا التونسية، ولاسيما في النظام السابق: «لا أحلم الآن.. وقد أمكن لي تذليل أكثر ما يمكن من الصعوبات في طريق مشروعي الفلاحي البيولوجي المتمثل في إحداث وتطوير واحات وأشجار مثمرة وخضراوات وعلف، سوى الحصول على الترخيص القانوني من أجل حفر بئر سقوية ونقاط مياه حيث الضيعة التي أعتزم تنفيذ المشروع بها.. فلقد طال الصبر والانتظار، كما أن سنوات العمر تمر سريعا وبعد الثورة، وزوال النظام الفاسد الذي كان يسود فيه التوزيع غير العادل للثروات، ومنها الماء، لا يشغل بال الباعث الشاب بوبكر الفيتوري، إلا كيفية التسريع بحل اشكالية التمكّن من الرخصة لحفر البئر السقوية. وتجدر الاشارة الى أن محدّثنا قد اقتنى على مستوى منطقة غيدمة بمعتمدية الفوار من ولاية ڤبلي، قطعة الارض التي تسمح 12 هكتارا لإقامة مشروعه في إحداث وتطوير الواحات والاشجار المثمرة والخضراوات في إطار توسعة الاعلاف وتربية الماشية.. ولكن، لم يكن من السهل الانطلاق في تنفيذ المشروع رغم أنه من صنف المشاريع التي توفّر مواطن الشغل لأبناء الجهة، وذلك، وفق ما تضمّنه ملف مشروع أخينا بوبكر. فجرّاء صعوبة استغلال نقطة المياه، وهي البئر المحدثة منذ 15 سنة، ومستغلة من 12 فلاحا، ضمن المساحة المشجّرة نخيلا بالمساحة الجملية المقتناة للأرض الفلاحية البيضاء، تعثّر تنفيذ المشروع، ممّا استوجب الجري من إدارة الى إدارة، ومن وزارة الى وزارة، بحثا عن التدخل لفضّ الاشكال العالق، المتمثل في الترخيص القانوني لحفر البئر السقوية. حتى لا يُتلف مشروعي وتتضاعف المصاريف ويتبخّر الحلم «كلّما تمّ التسريع في إسنادي الترخيص القانوني للشروع في استغلال البئر السقوية، أمكن إنقاذ مشروعي من الضياع والتلف، وأنا من أنفقت عليه أكثر من 60 ألف دينار، وأنوي من خلاله حلّ مشكل البطالة، لعشرات من أبناء الجهة، اضافة الى ما أنفقته من الوقت والجهد وكذلك من المصاريف، في المراسلات والمطالب والنداءات الموجّهة الى المصالح والادارات الجهوية، والوزارات المعنية.. ويضيف بوبكر الفيتوري، أنه بعد الثورة، بدأت الادارة التونسية تتحسّس الطريق للمصالحة، مع المواطن والقطع مع الماضي من خلال المساعي والمحاولات الجادة، الى تقبّل تشكياته، والاصغاء الى مشاغله ومشاكله. واستدلّ على كلامه، بكونه قد لقي التجاوب والقبول بعد طرح مشكلته، كباعث شاب، على السلط الجهوية بڤبلي، كما أن المصالح المعنية بمكاتب العلاقات مع المواطن صلب الوزارة الاولى، لم توصد في وجهه الابواب، بل تعاملت معه بشيء من الوضوح والشفافية ذلك أنه اثر الاطلاع على الملف، وعلى طبيعة الخدمة او المشكلة المراد ابداء الرأي فيها، وقع ارشاده بتوجيه ملفّه الى الجهات المعنية بوزارة الفلاحة. ونظرا الى أن في حوزة هذه الوزارة الآن، والتي يرأسها الوزير المؤقت بالحكومة الانتقالية محمد المختار الجلاّلي، المعلومات الكاملة حول الملفّ فإن المطلوب حسب مستجوبنا الذي مضى على البدء في انجازه للمشروع، حوالي 3 سنوات أن يتم التسريع في الترخيص القانوني له، باستغلال نقاط المياه السقوية المتواجدة بالضيعة في الارض المقامة عليها المشروع الذي سيفتح ابواب التشغيل للعديد من ابناء جهة ڤبلي. وفي اعتقادنا، أنه بعد سقوط النظام البائد، من الضروري ايلاء المزيد من الاهمية الى كل أصحاب الافكار، وباعثي المشاريع الفلاحية من شبابنا وشاباتنا، خرّيجي الجامعات وحاملي الشهائد العليا أو غيرهم، لأجل المساهمة من خلال رهان المشاريع الفلاحية، في ازدهار الاقتصاد وتوفير مواطن الشغل.